بدأت فكرة البنوك الإسلامية في مصر بتجربة بنوك الادخار المحلية بمدينة غمرة بمحافظة الدقهلية عام 1963، من خلال ايجاد بديل مصرفي غير ربوي للاسهام في التنمية المحلية، ولم تحمل صبغة اسلامية، ووصل عدد فروعها تسعة، ومليون عميل وتم اجهاضها سياسيا بعد اربع سنوات. وفي عام 1971 صدر قانون بانشاء بنك ناصر الاجتماعي كاول بنك اسلامي اجتماعي، ولم يتم اخضاعه لقوانين البنوك منذ إنشاء البنك، وبعد التوقيع علي اتفاقية إنشاء البنك الإسلامي للتنمية في جدة عام 1974 ، وانشاء عدد من البنوك الإسلامية في بعض الدول العربية مثل الامارات والسودان والكويت والبحرين تم إنشاء اول بنك اسلامي هو بنك فيصل الإسلامي عام 1978، ثم بنك المصرف الإسلامي للاستثمار والتنمية عام 1979، والذي تآكل رأسماله فتم دمجه في ثلاثة بنوك ليصبح المصرف المتحد حاليا والذي وصلت 70 في المائة من تعاملاته مصرفة اسلامية وفقا لما ذكره محمد عشماوي رئيس البنك، والذي يجد في المعاملات الإسلامية مستقبلاً كبيراً في السوق المصري. وأصدر البنك المركزي المصري عام 1981 الموافقة للبنوك التقليدية علي إنشاء فروع اسلامية، ثم تم إنشاء بنك التمويل المصري السعودي والذي تم تحويل اسمه مؤخرا إلي البركة مصر. وخريطة بنوك المعاملات الإسلامية في مصر تتمثل في بنك ناصر، وفيصل الإسلامي والبركة، ويسعي بنك التنمية الوطني إلي تحويل جميع معاملاته إلي المصرفة الإسلامية، وكذلك بنك المصرف المتحد والذي يمتلكها البنك المركزي. ويظهر واضحاً أن النظام السابق كان العقبه الاساسية في طريق نمو بنوك المعاملات الإسلامية، والقادرة علي جذب مدخرات واستثمارات الراغبين في التعامل مع البنوك الإسلامية خاصة أن المناخ العام كان يتهم دائما البنوك الإسلامية الحالية بأنها لا تختلف كثيرا عن البنوك التقليدية. يعترض الدكتور عزت عبد الله عبد الحليم، المدير الاقليمي السابق لفروع المعاملات الإسلامية للبنك الوطني للتنمية، عضو هيئة التدريس باكاديمية طيبة، علي مقاولة البنوك الإسلامية، موضحا أن هذا يعني أن كل ديانة سماوية لها بنوك متخصصه بها. وأوضح أن الاسم الدقيق هي بنوك المعاملات الإسلامية، وهذه المعاملات تأخذ اهتماماً كبيراً من دول العالم وخاصة اوربا خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، والاعتراف باهمية الاقتصاد الإسلامي وخاصة بنوك المعاملات الإسلامية، حيث تعتمد علي الاقتصاد الفعلي وليس الورقي، الفعلي الذي به حركة تبادل وبضائع ومنتجات فعليه وليس عقوداً وسندات وبنكنوت المطبق حاليا في البنوك التقليدية. وأضاف عزت أن هناك اهتماماً ببنوك المعاملات الإسلامية لحماية الاقتصاد، وجذب مدخرات العالم الإسلامي، والتعامل مع ملايين المسلمين في العالم، بالإضافة إلي أن تطبيق فكر المعاملات الإسلامية في دول شرق اسيا والتغلب علي كثير من مشاكلهم حيث يعمل هذا الفكر علي علاج الركود التضخمي والانكماش الاقتصادي. وتوقع تزايد الاهتمام ببنوك المعاملات الإسلامية في مصر خلال الفترة القادمة مع صعود التيار الديني للبرلمان، خاصة أن هناك العديد من البنوك التقليدية الحالية لديها فروع للمعاملات الإسلامية مثل