تتوالى محاور عديدة نحو الوساطة بين قطر والدول المقاطعة لها، حيث اتخذت الكويت دور الوساطة أولًا، تليها الولايات المُتحدة الأمريكية، إلا أن جاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكي يمثل دور الوسيط في الأزمة الخليجية. وأجمع خبراء دبلوماسيون، أنّ السبب وراء زيارة أردوغان لدول الخليج ليس إلا إرضاء السعودية بعد الخطوات التصعيدية التي اتخذها مع قطر. السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، قال إنّ أردوغان لا يصلح للوساطة لأنه شريك في تعميق الأزمة القطرية، مشيرًا إلى أنه لا يملك حق الوساطة، ويفتقد أهم عناصرها وهي "الحيادية"، فضلًا عن أنّ تركيا يحكمها تنظيم الإخوان المسلمين، والذي هو قلب الأزمة الحالية. وشبه العرابي، تلك الزيارة ب"التجميلية"، حيث إن أردوغان يسعى لكسب رضى السعودية بتعاملاتها الضخمة مع تركيا من ناحية، والتدخل في عُمق الأزمة بتواجده في قطر من ناحية أخرى. وأضاف وزير الخارجية الأسبق، أنّ قطر تريد أن تصنع مركزًا للردع خوفًا من الدول العربية وصنعت ذلك بالفعل لكن بشكل وهمي، مشددًا إلى أن قطر تلاعبت بتوازنات القوى الإقليمية بالمنطقة وقد لا تدرك خطورة ذلك الأمر. في السياق ذاته، أوضح السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنّ علاقة تركيا بالمملكة العربية السعودية قوية جدًا، وقد بُنيت مُعظمها على الشِقّ الاقتصادي، مشيرًا إلى أن سعيّ تركيا نحو مصالحها بالخليج سوف تجعله يصطدم بالسعودية التي تُعد قوة إسلامية وإقليمية لا يُستهان بها، فضلًا عن خوف أردوغان من إفساد المصالح المُشتركة بين البلدين، مما جعله يسعى لتقليل خسائره. وتابع القويسني، أنّ أردوغان رأى أن مصر قد أخذت مكانها للتعاون مع السعودية، خاصًة في التحالف الرباعي المُقاطع لقطر، مضيفًا أنّه في محاولة له بإصلاح جزء من سياسته الخارجية، حيث تمكن أردوغان من إدارة بعض الأزمات مع الولاياتالمتحدة وروسيا، ويأتي الدور على المملكة السعودية ليصلح ما أفسده ولتحسين وجهة من خلال سرد تفاصيل وقوفه بجانب قطر في وجه الدول العربية، وتبرير فعله بأسباب موضوعية، وإنه لا يعني من تدخله تقوية قطر أمام السعودية ودول الخليج. وذكر القويسني، أنّ الشعب القطري يثق في أردوغان، وانطلاقًا من تلك الثقة أصبح وسيطًا من نوعٍ جديد، وهو توصيل رسائل السعودية إلى قطر على لسانه، موضحًا أن أردوغان هنا ليس إلا "وسيلة مُستخدمة"، لأنه مصدر ثقة لدى العائلة القطرية الحاكمة، ولهذا السبب شَمِلت زيارته الكويت التي تُعد وسيط في الأزمة، لكي ليعلم ما فعلته الكويت في وساطتها لكي يقوم بتجويد أداءه. وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنّ خطاب تميم الذي احتوى على ضروب من التناقض، الجمعة الماضية، كان يُعد خاتمة للوساطة لحل الأزمة، حيث طلب التفاوض في إطار احترام السيادة والكرامة لأطراف الأزمة. وأشار هريدي، إلى أنّ أردوغان لا يصلح كوسيط بعد تصريحاته في مؤتمر صحفي عقده بمطار أتاتورك بمدينة إسطنبول والإجراءات المُتخذة كانت كافية لإثبات إنحيازه تجاه الجانب القطري، والتي أغضبت المملكة العربية السعودية، مشيرًا أن هدفه الآن هو محاولة إرضاء السعودية. وأردف هريدي، أنّ هناك اتفاقا بين الدولتين للمشاركة الاستراتيجية ولكن بالخطوات التركية الأخيرة أصبحت تلك الاتفاقيات مُهددة، موضحًا أن الأزمة ليست مع قطر وحدها ولكن مع ثالوث الإرهاب وهما تركياوقطر والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وكانت قطر هي المتصدرة للمشهد منفردًا إلى أن ظهر باقي الأطراف مؤخرًا. وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنّ الهدف من المسرحية هو إرضاء المملكة العربية السعودية، حيث إن زيارة أردوغان لدول الخليج لن يأتي بجديد على الجهود الدبلوماسية الأمريكيةوالكويتية نحو الأزمة.