تشتهر مدينة الأقصر، بعربات الحنطور، التى باتت أحد معالم المدينة، حيث تصطف فى انتظار عشاقها من المصريين والسياح، فى مواقف خاصة أعدت لها قرب معابد الكرنك وفندق ونتر بالاس التاريخى وغيرهما من المعالم السياحية والأثرية. وللأقصر تاريخ طويل مع عربات الحنطور، التى لا يخلو عمل سينمائى أو درامى أو وثائقى من مشاهد لها، وهى تطوف وسط المدينة التى تضم بين جنباتها مئات المقابر وعشرات المعابد لملوك وملكات ونبلاء الفراعنة، وباتت الأغنية الشهيرة «الأقصر بلدنا بلد سواح.. فيها الأجانب تتفسح « شاهدة على قِدَمِ انتشار عربات الحنطور فى الأقصر. وتجتذب عربات الحنطور فى الأقصر، الكثير من السياح، ولا يزال مواطنو المدينة، يتذكرون ماجرى فى شهر يناير، من العام الماضى، بقيام البريطانى ميشيل جورج والمصرية مارى لوى، باتمام مراسم زواجهما، مستقلين وضيوفهما عربات الحنطور فى زفة لافتة جرت فى وضح النهار، وبدأت من أمام فندق الونتر بالاس التاريخى، مرورا بشارع كورنيش النيل وساحة معبد الأقصر الفرعونى وكيف طاف موكب العروسين بين معالم المدينة وسط تصفيق المارة من المصريين والسياح. انتعاش سياحى: وقد انتعشت رحلات عربات الحنطور فى المدينة، مؤخرا، وباتت حركتها دائمة فى الشوارع والميادين والأسواق التاريخية، التى تشتهر بها الأقصر، وجاء ذلك الرواج والانتعاش فى رحلات عربات الحنطور، بالتزامن مع عودة التدفقات السياحية مجددا فى الأقصر، والتى ارتفعت نسبة الإشغال السياحى بفنادقها الثابتة والعائمة لتتجاوز 56 %، وذلك للمرة الأولى منذ خمس سنوات مضت، بجانب حالة الانتعاش التى شهدتها حركة الفنادق العائمة، والتى وصل عددها المشغول بالسياح، إلى 111 باخرة وفندقا عائما، بجانب ارتفاع عدد زوار اثار الأقصر، إلى 11 ألف زائر يوميا، وسط اقبال غير مسبوق من المصريين والصينين والبريطانيين. عربات الحنطور فى مصر: وقد عرفت الكثير من المدن التاريخية المصرية ، عربات الحنطور، مثل اسوان وادفو وكوم امبو، والإسكندرية التى ينتشر بها ما يسمى بعربات " الكارتة " بجانب عربات الحنطور، ليثبتا إحتفاظ الإسكندرية بالكثير من عبقها التاريخى. وفى مصر، أيضا، تتميز مدينتى بلقاس وشربين فى محافظة الدقهلية، بكونهما مركزا لصناعة عربات الحنطور، والتى تعد الحرفة الشعبية الولى فى المدينتين. وبحسب الباحث المصرى، محمد غنيم، فإن صناعة عربات الحنطور، بدأت فى بداية القرن التاسع عشر، أما أول هور لتلك العربات بمصر، فكان فى عهد محمد على، حيث كان يتم جلبها من بلدان أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، وقد تعلم المصريون صناعة عربات الحنطور من الإيطاليين الذين كانوا يأتون لتركيب عربات الحنطور التى كانت تجلب من بلادهم فى صناديق خشبية كبيرة، ويتم تركيبها بمصر، وتفوق المصريون على الإيطاليين، وأدخلوا تعديلات على عربات الحنطور، وابتكروا طرازا جديدا أطلق عليه " نصف دوران " تكون الكنبة الخلفية به مستديرة، وهو طراز يتناسب والطبيعة المصرية، وأكثر قوة وتحملا. ويشير محمد غنيم، إلى أن الحنطور عرف فى بعض الحضارات القديمة، ولكن لم يكن على الشكل المعروف به اليوم، وأن بداياته كانت فى قارة يسيا قبيل آلاف السنين، عندما اخترعت العجلة التى أحدثت ثورة فى عالم المواصلات آنذاك. وأن مصر القديمة عرفت العجلة، لكنها كانت تستخدم على نطاق ضيق، نرا لاعتماد المصريين على نهر النيل فى التنقل والسفر ونقل البضائع، وفى عهد الدولة الحديثة بمصر الفرعونية عرفت العجلة التى تجرها الثيران. الحنطور حول العالم : وترتبط عربات الحنطور بالموروث الشعبى لكثير من بلدان العالم، حيث تعرف فى المملكة المغربية، باسم " الكوتشى " وهى عربة مخصصة للركاب، يجرها حصان، وهي وسيلة مواصلات تقليدية منتشرة، لا تزال موجودة للأغراض السياحية، وفى مدينة " انترلاكن " السويسرية، تعد جولات عربات الحنطور أحد العناصر المميزة للصورة العامة للطبيعة الخاصة لتلك المدينة، وفي مدينة "مانيسا" التركية، تحتفظ عربات الحنطور بمكانتها التاريخية، برغم كل وسائل الحداثة، ولا تزال تنقل السياح على عبق الماضى، أما مدينة « مانسيا» فى غرب تركيا، فتحتفظ بمكانتها حتى اليوم، كأحد المراكز التاريخية لتصنيع عربات الحنطور فى العالم.