تتميز سلطنة عُمان بأنها تشهد منذ مطلع عقد السبعينيات مبادرات إيجابية متتابعة لتفعيل الاهتمام بالشباب، حيث يؤكد السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان دائماً على الاهتمام العميق برعايتهم فى جميع المجالات. وتتوالى فى هذا الإطار فعاليات إعلامية وشبابية حافلة، فعلى سبيل المثال لا الحصر انطلقت فى رحاب جامعة السلطان قابوس جلسات ملتقى الشباب الإعلامى الأول تحت رعاية الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسنى وزير الإعلام، حيث أكد أن تنظيمه يدل على النضج الثقافى لدى شباب الجامعة. وأوضح أن الشباب هم عماد أى مجتمع. وعقد الملتقى تحت شعار: «إعلام اليوم ما نفس أمس». وبدأ بعرض مرئى توضيحى عن أهمية الإعلام فى حياة كل إنسان متخصص ومهتم بهذا المجال. واستمر الملتقى ثلاثة أيام، متضمناً برامج تستقطب الشباب المهتمين بالإعلام من طلبة الجامعة ومؤسسات التعليم الأخرى. كما شمل العديد من الأنشطة المتنوعة خلال مدة إقامته، وذلك بهدف إيجاد بيئة تنافسية. تسعى مثل هذه المؤتمرات إلى جمع الإعلاميين الكبار مع شريحة الشباب، لتبادل الأفكار والمقترحات والخبرات والتجارب حول المبادرات الناجحة، بما فيها البرامج الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعى أو الحملات الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى الوقوف على أبرز المستجدات فى المجال الإعلامى فى المجتمع العربى بشكل عام والعمانى بشكل خاص، مع العمل على التفاعل معها لمواكبة الدولة المتقدمة. ويمثل المؤتمر إحدى آليات التعبير عن الاهتمام الكبير بدور الشباب وبدعمه مع تفعيل الحوار معه، وهو ما تتوجه السلطنة مع استقبال يوم النهضة العمانية. وعلى مدار عقود من الزمان تمت ترجمة ذلك فى صور عديدة. كان منها قرار السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان تخصيص سنة 1983 عاما للشبيبة، ثم 1993 عاماً للشباب تأكيداً للعناية المستمرة التى يوليها بهم وتأميناً لطريق المستقبل أمامهم. ثم أصدر قراراً بتخصيص يوم للشباب فى كل سنة، تجسيداً للاهتمام المتواصل والمتجدد باعتبارهم الفئة المعول عليها فى التطور والتنمية الشاملة والأمل الواعد فى الحاضر والمستقبل. لقد أكد السلطان قابوس على تلك القناعات والسياسات الثابتة، وحدد كل تلك المحاور منذ سنوات، وتحديداً فى الخطاب الذى ألقاه بمناسبة احتفالات العيد الوطنى الثالث والعشرين فى ذروة فعاليات عام الشباب التى شهدتها السلطنة طوال شهور 1993، وجاءت تعبيراً عن الاهتمام برعايتهم جيلاً بعد جيل وتأكيداً على الاهتمام بالمستقبل الذى يمثلونه. فأوضح أن عام الشباب ومن قبله عام الشبيبة، ما هو إلا دعوة صادقة للاهتمام بالإنسان العمانى الذى هو صانع الحضارة، وهدف التنمية، وأداة التطوير والتعمير، وهى دعوة نابعة من القلب إلى كل المسئولين فى القطاعين الحكومى والأهلى، إلى إعطاء مزيد من العناية والرعاية إلى مختلف شرائح المجتمع، وخاصة التى تجسد الأمل الواعد للأمة فى مستقبل أفضل ألا وهى الشباب. وتنفذ السلطنة آليات متعددة هدفها فتح قنوات حوار مباشر مع فئة الشباب، والعمل على تعزيز قيم الهوية والمواطنة لديهم، بالإضافة إلى توعيتهم بالتشريعات والقوانين المختلفة، وبحث احتياجاتهم وتطلعاتهم الراهنة والمستقبلية. كما برز هذا الاهتمام من خلال إنشاء مؤسسات تعنى ضمن اهتماماتها ومسئولياتها بهم، وفى مقدمتها العديد من الهيئات الصحية والتعليمية والرياضية والشبابية والاجتماعية والتقنية والمعاهد التدريبية بمختلف تخصصاتها ومستوياتها. فقد أصدر السلطان قابوس فى عام 1972 قانون تنظيم الأندية والجمعيات. وفى إطار التطوير المستمر أصدر بعد نحو عقدين من الزمان المرسوم السلطانى بإنشاء الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية، وآلت إليها المهام والمسئوليات الخاصة بكل من المجلس الأعلى لرعاية الشباب، وشئون الشباب بوزارة التربية والتعليم. وفى عام 2004 أصدر مرسوماً سلطانياً بإنشاء وزارة الشئون الرياضية. ثم أنشئت اللجنة الوطنية للشباب. وتضم 28 عضواً يمثلون قطاعات مختلفة منها الجهات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص، والجامعات والجمعيات الأهلية والأندية، ومجموعة أعضاء من ذوى الخبرة. على ضوء ذلك يتواصل الاهتمام القوى من جميع مؤسسات الدولة والوزارات والقطاع الخاص والهيئات الحكومية، وهو موجه الى كل مواطن عمانى، والى الشباب خاصة، لوضعهم فى مركز الرعاية المجتمعية، وفى مقدمة الأولويات، نظراً للأهمية التى يمثلونها، فى الحاضر والمستقبل. فى هذا الإطار جاء إصدار السلطان قابوس مرسومين بإنشاء الصندوق الوطنى للتدريب، وكذلك وحدة دعم التنفيذ والمتابعة، لإعطاء دفعة كبيرة وملموسة لاستراتيجية التدريب وللبرنامج الوطنى للتنويع الاقتصادى، من خلال خطوات كبيرة تصب فى النهاية لصالح الشباب. كما تشارك العديد من الوزارات فى جهود وأنشطة هدفها إعدادهم للقيام بدورهم المنشود، فى كل قطاعات الاقتصاد الوطنى. من جانبه قرر صندوق الرفد، تقديم حزمات جديدة من البرامج التمويلية لمشاريع الشباب لاحتضان ودعم الابتكار وتمويله خلال الفترة المقبلة، وسيتم توجيهها للمشاريع المناسبة التى ترتكز على دراسات جدوى متأنية وتقدم قيمة مضافة على المديين القريب والبعيد. تم تأسيس الصندوق لخدمة ومساندة الشباب العمانى بمختلف شرائحه، وخاصة الجامعيين الذين هم فى السنة الأخيرة من الدراسة ، وذلك من خلال دعمهم ليصبحوا رواد أعمال ناجحين لديهم شركاتهم الخاصة. كما قرر الصندوق استحداث برنامج خاص لتفعيل أنشطة حماية الملكية الفكرية، إلى جانب أنشطة أخرى مرتبطة بدعم الابتكار سيتطرق لها الصندوق مستقبلاً، وذلك حرصاً منه على توسيع نطاق نشاطه ليشمل المشاريع الخلاقة ذات القيمة المضافة فى القطاعات الواعدة للمساهمة فى تنمية وتنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطنى. وقد واكب الإعلان عن تأسيس الصندوق قرار آخر بإنشاء كلية الأجيال فى ولاية بهلا، التى تضم كافة تخصصات الحرف التقليدية والصناعات الحرفية من أجل تطويرها.