2011 عام لن يتكرر في تاريخ مصر بأحداثه العاصفة والمثيرة منذ بدايته وحتي الساعات الأخيرة منه، مازالت تلك السنة الغريبة مصرة علي أن تكون صاخبة. فمنذ الساعات الأولي منها وبدأت أحداثها بتفجيرات كنيسة القديسين الشهيرة وتضارب الأقوال حول الفاعل، وفي يوم 23 من أول شهور السنة جاءنا خطاب الرئيس السابق ووزير داخليته بأن مجموعة فلسطينية وراء التفجيرات واتضح أنه مجرد كذب وافتراء.. وشهدنا أيضاً حرب «الفيس بوك» ومواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة إلي التظاهر في يوم 25 يناير احتجاجاً علي انتهاكات الشرطة، ولم نتوقع نحن أو غيرنا أو أكثر المتفائلين أن يكون يوم 25 يناير من عام 2011 هو ثورة رائعة تنفجر في شوارع وميادين ومنازل وقري وكهوف مصر. خرج الملايين وهتفوا جميعاً «الشعب يريد إسقاط النظام» وبقوا في الميادين 18 يوماً مشهودة تخللها عشرات الأحداث كان أبرزها موقعة الجمل الشهيرة والمتهم فيها أبرز رموز النظام البائد، وفي يوم 11 من الشهر الثاني من تلك السنة المبروكة خلع مبارك بكل جبروته وعنفوانه وترك السلطة بعد 30 عاماً ترك بلدي فيها هياكل وليست أكثر من ذلك وتوالت الأحداث عاصفة كل يوم نري ونسمع أحداثاً يشيب لها الولدان.. ونتساءل هل نحن نحلم أم في حالة يقظة.. حل مجلسي الشعب والشوري ومن قبلهما الحزب الوطني وبدأت التحقيقات مع رؤوس النظام التي سقطت بداية من رأسه وصدرت قرارات النائب العام بحبس مبارك ونجليه ووزير داخليته العادلي ومساعديه ومديري الأمن في جميع المحافظات بلا استثناء ومئات من الضباط وأفراد الأمن بتهم قتل الثوار وإصابتهم والتسبب في الانفلات الأمني المتعمد الذي مازلنا نعاني منه حتي اليوم الذي افتعلته وزارة الداخلية بقيادة حبيب العادلي وبتعليمات من مبارك لإدخال البلاد في حالة من الفوضي العارمة، كما هدد المخلوع في أحد خطاباته الثلاثة أثناء ثورتنا المجيدة وهو إما هو أو الفوضي وأحيل العشرات إلي المحاكمات بتهم يندي لها الجبين.. سرقة - نهب اختلاس قتل تربح تهريب، غسل أموال وكدنا أن نجن من هول ما نسمع ونري واكتشفنا في النهاية أن بلدنا يباع ونحن أيضاً تم الاتجار بنا من حفنة من اللصوص وتصورنا أن يهدأ الحال وننعم بمنجزات الثورة والاستقرار ولكن هيهات.. توالت أحداث العام الغريب وهي أيضاً عاصفة.. وكانت أحداث مسرح البالون.. وماسبيرو ومحمد محمود والعباسية ومجلس الوزراء وقصر العيني وفي كل مرة يتساقط المئات والآلاف من الشهداء والمصابين وكانت البدايات متشابهة والنهايات أيضاً والمتهمون في الغالب مجهولين والتهم متبادلة بين الأطراف وتعاقبت المليونيات والانتخابات والاستفتاءات والمحاكمات والنتيجة كما نري جميعاً لا شئ حتي الآن مازلنا نشعر بالقلق والتوتر علي الغد.. ليس فقط بسبب الانفلات الأمني ولكن بسبب الاقتصاد الذي انهار بناء علي تصريحات الحكومات المتعاقبة التي شهدتها السنة الفائتة بداية من حكومة شفيق ووصولاً إلي حكومة الجنزوري المحصلة لا تقدم لا إنجاز وكانت آخر أحداث تلك السنة الغربية هو استئناف محاكمة مبارك وعصابته ولم نكن متحمسين أو لدينا الرغبة كي نعرف أحداثها فقد مللنا البطء والتعطل وهذا ما نتوقعه في القادم وكالعادة بدأ تعطل المحاكمة منذ الدقائق الأولي من الجلسة عندما طلب الدفاع ضم قضايا محمد محمود ومجلس الوزراء وقصر العيني إلي ملف القضية وأن هناك أطرافاً خارجية قتلت ثوار ثورة يناير وهذا يعطي لنا مؤشرا بأننا سندخل في دوامة لا نهاية لها من التعطل والمماطلة وليس لدينا أدني أمل في الفصل في الدعوي ولو بعد حين. وللشهداء وأهاليهم الدعاء بالصبر وطول العمر حتي يتسني لهم حضور الحكم علي قتلة المتظاهرين.. فليت يخيب ظني وتتحقق العدالة الناجزة حتي لا تدخل البلاد في مخاطر لا حصر لها وحتي نخطو إلي الاستقرار المنشود وحتي تكون السنة القادمة آمنة لبلدنا.