لم أبتعد عن المسرح.. والسينما لم تكن جاذبة لى راضية عن مشوارى الفنى.. وما يقدمه أشرف عبدالباقى ليس عروضاً مسرحية سميحة أيوب.. أو كما يطلق عليها سيدة المسرح العربى، مشوارها الفنى ملىء بالعطاء، سواء كان المسرح او السينما اوالدراما، يمتد عمره إلى أكثر من 60 عاماً، كرمها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومنحها وسام الفنون فى عمر 26 عاماً، كما كرمها الرئيس السورى حافظ الأسد ومنحها أعلى وسام فنى فى سوريا، وأطلق عليها لقب سيدة المسرح العربى حينها. ترى أن المسرح منحها على قدر عطائها له، وان السينما كانت تبتعد عنها، ففضلت البقاء مع من تحب ليتكلل مشوارها الفنى بالتكريمات والأوسمة وحب الناس، وفى لقائنا معها تحدثت سميحة ايوب عن الفنانة التى تستكمل مسيرتها، والدراما التى أصبحت تفصل على مقاس الفنانين والسينما المليئة بالألفاظ، وعن موعد اعتزالها الفن، وقبولها الرئاسة الشرفية لمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى. ما الذى دفعك لقبول رئاسة شرفية لمهرجان شبابى؟ - أنا عاشقة للشباب، ودائماً ما أشجعهم وأثنى على أعمالهم، فالشباب بالنسبة لى هم النور والأمل الذى سيقود بلادنا ومستقبلنا لبر الأمان، وحينما تم اختيارى لمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى شعرت بسعادة غامرة، وقلت لنفسى «قد حان وقت رد الجميل «فأنا فى يوم من الأيام كنت فنانة صاعدة واحتجت مساعدة وتدريب فنانين كبار لديهم خبرة وباع طويل، وبسبب هؤلاء أصبحت اليوم فنانة كبيرة، فنحن أجيال يسلم بعضنا بعضًا، ولا بد أن يكون الجميع على قدر المسئولية. هل المسرح الآن مثل فترة الستينات؟ - المسرح يعكس حالة المجتمع، فإذا كان المجتمع صالحاً فستجد مسرحاً صالحاً، وإذا وجدت مجتمعاً فاسداً فسترى مسرحاً وفناً فاسداً وضعيفاً، وخلال الفترة الماضية كنا جميعاً بمصر والوطن العربى نعيش حالة من الضعف والمعاناة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية، وعلى إثرها تأثر المسرح مثلما تأثرت جميع الفنون، كالسينما والغناء، ولكن فى الفترة الأخيرة ظهرت بوادر أمل جديدة للمسرح، وأتمنى من قلبى استمراره وعودة المسرح المصرى كما كان عليه فى السابق، وتسافر العروض المسرحية أرجاء العالم، ويعود اسم مصر يتردد فى المحافل الدولية مثلما كان يحدث فى زمن كرم مطاوع وسعد أردش وأحمد عبدالحليم. لماذا ابتعدت عن المسرح؟ - أنا لم ابتعد عن المسرح فحتى قيام ثورة يناير كنا نقوم ببروفات مسرحية جديدة إخراج خالد جلال وتأليف محمود الطوخى، ولكن الموضوع توقف مثل امور كثيرة فى ذلك الوقت، المسرح بيتى ومستعدة للعودة له فى أى وقت، ولكن المشكلة تكمن فى الجمهور، فحينما يفرق بين العمل الجاد والعمل «التافه» سوف أخرج من بيتى وأقف على خشبة المسرح، وأتكلم هنا عن الجمهور الذى أصبح يذهب إلى المسرح لكى يشاهد «اسكتشات» ويتداخل مع الفنانين فى نصوص عروضهم المسرحية، دون احترام لكيان المسرح، فأنا حينما أقف على المسرح وأسمع صوت مشاهد يتكلم أشعر كأن هناك شخصاً ضربنى على رأسى. هل تتحدثين هنا عن مسرح أشرف عبدالباقى؟ ما يقدمه اشرف ليس عروضاً مسرحية، بل هى اسكتشات لإضاعة الوقت، كما أنها أساءت للمسرح من وجهة نظرى، لأن المسرح كما تربينا عليه هو مكان تنوير الشباب، وليس مجرد مكان لإطلاق الألفاظ السخيفة، فأنا لا أعترض على تقديم أعمال كوميديا، ولكننى ضد أن يكون العمل تافهاً بلا قيمة، فالمشاهد فى حاجة إلى أن نصوغ له وجدانه، وأن نناقش مشاكله الاجتماعية والنفسية والأسرية، ونقدم له أبياتاً من الشعر، وجملاً وأقاويل فلسفية يستعين بها فى حياته الشخصية، فالمسرح مكان هادف للتنوير والتصحيح حتى لو كان يقدم الأعمال الكوميدية. لماذا لم تعط اهتماماً للسينما مثلما فعلت مع المسرح؟ - خلقت لأكون ممثلة مسرح، كما أن السينما لم تكن جاذبة لى، خاصة أن الفترة التى ظهرت فيها، كانت تحتاج إلى نوعين من الفتيات، الأولى هى البنت الشريرة ولا بد من أن تكون دميمة المظهر، والثانية البنت الطيبة ولا بد أن تكون قصيرة وضعيفة الجسد، إنما أنا فكنت طويلة وذات جسم سليم، ولذلك كان المخرجون يريدون حصرى فى أدوار الإغراء، ولذلك لم تستهونى الفكرة، ففضلت المسرح. هل منحك المسرح ما تستحقينه؟ - الحمد لله أخذت حقى كاملاً من التكريمات والأوسمة، ولا أستطيع إنكار هذا الأمر، فيكفى أننى فى العام الماضى حصلت على قلادة النيل التى تعد أكبر وسام فى جمهورية مصر العربية، وكنت السيدة الوحيدة التى حصلت عليها، فمصر منحتنى أشياء أدبية كثيرة، ربما لم أحصل على مميزات مالية لكونى وافقت من البداية أن أكون موظفة حكومية. لماذا قبلت العمل الحكومى فى المسرح القومى؟ - المسرح القومى هو مسرح بلدى، ولذلك لم أكن أفكر فى أى عرض يأتى لى، فأتذكر أننى كنت أتقاضى 12 جنيهاً فى المسرح القومى، فى حين أن أحد المسارح عرض على مبلغ 400 جنيه، حينها جلست أفكر فى العرض وجدت نفسى أقول «هاقف على المسرح أقول إيه، مش أنا اللى هقف أقول نكت»، فأنا لن أضيع تاريخى من أجل حفنة جنيهات. هل يوجد ما تندمين عليه فى مشوارك الفنى؟ - أنا أحب كل أعمالى التى قدمتها، ولا يوجد عمل أرى أنه كان ضعيفاً، وأنا محظوظة لأننى بدأت العمل فى الفن وسط نخبة من العظماء، سواء على مستوى التمثيل أو الكتابة أو الإخراج، والنجاح الذى وصلت له لم يكن وليد المصادفة، وأفتخر بأن حلمى الذى رسمت له منذ طفولتى لم يضع هباء، ولم أفشل فى تحقيقه بل استطعت أن أحققه وأتخطى كل ما كنت أحلم به. ما رأيك فى الفنانات اللاتى يطلقن على انفسهن سيدات المسرح الجدد؟ - لا توجد نسخة ثانية من سميحة أيوب، وهذا ليس غروراً، إنما هى حقيقة، ففنانات الزمن الحالى «نفسهم قصير»، ولا يجتهدن من أجل فنهن، وأضاعهن السعى وراء المادة، فالفلوس زائلة إنما الفن باقٍ، والمركز الأدبى أهم مليون مرة من المركز المادى. ما الفرق بين الفن الآن والفترة الماضية؟ - الخطوات التى أخذها الرئيس جمال عبدالناصر خلال فترة حكمه كانت سبباً من أسباب ازدهار الفن المصرى، فهو منذ صغرنا حملنا المسئولية، فلك أن تتخيل فنانة مثلى فى عمر ال26 عاماً قام بمنحها وسام العلوم والفنون، فمن وقتها شعرت بكونى فنانة كبيرة، وأصبحت أخجل من تقديم الأعمال الفارغة التى تخرب العقول، وتعهدت أمام الله ونفسى بأننى لن أقدم إلا الفن الهادف والصادق الذى يكون مرآة لمصر أمام شعوب العالم، فعبدالناصر كان يريد أن تكون مصر أعظم بلد فى العالم، وأن يكون فنانوها هم السفراء الحقيقيين لها فى العالم، ولذلك كان يحتضننا دائماً، وهذا ما لا نجده الآن. ما رأيك فى حال السينما فى الفترة الأخيرة؟ - السينما تدهورت كثيراً، وأصبحت تسبب لنا أمراضاً ومآسى نفسية واجتماعية كثيرة، فالعنف والألفاظ غير المحترمة أصبحت عنواناً يميزها، بعد أن كانت هى الأفضل والأقوى فى المنطقة العربية، ولا أستطيع أن أتخيل أننا أصبحنا نقدم تلك «المصايب» التى تعرض حالياً على شاشات السينما من عرى ومخدرات. بالنسبة الى الدراما؟ - الدراما لا تختلف كثيراً عن السينما، فهى أصبحت مليئة أيضاً بغسيل الأموال والمخدرات والعنف والألفاظ غير المحترمة، كما أننا فى الماضى حينما كنا نعمل على عمل تليفزيونى، كنا نقيم الجلسات والورش من أجل كتابة وإخراج العمل بدقة، إنما ما يحدث حالياً يعتبر «تفاهة» و«سطحية»، والمسلسلات أصبحت تكتب من أجل الفنان، ويتدخل فيها ويوافق ويعترض على ما يكتب. هل فكرت يوماً ما فى الاعتزال؟ - المعتزل هو الشخص الذى أصبح غير قادر على العطاء، وأنا الحمد لله ما زلت بصحتى وقادرة على تقديم أعمال وأفكار جديدة.