داخل أروقة محاكم الأسرة، وبين دفاترها.. قصص وحكايات أغرب من الخيال.. أبطالها أناس كانوا يعيشون حياة طبيعية، غير أنهم تعرضوا لمشاكل اجتماعية حولت حياتهم إلى جحيم، من وجهه نظرهم وأصبحوا مجرد أسماء فى سجلات القضاء ومن بين هؤلاء ندى التى اقامت دعوى خلع ضد زوجها بسبب كلابها. جلست ندى على أحد المقاعد المتهالكة داخل محكمه الاسرة بدا على مظهرها الانيق انها من اسرة ثرية، فملابسها باهظة الثمن وعطرها الذي جذب الموجودين داخل المحكمة أثار أفكارهم وتهامس عدد كبير من الموجودين عن سبب قيام فتاة جميلة بالقدوم إلى المحكمة ووسط تساؤل البعض قام حاجب المحكمة بالنداء على رقم القضية الخاصة بها وبمجرد دخولها إلى القاعة سادت حالة من الصمت، فالكل كان يترقب معرفة أسباب وجودها.. وبمجرد أن سألها القاضى عن قضيتها قالت عايزة أخلع جوزى بسبب كلابى.. سادت حالة من الذهول والتهامس بين الحضور، فطلب القاضى الصمت من الحضور وبدأت ندى فى سرد قصتها الغريبة قائلة: أنا من أسرة ثرية والدى كان يعمل بإحدى السفارات قضيت سنوات حياتى الأولى فى التنقل بين بعض الدول الأجنبية وهناك تعلمت عشق الحيوانات خاصة الكلاب والقطط، وكانت أسرتى تدعمنى لدرجة أن والدى قام بشراء فيلا صغيرة حتى اتمكن من توفير البيئة المناسبة للكلاب.. صمتت قليلاً واستكملت قائلة: المهم تخرجت من جامعتى وعملت بالسلك الدبلوماسى وخلال عملى تعرفت على زوجى الذى كان يعمل ملحقاً بإحدى السفارات لا أنكر إعجابى به فهو شاب من عائلة مرموقة، وكان يحظى بحب جميع العاملين لتواضعه وأخلاقه الهادئة ومستقبله فى السلك الدبلوماسى، فى أحد الأيام فوجئت به يطلب منى الزواج سعدت بطلبه وقمت بتحديد موعد مع والدى.. وخلال لقائه مع والدى أعجب بأخلاقه... مرت فترة قصيرة على ارتباطنا وتم عقد قراننا فى حفل أقل ما قيل عنه إنه أسطورى.. عشت أول أيام حياتى مع زوجى فى سعادة وفور عودتنا من السفر طلبت من والدى إحضار «الكلاب لتعيش معى... فوجئت بأن زوجى يتعجب من طلبى بالرغم من علمه بارتباطى بهم... وللأسف اكتشفت بعد فترة قصيرة بأن زوجى لا يحب الحيوانات وكان دائم الشجار معى بسبب وجود الكلاب بالمنزل، وحتى لا اثير المشاكل معه وحتى تهدأ الاوضاع بيننا اكدت له ان الكلاب ستقيم فى حديقة منزلنا الصغير، وسيكون لهم بيت خاص بهم وافق على مضض.. اعترف أننى كنت اترك زوجى فترات طويلة لأجلس مع «كلابى» وكنت أحاول كثيراً أن أجعل زوجى يحبهم مثلى، لكن بكل أسف باءت محاولتى بالفشل الذريع.. رضيت بالواقع التى اعيشه.. خاصه لانهم بجوارى.. فى احد الايام شاهدنى زوجى وانا بصحبة كلابى اسير بهم خارج المنزل ثار ثورة عارمة وطالبنى بعدم اصطحابهم خارج المنزل... حاولت تهدئته خاصة أنها المرة الأولى التي يثور خلالها بهذا الشكل حاولت إقناعه كثيراً لكنه أصر على رأيه وبدأ فى مراقبتى ومنعى من الخروج بها... خاصة بعد ان اخبره بعض الجيران اننى أتعرض للكثير من المعاكسات والمضايقات من الشباب... لم احتمل الامر كثيرا ولجأت الى والدى ليتدخل بيننا حتى يجد لى حلاً فى مشكلتى مع زوجى... هدأ والدى من روعى واتصل بزوجى وطلب منه مقابلته... جاء زوجى وجلس مع والدى عدة ساعات وخلال حديثه معه اكتشفت أن زوجى يكره كلابى بسبب الفوضى التى تثيرها داخل منزلنا بالإضافة إلى أنه يكره رائحتها، مضيفا انه تحمل الكثير بسبب حبه لى... وحتى يرضى أبى زوجى اتفق معه على عدم دخولها إلى منزلنا بالإضافة إلى أن اخرج مع كلب واحد فقط فى كل مرة... ارتضيت بطلبات زوجى ووالدى على مضض... لكن عشقى للكلاب طغى على تصرفاتى، وفى أحد الأيام خرجت مع كلابى الثلاثة ولسوء الحظ شاهدنى زوجى معها.... نشبت بيننا مشادة كلامية طالبنى خلالها بالالتزام بوعدى مع والدى وهو الخروج مع كلب واحد فقط، فى كل مرة لم أحتمل طلبه وتدخله بهذه الصورة فى مشاعرى تجاههم... فقررت أن أنفصل عنه. وعرضت عليه الأمر وأن يطلقنى فى هدوء وأن آخذ كلابى وأرحل عن المنزل، ولكنه رفض وبشدة فلم أجد أمامى يا سيادة القاضى سوى اللجوء إلى المحكمة، وأملى فى عدالتكم كبيرة فأنا أطالب ان تخلصنى منه حتى أتفرغ لكلابى أو أجد زوجاً يشاركنى حبهم. ضجت المحكمة بالهمسات.. الكل يغنى على ليلاه.. هذه زوجة آخر الزمان.