قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة، بمعاقبة مدير إدارة هندسة التجهيزات والصيانة بالإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة، بخفض درجة للوظيفة الأدنى، لامتناعه عن فحص أجهزة علمية بصفته المهندس المختص والمتدرب على هذه الأجهزة، والاستيلاء عليها لنفسه. جاء ذلك في الدعوى التي حملت رقم 27 لسنة 59 قضائية، وذكرت الدعوى أنه ما ترتب على امتناعه عدم إدراج الأجهزة بسجلات المخازن بإدارة المخازن المركزية للمعامل بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة رغم تدريبه على تلك الأجهزة بالولايات المتحدةالأمريكية. وتبين للمحكمة أنه استولى لنفسه دون وجه حق، على تلك الأجهزة العلمية المملوكة لجهة عمله والمسلمة إليه، بسبب وظيفته، وامتنع عن ردها حال مطالبته بذلك. وقضت ببراءة مدير إدارة المخازن بالإدارة المركزية لوزارة الصحة، الدرجة الثانية، فيما نسب إليه من تقاعسه عن اتخاذ الإجراءات المخزنية المقررة بشأن فحص وإضافة أجهزة المعايرة الواردة من معامل ساندي بأمريكا كهدية لوزارة الصحة المصرية اعتبارًا من 21/7/2015 حتى 26/12/2015، وسماحه لمدير إدارة هندسة التجهيزات والصيانة بالإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة باستلام أجهزة المعايرة بتاريخ 23/8/2015 قبل إدراجها بدفاتر المخازن بالإدارة المركزية للمعامل ودون اعتراض على التصريح بالمخالفة للقانون، وذلك لأن عدم فحص الأجهزة كان يمثل عقبة مادية فى إضافتها إلى دفاتر المخزن، ولا يغير من هذا ما ورد بشهادة مفتش مخازن بالإدارة المركزية للتفتيش بالهيئة العامة للخدمات الحكومية من مسئوليته عن تلك المخالفة، حيث لم توضح التحقيقات حدود مسئوليته في ضوء عدم فحص الأجهزة، ومن ثم وجود مانع من استلامها، فضلًا عن وجود تناقض في شهادته بهذا الشأن، حيث ذكر في التحقيقات أن الأجهزة وردت إلى إدارة المخازن بتاريخ 21/7/2015، ولم يتم إضافتها إلى دفتر المخزن، بسبب أنه يتعين فحصها بمعرفة المختصين، ثم يتم إضافتها إلى الدفاتر، وهو ما لم يتم. كما قضت بعقوبة اللوم لرئيس الإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة بدرجة مدير عام، لتصريحه مدير إدارة هندسة التجهيزات والصيانة بالإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة، وذلك لأنه بتاريخ 20/8/2015 وافق على استلام أجهزة علمية دون إثباتها بالدفاتر المخزنية بإدارة المخازن المركزية بوزارة الصحة بالمخالفة للائحة المخازن. وذكرت المحكمة أن موافقته على خروج الأجهزة لا يعفيه من المسئولية اشتراط أن يكون ذلك في ضوء القواعد المتبعة، حيث إنه كان يتعين أن يكون أكثر دقة ووضوحاً لماهية تأشيرته، وذلك بتحديد اشتراط إضافة الأجهزة للمخازن قبل السماح بخروجها، وهو الأمر الذي لم يقم به وهو الأمر الذى يشكل مخالفة تأديبية في حقه تستوجب معاقبته. قالت المحكمة في حيثيات حكمها أن الدقة والأمانة المتطلبة من الموظف العام تقتضيه أن يبذل أقصى درجات الحرص على أن يكون أداؤه للعمل صادرًا عن يقظة وتبصر بحيث يتحرى فى كل إجراء يقوم باتخاذه، ما يجب أن يكون عليه الرجل الحريص من حذر وتحرز، فإذا ما ثبت في حق الموظف أنه أدى عمله باستخفاف أو غفلة أو لا مبالاة كان خارجًا بذلك عن واجب أداء العمل بدقة وأمانة، ومن ثم يكون مرتكبًا مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولو كان الموظف حسن النية سليم الطوية، لأن الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد، وإنما هو يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي على الوجه المطلوب. وأضافت أنه بات مستقرًا في قضاء هذه المحكمة، أنه لا تصلح الحاجة نفيًا للمسئولية عن العامل بالقول بأنه لم يكن سيء القصد، وأن ما نسب إليه لم يصدر عن إرادة آثمة، ذلك أنه لا يشترط لتحقق المسئولية عن المخالفات التأديبية أن يكون الفعل غير المشروع الذى ارتكبه العامل إيجابيًا أو سلبيًا - قد تم بسوء قصد أو صدر عن إرادة آثمة، وإنما يكفى لتحقق هذه المسئولية أن يكون العامل -فيما آتاه أو امتنع عنه- قد خرج على مقتضى الواجب فى أعمال ونيته، أو أتى عملًا من الأعمال المحظورة عليه قانونًا، دون حاجة إلى ثبوت سوء القصد أو الإرادة الآثمة لديه. صدر الحكم برئاسة الدكتور محمد جابر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضويه المستشارين محمد هشام نصر وشريف مجدى فتح الله نائبًا رئيس مجلس الدولة.