بنك مصر لديه 35 فرعاً للمعاملات الإسلامية. وطالب بضرورة نشر الوعي المصرفي بمعاملات الفروع الإسلامية، وقيام اتحاد بنوك مصر والبنك المركزي بوضع آليات تطوير فكر المعاملات الإسلامية عن طريق ندوات أو لجنة خاصة بالبنك المركزي وتتم الاستعانة بالخبراء المصرفيين الذين عملوا في هذا المجال مع تقوية روح التعاون مع الدول التي لديها بنوك معاملات إسلامية. وعن مستقبل بنوك المعاملات الإسلامية قال الدكتور فياض عبد المنعم، الخبير المصرفي واستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الازهر، إن هذا المستقبل يتوقف علي مجموعة من العوامل الايجابية منها أن صعود التيار الديني يشير إلي وجود قاعدة شعبية ترغب في المعاملات الإسلامية، إلي جانب أنه يزيد الثقة بين الجمهور والبنوك الإسلامية، مما يشجع علي استقطاب مزيد من اموال المصريين في منطقة الخليج والمعروفة بسيطرة الفكر الديني المحافظ، حيث كانوا يشعرون بالتخوف من تحويل جزء من اموالهم وكانوا يفضلون الاحتفاظ بها في البنوك الإسلامية الخليجية. إلي جانب وجود نية لدي نواب الشعب من التيار الإسلامي إلي طرح مقترحات لتعديل قانون الجهاز المصرفي بحيث يكون دائما للبنوك الإسلامية ومعترفا بالخصوصية التي تميزها في تقديم عملها حيث كانت البنوك الإسلامية تعمل تحت ضوابط وقواعد النظام المصرفي بدون اي تغيير وهذا كان يحد من التوسع في عملها، ولكن اعتراف القانون بها يؤدي إلي انطلاق البنوك الإسلامية نحو مزيد من المنتجات الخاصة بها والتي كانت تتردد في طرحها في الماضي، وهذا يأتي مع وجود اتجاه لدي البنك المركزي المصري بقبول هذا التوجه من قبل النواب في المجلس، وترجمتها إلي ضوابط للقواعد خاصة للبنك الإسلامية. وأضاف فياض أن هناك تفكيراً من بعض التيارات الإسلامية في تأسيس بنك اسلامي أو أكثر جديد سمعنا عن بنك النور الذى يعزم انشاءه حزب النور وافكار اخري للتفكير في إنشاء بنك اسلامي، وسوف تحصل هذه الاحزاب علي الموافقات بسهولة إلي جانب حاجة الاقتصاد المصري في المستقبل القريب إلي النمو في الاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق فرص عمالة أكثر لسد العجز في الفجوة التمويلية في الاقتصاد المصري وهذا يؤدي إلي التوسع في العمل المصرفي وخاصة الإسلامية، اما علي مستوي المستقبل المتوسط سوف تشهد ارتفاعاً كبيراً في المعاملات الإسلامية علي مستوي الودائع والقروض. واوضح أن البنوك الإسلامية ستشهد تدقيقاً في مدي شرعية الممارسات المصرفية للبنوك الإسلامية للقواعد والضوابط الشرعية، كما أن مناخ الحرية الذي تعيشه البلاد سوف يجعل العملاء الراغبين في التعامل بالقواعد الإسلامية في المدخرات أكثر جراءة وحرصا علي التأكد من التزام البنوك بالشريعة وطريقة استخدام وتوظيف اموالهم، كما سيتم التفكير في إنشاء منتديات للتمويل الإسلامي ومراكز دراسات وابحاث وتدريب متخصص في التمويل المصرفي والمالي الإسلامي وبروز خبرات استشارية في التدقيق الشرعي للعمالة المصرفية الإسلامية، ونتوقع أن تتجه بعض الجامعات الحكومية والخاصة إلي الاهتمام بتدريس مقررات المصرفية الإسلامية، واسواق المال الإسلامية.