هل تحلم بامتلاك سيارة أوروبية فاخرة؟ .. ذلك الحلم أصبح ممكنًا في غضون 8 سنوات فقط، بعد تطبيق الإعفاءات الجمركية علي السيارات ذات المنشأ الأوروبي طبقًا لاتفاقية الشراكة الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي، التي تنص على إلغاء الجمارك نهائيًا على سيارات الأخير بحلول عام 2019، مقابل السماح للصادرات المصرية بدخول السوق الأوروبية بدون جمارك منذ بدء سريان الاتفاقية فى 2004. طبقا للاتفاق يتم خفض الجمارك 10% سنويا بدء من العام الماضى. ورغم المزايا التي تقدمها هذه التخفيضات للمستهلكين، إلا أن العاملين بمجال صناعة التجميع وأصحاب المصانع يؤكدون أنها ستسبب ضررًا لهم حال عدم التزام الحكومة ببرامج التحفيز التي وعدتها بهم، لاسيما في ظل تنفيذ المرحلة الأولى لتخفيضات الجمارك علي السيارات ذات المنشأ التركي مع بدء يناير الحالي بواقع 10% من ضريبة الوارد على جميع السعات اللترية لتنتهي الجمارك تمامًا على السيارات التركية في عام 2020، طبقًا للاتفاقية التي وقعتها وزارة التجارة والصناعة، وتقضي بمعاملة السيارات التركية نفس معاملة نظيرتها الأوروبية.. وليد توفيق، عضو شعبة السيارات بالاتحاد المصري للغرف التجارية ورئيس الشركة الوطنية للسيارات، أكد أن مردود هذه التخفيضات على السوق المصرية سيكون إيجابيًا لصالح المستهلك، ولن تتعرض صناعات تجميع السيارات المحلية في ظل وعود وزارة التجارة والصناعة بتنفيذ استراتيجية السيارات التي ستمنح من خلالها دعما لإنتاج السيارات بمصر. وأوضح توفيق، وكيل "كيا" السابق والوكيل الحالي لسيارات "وامكو "و"نوبل" و"فاو" الصينية، أن شريحة السيارات الأوروبية الموجودة بالسوق "قليلة عند مقارنتها بالآسيوية والأمريكية، وذلك بسبب ارتفاع قيمة اليورو، وبالتالي سيكون تأثير التخفيض خلال 2011 محدود ، فتطبيق المرحلة الثانية من الإعفاءات الجمركية يجعل نسبة الجمارك 40 % من قيمة السيارة الأوروبية بسعة محرك أقل من 1600 "سي سي"، وباستطاعة الشركات المحلية استيعاب ذلك. وقول توفيق أن التأثير الحقيقي سيبدأ مع حلول العام الخامس لتطبيق التخفيضات، فحينها ستنخفض الجمارك 50%، بما يعني أن السيارة التي تدفع 40 ألف جنيه ستدفع 20 ألفًا . وأكد أن معدل رواج السيارات الأوروبية بالسوق المصرية خلال العام الحالي سيكون مشابها للعام الماضي، ومن الممكن أن يزيد بنسبة تتراوح بين 10 و15% فقط. وحول تأثر السيارات اليابانية والصينية الموجودة بالسوق بالتخفيضات المتتالية لأسعار السيارات الأوروبية والتركية القادمة لمصر، قال توفيق إن الشركات المصنعة دائمًا تدعم السيارات بالأسواق الخارجية، وفي ظل انخفاض الأسعار عالميًا والمنافسة الشديدة ستخفض تلك الشركات أسعارها بما يتماشى مع تأثير التخفيضات الجمركية للسيارات الأوروبية. وأوضح أنه عندما تصل الجمارك على السيارات الأوروبية إلى صفر في المائة من المفروض أن يكون حينها المنتج المحلي قد حصل على دعمه المفروض على كل سيارة، يتم إنتاجها بجانب نسبة زيادة المكون المحلي بالتصنيع، وسيغطي هذا الدعم فارق السعر مع المصنعين. وأوضح أن الشركات الأوروبية تعمل حاليًا في مصر، وبالتالي لن تزيد عدد مصانعها أو وكلائها بالسوق المحلية كما يردد البعض ، حيث تشمل ماركات معروفة ك "مرسيدس، وفولكس فاجن، وبورش، وأوبل ، وبي إم دابليو".. . عبد المنعم سعودي، رئيس رابطة مصنعي السيارات بمصر ورئيس مجلس إدارة مجموعة سعودي، أوضح أنه كلما تزداد نسبة التخفيضات الجمركية سيتأثر العاملين بالتجميع المحلي تدريجيًا، مضيفًا: من المفروض أن الدولة ستعطى حافزًا من خلال إستراتيجية دعم صناعة السيارات، فكلما تزيد نسبة المكون المحلي ترتفع نسبة الحافز . وأوضح سعوي، وكيل سيارات "سوزوكي" ووكيل "نيسان" السابق، أن تركيا دخلت على خط التخفيضات هي الأخرى، وسيكون لها أثر أكبر بالسوق المحلية، لأن سياراتها أرخص من نظيرتها بدول الاتحاد الأوروبي، نافيًا ما يتردد عن أن شريحة السيارات الأوروبية قليلة بالسوق المحلية، فبالنسبة للسيارات أقل من حجم 1600 سي سي، توجد شريحة جيدة جدًا تقدر بنحو 15% للأوروبيين، وعندما نرصد سوق السيارات الفخمة نجد أن أوروبا تمتلك شريحة تقدر ب 5% من السوق. وأضاف: اتفاقية الشراكة الأوروبية تنص على إلغاء الجمارك نهائيا بحلول سنة 2019، أما تركيا فستصبح الجمارك على سياراتها صفر عام 2020، وحينها ستتعرض بعض المصانع المحلية للإغلاق، وسيصبح الاستيراد أفضل بالنسبة لهذه المصانع، مشًيرا إلى أن الأمل في إنتاج سيارة مصرية مائة بالمائة انتهى تمامًا، في ظل العولمة وانتقال المكونات، حيث توافرت الجودة والسعر المناسب بأي مكان بالعالم. وبدأ د.محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، حديثه معنا بوصف "تجميع السيارات" بالجريمة التي تصب في صالح عدد قليل من رجال الأعمال، معتبرًا الاستيعاض بها عن صناعة سيارات مصرية حقيقية "كارثة"، حيث نجحت بعض الدول المجاورة كالمغرب في اقتحام صناعة السيارات، رغم أننا سبقناها بهذا المجال، وأسسنا شركة إنتاج كما امتلكنا صناعات مغذية جيدة. وأعرب النجار دعمه لأي تخفيض يصب لصالح المستهلك، إلا أنه حذر الحكومة من رفع ضريبة المبيعات على السيارة بما يحرم من الفرصة التي تمنحها التخفيضات الجمركية، لاسيما أن أغلى ثمن للسيارات بالعالم كله يدفعه المصريون ، حتى أن المواطن السعودي يشتري بعض ماركات السيارة بعشر الثمن الذي يحصل عليها المواطن المصري . ولفت إلى أن التخفيضات الجمركية تصب لصالح التنافسية وتشجعها بما يسمح بتنويع فرض الاختيار أمام المستهلك وتقليل الأسعار، على عكس صناعة التجميع التي تعتبر عنصر تقويض للفرصة التي كانت متاحة لتدعيم صناعة السيارات .. أما د.إكرم بدر الدين، الأستاذ بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، فقال إن الجمارك عندما تتخفض بنسب مئوية سنوية سيصب ذلك في صالح المستهلكين، كما يمكن للدولة التدخل للحفاظ على الصناعة المحلية عبر فرض بعض الرسوم .. وأضاف أن التخفيضات الجمركية لا تصب في صالح طرف واحد فقط، فإن كانت السيارات ستدخل بأسعار مخفضة تدريجيًا، فهناك بضائع مصرية أخرى تدخل السوق الأوروبية أيضًا بجمارك مخفضة وبالتالي المنفعة مزدوجة. وأشار إلى أن هذه التخفيضات تعمل على توسيع حجم التجارة الدولية وزيادة الاستهلاك بما يرفع قيمة الاستثمارات ويعزز التنافسية ، مشيدًا بتطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا ومعاملة سياراتها بالمعاملة الأوروبية نفسها ، الأمر الذي سيعود بالنفع على العلاقات الاقتصادية بين البلدين مستقبلاً. د.مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أكد أن دخول تلك السيارات للسوق المحلية سيعمل على خلق منافسة شريفة ، ويجبر مصانع التجميع على تحسين منتجاتها وجودتها لكي تصل لمستوى المنتج نفسه القادم من الخارج .. وأضاف أن التخفيض يصب في صالح المستهلك النهائي الذي سيكون أمامه العديد من الفرص للاختيار بينها، نافيًا ما يتردد عن أن سعر السلع الأوروبية غالية، وبالتالي ستكون أسعارها مرتفعة مهما كانت التخفيضات، موضحًا أن الشركات ستعمل على تخفيض أسعارها لكي تتناسب مع قدرات المستهلك المصري الذي ستصب هذه التخفيضات لصالحه في النهاية. وحول مواجهة بعض صناعات التجميع المحلي شبح الإغلاق ، قال الشريف: في اتفاقيات الجات ممكن للدول التدخل عبر حوافز "سعرية" وليس "جمركية"، من بينها فرض ضريبة مبيعات أو ضريبة استهلاك أو تحفيز للسوق المحلية .