تحتفل سلطنة عمان فى الثامن عشر من الشهر الجاري بالعيد الوطني السادس والأربعين لتتوج إنجازات نحو نصف قرن منذ تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان قيادتها. وفى مجال السياسة الخارجية تؤكد التقارير والتحليلات نقلاً عن مصادر عربية ودولية مطلعة على أهمية الجهود والمبادرات الإيجابية التى تقوم بها السلطنة باستخدام آليات دبلوماسية القوة الناعمة العمانية، فقد دأبت منذ عام 1970 على القيام بمهارة بدور الوسيط النزيه والحكيم فى الكثير من الأزمات الإقليمية والدولية وكان من أبرزها الملف النووى الإيرانى الذى أغلق بسلام بعد التوصل إلى الاتفاق بين طهران والمجموعة السداسية الدولية 5 +1 فى يوليو 2015. يوماً بعد آخر وأزمة تلو الأخرى تتزايد أهمية هذا الدور لتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة التى تحيط بها الحروب والصراعات، ليعكس صورة مشرقة ومشرفة لعُمان باعتبارها دولة متحضرة ومحبة للسلام. وتؤدى السلطنة دوراً متميزاً وفاعلاً لحل العديد من القضايا الراهنة سواء فى سوريا او اليمن، أو ليبيا أو العراق مُتخذة لنفسها موقعاً محايداً ينم عن تمتعها بالإرادة الحقيقة والاستقلال السياسى كوسيط سلام موثوق فيه، من قبل كافة الأطراف فهى ودائما على مسافة واحدة من الجميع دون ميل أو انحياز ولو قيد أنملة. لذلك تؤكد السلطنة مراراً رفضها لأى تدخل خارجى فى شؤون الدول مع استعدادها لاستضافة أى مباحثات تسعى لتسوية الأزمات. وعلى صعيد الأزمة اليمنية اهتمت بها خصوصاً فى ظل وجود عوامل القربى والتداخل الجغرافي، كما ساندت المباحثات من أجل الحلّ النهائى وآخرها فى الكويت والتى أفضت فى بعض مراحلها إلى عدد من التوافقات. من جانبها لا ترفض السلطنة الدخول على خط الملفات الساخنة ، ولكن بما يتفق مع رؤيتها لأمن المنطقة بما تمتلكه من ثقل دبلوماسى ورغبة فى عمل هادئ بعيداً عن الأضواء وقدرة على التأثير، وهو ما يستدعى من كافة أطراف الازمات الراهنة التعامل مع هذه المعطيات بجديّة لأن الظروف الموضوعية لطبيعة مواقف السلطنة تعد حافزاً مهماً لإنجاح دورها مما يقتضى ضرورة استثماره لتحقيقه، لأن الحلول السياسية الناجعة تحتاج إلى بلد محايد لا ينتصر لطرف دون آخر، وهو ما يتجسد فى السلطنة التى تنتهج وبحرفية سياسية عالية مساراً متحرراً من أى أجندات أو مآرب أو أطماع سوى إحلال السلام فى منطقة ملتهبة. ومن جانبه أشاد الرئيس عبد ربه منصور بجهود سلطنة عمان خلال مراحل الحوار الوطنى والدور، الذى لعبته فى سبيل إنجاح عملية التحول فى اليمن. جاء ذلك خلال لقاء بين الرئيس اليمنى مع يوسف بن علوى الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بمقر إقامته فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث استعرضا واقع الأزمة فى اليمن والمحطات التى مرت بها منذ المبادرة الخليجية وانعقاد مؤتمر الحوار الوطنى وصولاً إلى مخرجاته وصياغة مسودة الدستور. وأكد يوسف بن علوى خلال لقائه بالرئيس اليمنى موقف السلطنة الداعم لليمن لتجاوز تحدياته كى يعود فاعلاً وداعماً وامتداداً لأشقائه وجيرانه، مضيفاً أن السلطنة ستعمل مع الرئيس وكل القوى الوطنية بما يهدف إلى وقف نزيف الدم وإرساء السلام الذى يستحقه الشعب اليمني. وثمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن الجهود التى تبذلها سلطنة عُمان بقيادة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان لإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع. وأعرب عن بالغ التقدير للسلطان قابوس على كل ما تقدمه السلطنة من دعم لجهود الاممالمتحدة فى هذا الصدد. وأوضح أن تعامل السلطنة مع كل الأطراف اليمنية والدور والنهج الحكيم لقيادتها كان ايجابياً، وتم استثماره طوال الأشهر الماضية. وأضاف: عندما ظننا أننا قد فشلنا بعد محادثات جنيف الأولى فتحت لنا سلطنة عمان الأبواب بطريقة هادئة ودور ونهج حكيم ومتزن، وجاءت مبادئ السلطنة لحل الأزمة. وقال إن الزيارة التى قام بها بأن الأمين العام كى مون، للسلطنة فى فبراير الماضى جاءت من أجل أن يقدم للسلطان قابوس امتنان الأممالمتحدة على ما تقدمه على المستويين الإقليمى والدولى من دعم لجهود المنظمة الدولية، مشيراً إلى أنه خلال جميع لقاءاته مع المسئولين العمانيين أكدت السلطنة استعدادها أن تقدم أى دعم ممكن للوصول إلى تسوية سلمية للقضية.