قال وزير الخارجية محمد عمرو إن تحديد موعد لانتقال السلطة في مصر في نهاية يونيو 2012 واتمام المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية بنجاح، يخفف من حدة التحديات التي تواجه مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي. جاء ذلك في كلمة ألقاها د.وليد عبدالناصر مساعد وزير الخارجية نيابة عن الوزير أمام المؤتمر السنوي للمجلس المصري للشئون الخارجية الذي عقد اليوم "الاثنين" بالقاهرة تحت عنوان " الوضع الإقليمي والدولي لمصر بعد ثورة 25 يناير". واستعرض عمرو الفرص والتحديات التي تؤثر على وضع مصر على الصعيد الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن انطلاق الثورة المصرية بعد ثورة تونس بفترة قصيرة يعكس تشابه المرحلة التاريخية التي تمر بها هذه المجتمعات، وتؤكد أن المنطقة العربية ليست منعزلة وتتشارك نفس التطلعات. ولفت وزير الخارجية إلى محورية دور مصر على الصعيد العربي، مشيرا إلى أن دور مصر يعزز العمل العربي الجماعي ويكبح محاولات الخارج للتدخل في المنطقة العربية. وقال إن الدول العربية تترقب ما يحدث في مصر كونها تؤثر أيضا على وضعها. ونوه إلى وجود تقارب وتنسيق بين الدول التي تمر بمراحل تاريخية متشابهة من خلال قدوة التجارب الناجحة وليس التدخل في شئون الدول الأخرى وفتح الباب أمام المصالح المشتركة وتشجيع الاستثمارات بين الدول العربية، وهو ما يعكس إمكانية تطوير العمل في المجالين السياسي والاقتصادي خلافا للأنماط التقليدية. وأشار إلى وجود تحديات أمام مصر، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والأمن، فضلا عن تفاوت ردود فعل الدول العربية وتأثيرها على العلاقات البينية العربية.وأوضح عمرو أن هناك زيادة في حساسية العلاقة مع إسرائيل وأثرها على معاهدة السلام، إلى جانب احتلال قضية مياه النيل وضعا خاصا بعد ثورة 25 يناير التي فرضت تغيير سياسة بعض الدول تجاه مصر. وأكد كامل عمرو أن هناك تأجيلا للبت في بعض الموضوعات لحين اتمام المؤسسات الديمقراطية ، وأن مصر التي تعد أحد أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الافريقي، تسعى لتعزيز التعاون بعد اكتمال تشكيل هذه المؤسسات. وقال إن الثورة فرضت مصر على الساحة الدولية وهو ما انعكس على زيارات المسئولين الدوليين إلى القاهرة ليس فقط لمقابلة نظرائهم ولكن للاجتماع مع ممثلين عن المجتمع المدني، مضيفا أن الوعود الدولية تنتظر تغير الشكل السياسي في مصر وأن هناك فرصا سانحة لإقامة علاقات أكثر ندية مع الدول الكبرى، إلى جانب إمكانية التعاون مع الدول المانحة بما يتوافق مع السياسة المصرية دون إملاء شروط. ولفت وزير الخارجية إلى أهمية تنويع مجالات التعاون الدولي بدلا من اللجوء إلى علاقة المانح والمتلقي، مشيرا إلى أن هناك ترددا من جانب الاستثمار الأجنبي في ظل عدم الاستقرار الأمني في مصر، منوها بوجود تحديات أيضا ترتبط بمصالح الدول الأجنبية في مصر.وأعرب عمرو عن تفاؤله بمستقبل الوضع الإقليمي والدولي لمصر، مؤكدا أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وأن شعب مصر لن يسمح لثورته بالفشل. واختتم كلمته بالإشارة إلى أن اهتمام الرأي العام والساسة المصريين بالسياسة الخارجية للبلاد هي الأداة المثلى لمتابعة هذه السياسة. من جهته، تطرق د. بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في كلمته أمام المؤتمر السنوي للمجلس المصري للشئون الخارجية إلى دور الديمقراطية في العالم العربي، واهتمام المجتمع الدولي بظهور الديمقراطية في العالم العربي، مشيرا إلى أن مصطلح الديمقراطية غير وارد في ميثاق الأممالمتحدة. وأوضح غالي أن سبب ظهور الديمقراطية واهتمام المجتمع الدولي بها هو نهاية الحرب الباردة والفترة الاستعمارية واستقلال البلدان، فضلا عن بحث الولاياتالمتحدة التي هيمنت على العالم بعد الحرب الباردة عن ايدولوجية جديدة تعتمد على أن الديمقراطية تساعد على انتشار السلام، وهي فكرة غير سليمة، لكن الأممالمتحدة اعتمدت عليها فيما بعد وباتت تبعث بمراقبين للتأكد من نزاهة الانتخابات في بعض الدول. وأشار غالي إلى أن أجندة التنمية الاقتصادية مرتبطة بالديمقراطية لكن الأمر يعتبر نسبيا ويختلف من دولة إلى أخرى بحيث تسعى بعض البلدان للوصول إلى حد أدنى من التنمية لتحقيق الديمقراطية والانتقال من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي. وقال غالي إن المشاكل الوطنية ستعالج من خلال أسلوب دولي وهو انعكاس خطير لظاهرة العولمة، موضحا أن هناك قضايا لا يمكن أن تحل على مستوى محلي في مصر، وهو ما سيفقد الديمقراطية أمورا هامة بسبب ظاهرة العولمة، لذا يجب احتواء الجوانب السلبية والاهتمام بالجوانب الإيجابية في العولمة. وأضاف أن "العولمة أصبحت ظاهرة لا مفر منها، ولكن السؤال : هو كيف يمكن فرض ظاهرة الديمقراطية على العولمة"، مشيرا إلى أن الديمقراطية ليست أسلوبا جامدا حيث لا يمكن نقله كما هو إلى أغلبية البلدان الأفريقية لأن ولاء بعض الشعوب يصب في مصلحة القبيلة، وهو أمر ينطبق أيضا على الوضع الطائفي في لبنان.