هل تكون الأم ضرة ابنتها؟! "أمي خربت بيتي" عبارة رغم قسوتها وبشاعتها إلا أننا قد اعتدنا سماعها في بعض الأحيان، فبعض الأمهات قد يكن سببًا في خراب بيوت بناتهنّ عندما يتدخلن في شؤونهنّ، ويملأن صدورهنّ على أزواجهنّ، أو يكلفن الزوج بما لا يطيق من المطالب المادية والمعنوية.. إلا أنّ الأم صاحبة قصتنا هذه قد فاقت كل التوقعات وخيبت كل الظنون، حتى أنها بتصرفاتها المريبة كادت تقود ابنتها للتفكير في الانتحار.. من خلال السطور الآتية ننقل إليكم القصة تاركين الحكم لكم. تقول صاحبة القصة: "تزوجت من شاب على قدر من العلم والالتزام بالأخلاق، وحنون جداً، لا يبخل ولا يضرب ولا يهين، فتعلقت به كثيرًا، ومع كل زيارة لبيت أهلي أو زيارتهم لي بدأت تسألني أمي عن حياتي فأحكي لها بحسن نية كل ما يدور بيننا مع ملاحظتها الدائمة لتصرفات زوجي الراقية وحنانه الزائد وطيبته، ومع مرور الوقت بدأت ألاحظ أنّ أمي أصبحت تهتم بزوجي بطريقة مبالغ فيها تثير الشك علماً بأنّ والدي موجود وعلى مرأى ومسمع منه دون أن يحرك ساكناً، ربما لأنه لم ينتبه أو يفكر ملياً بالموضوع، وأخشى لو فاتحته بما أعرفه من الأمور أتسبب بطلاق أمي وفضيحة لهما لو عرف الناس سبب انفصالهما". تصرفات مريبة وتضيف: "بدأت أرى بأمِّ عيني ما لا يقوى عقلي على استيعابه، إلا أنّ الأمور بدت جلية أمام ناظري، من حيث الترحيب به والسلام عليه بحرارة، والجلوس معه والتضاحك بطريقة مريبة، حتى وصل الأمر لتداول النكات القبيحة بحضوري، والتهامس في غيابي، هذا فضلاً عن اللباس المثير والتزين الكامل الذي تتعمده عندما تعلم بحضوره معي.. والمأساة الحقيقة أنّ زوجي هو الآخر أصبح يطلب دوماً الذهاب لبيت أهلي، وفي حال كان هناك فاصل بين الرجال والنساء تنتهز أمي الفرصة للقائه والحديث معه على انفراد". المفاجآت الصادمة تكمل محدثتنا قائلة: "عندما أغضب من زوجي أو يحدث خلاف بيننا أجد أمي تقف في صفه حتى لو عرفت أنه مخطئ في حقي، كما أنه صار من غير الممكن أن أخرج مع زوجي من دون أن تكون أمي معنا، فهو دائماً يقول (خلي أمك ترافقنا) سواء للسوق أو التنزه، والكارثة أنه يهملني أثناء خروجها معنا، ويكون جل اهتمامه منصبًّا عليها، وأجده يختار لها حتى الملابس الداخلية. كل هذا في كفة وما اكتشفته من رسائل حب بينها على ال whatsapp في كفة أخرى!!". لم أعد احتمل الاثنين ضاقت بي السبل وما عدت أعرف كيف أتصرف. فكرت أنه لو طلقني أين سأذهب؟ لمنزل من خربت بيتي ودمرت حياتي الزوجية بتصرفاتها لأعيش معها، وأشاهد تصرفاتها هذه؟؟ أصبحت أفكر في الانتحار أو في قتلهما معًا.. وفي الوقت نفسه أفكر في أني لا أريد ظلمهما واتهامهما في الوقوع في الحرام.. فأنا لم أرَ بعيني. لكن ما أشاهده من مؤشرات يكاد يقتلني، ولا أعرف كيف أتصرف؟ أرى كل الطرق والحلول ستؤدي إلى خسارتهما معًا. الرأي النفسي والاجتماعي حول هذه القصة يخبرنا الأخصائي النفسي والاجتماعي من مركز "WMCA" باهر خروب: "إنّ العلاقات الإنسانية أشبه ما تكون بالمعادلة الكيميائية، فحين نرغب في تغيير نتيجة المعادلة النهائية يتوجّب علينا أن نحدِثَ تغييرًا في المواد المتفاعلة والمشاركة في التفاعل!! وعليه، فإنّ أي تغيير مهما كان بسيطاً في أي جانت من هذا التفاعل كافٍ لأن يغيّر شكل النتيجة. الاتهام لا يقوم على مجرد الشك في تواجد أعراض أو ملامح معينة، فالأمر هنا بما يخص الزوج وحماته (أم الزوجة) أمر مريب على حد وصف الزوجة، ومهما كان الأمر أكان بريئًا أم نقيضه من حق الزوجة أن تحافظ على زوجها، وأن تمحو آثار شكّها، كي لا تغوص مع الوقت في الشك والاضطراب أكثر!.. الزوجة تقع الآن بسبب ما تلاحظه وترقبه في حالة صراع رهيب وتحت تأثير ضغط كبير جدًا، أخشى ألا تكون على قدر احتماله، وكيف تحتمل ذلك والأمر هو أشبه بخيانة .. الحلول الوسطية هنا قد لا تفيد نفعًا، ففي الثقافة العربية إن تحالف رأي الزوج ورأي الحماة ستكون الزوجة هي الحلقة الأضعف، ربما على الزوجة في بادئ الأمر أن تقوم بمواجهة ذات شقين، مواجهة الزوج على حدا، ومواجهة الأم على حدا، وإن استدعى الأمر عليها القيام بمواجهة ثلاثية هي والأم والزوج.. وبناء على نتائجها يمكن تحديد التصرف المناسب ومعرفة ما إذا كانت ستؤدي لخسارة الطرفين أم لا". تحليل المواقف في حين يحلل المستشار الأسري عبد الرحمن القراش موقف الأم وتبعاته في هذه القصة قائلاً:" بغض النظر عما إذا كانت الأم قد وقعت في الإثم أم لا فإنّ ما ورد من هذه التصرفات المريبة الطائشة والتي دمرت نفسية ابنتها يمكن تفسير أسبابها على النحو التالي: فقدان الحنان من زوجها، أو ظهور المراهقة المتأخرة لديها، وكذلك الغيرة العمياء من حياة ابنتها، هذا فضلاً عن ضعف الوازع الديني الذي سول لها فعل كل هذه التصرفات، وكذلك استهتار الأم بمشاعر الابنة والتصرف بطيش وأنانية". ويضيف: "للأسف نحن في زمن انتكست فيه الفطر لدى البعض بسبب ابتعادهم عن الدين والتهاون بمشاعر الآخرين دون إدراك للعواقب الوخيمة التي تحدث بسبب حماقة البعض واستخفافه، والمؤسف أن يكون هذا الأمر بين الأم وابنتها فهذه القصة صورة واضحة للأم التي لا تحب لابنتها الخير. ومع ذلك نشير إلى أنه لا يمكن اعتبار أفعالها ظاهرة اجتماعية وإنما حالة فردية تحدث نادرًا". أما بالنسبة للزوج يقول: "فعل الزوج إن صح فهو تخاذل وفعل قبيح أقل ما يقال عنه إنه انحطاط كون أم الزوجة محرمة عليه شرعًا، وكونه تهاون واستهتر بمشاعر زوجته لهذه الدرجة ووضعها في موقف مؤلم كهذا. يصعب فيه اتخاذ أي قرار بسهولة".