بعد أن كان الانتحار قاصرًا على فئة المراهقين، والأشخاص المُصابون بالأمراض النفسية كالاكتئاب، اتسع ليحتضن كذلك الأطفال الصُغار، ومؤخرًا سلّطت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية الضوء على واحدة من أهم الظواهر التي باتت تهدد حياة أطفالنا "الانتحار"، للوقوف على أسباب الظاهرة التي تدق ناقوس الخطر في المجتمع. أسردت الصحيفة البريطانية، قصة طفلين أقدما على الانتحار لأنهم لم يجدا من يفهم مشاعرهما ومن يتفاعل مع مخاوفهما وشكواهما. ففي الشهر الماضي نشرت "ديلي ميل"، قصة طفل طفل أمريكي يدعي داني فيتزباتريك ابن ال13 عامًا" فَطَر قلب العديد من الأشخاص عقب انتحاره وكتابته رسالة لوالديه، يعبر من خلالها عن السبب وراء تخليه عن حياته، قبل أن يشنق نفسه أعلى سطح منزله بعد عودته من المدرسة. وبحسب ما أفادت ال"ديلي ميل"، بأن الطفل داني اقدم على الانتحار، بسبب تعرضه للعديد من المضايقات والاهانة من جانب زملائه بالمدرسة وكذلك معلميه، حيثُ كانوا يسخرون من وزنه وعلاماته الدراسية وكانو يفتعلون الخلافات والعراك معه حتى أنه تعرض لكسر في اصبعه، وحاول أكثر من مرة الاستنجاد بالمدرسين وبوالديه ولكن لا حياة لمن تنادي بحسب ما صرح في خطابه قبل أن يلقي حتفه. وفي واقعه مماثلة، نشرت صحيفة "ديلي ميل" قصة انتحار طفل يدعي أسد خان ذات ال"11 عاما"، بعد أن عثر عليه والديه مشنوقًا في غرفة نومه بمنزله في المملكة المتحدة، وبحسب ما صرح والديه لمكتب التحقيقات، أن طفله كان مترددًا في الذهاب إلى المدرسة قبل أن يبدأ العام الدراسي بثلاثة أسابيع، وما أن بدأ وزادت الخلافات والعراك بشأن ذهابه إلى المدرسة لأنه كان رافضا. وبحسب ما صرح والدته، أن طفلها كان يريد أن يذهب إلى مدرسة أخرى، ولكنها لم تستجيب لنداءه باعتبار أنها فترة مؤقتة أو أن هذا ناتج عن التدليل الزائد. يقول الدكتور إبراهيم مجدي حسين استشاري الطب النفسي، أن تجاهل مشاعر الأطفال وشكواهم يدفعهم نحو الانتحار. وتابع أن ظاهرة انتحار الأطفال التي كانت تقتصر على المراهقين فقط، تقع على عاتق المدرسة وأولياء الأمور. موضحًا أنه على المدرسة أن تهيئ الجو الملائم وتستعين بالأساليب التربوية السليمة التي تحبب الطالب في الدراسة، مثل تكثيف الأنشطة الترفيهية، زيادة الرقعة الخضراء بالمدرسة، وقبل بدء الدراسة عمل حفل تعارف والترحيب بالطلاب الناجحين العام الماضي لتشجيع الجدد. وشدّد، على المدرسة بضرورة توفير أخصائيين اجتماعين ونفسيين على درجة عالية من المهارة والكفاءة، للسماع لشكاوي الطلاب والعمل على حلها، والتحدث مع التلاميذ حول أهميه الصداقة وزرع الاخلاق والمبادئ السامية بداخلهم، وكذلك التحدث مع المدرسين حول كيفية التعامل مع الطلاب وخاصة مع هؤلاء الذي يعانون من الحساسية المُفرطة في المعاملة. واستطرد حديثه الموجه إلى أولياء الأمور :"يجب على الوالدين أن يحضتنوا أطفالهم، من خلال فتح ساحة نقاش معهم لمعرفة شكواهم وما يضايقهم ومساعدتهم على حلها". ونصح الوالدين، بإعطاء أطفالهم العنان في اختيار أصدقائهم، وأدواته المدرسية وكذلك ملابسه، ولا تخيفونهم من المدرسة. وأشار إلى أن هناك الكثير من الآباء يخيفون أطفالهم من المعلم والمدرسة، بمعني إذا اخطأ يخطره بأنه سوف يقول لمعلمه أو لمدير المدرسة كي يعاقبه، وهو الأمر الذي يجعله يكره الذهاب إلى المدرسة، بالإضافة إلى العواقب النفسية الوخيمة التي يمكن أن يُصاب بها جراء ذلك كالتبول اللا إرادي، وقضم الأظافر، وكذلك الانتحار. وأضاف أنه على الوالدين ضرورة متابعه أطفالهم يوميًا في المدرسة من خلال التواصل مع مدرسيه والاخصائي الاجتماعي، وكذلك التعرف على أصدقائه. وشدد على الوالدين بالانصات الجيد لأطفالهم في كل ما يقولونه عن المدرسة وعن أصدقائهم مهما كان الحديث تافهًا من وجهة نظرك، لأنه بالنسبة له قد يبدو كارثة. واختتم حديثه قائلًا :"هناك بعض الحيل التي يمكن أن يلجأ لها الآباء لتحبيب الطفل في المدرسة، كزيادة مصروفه اليومي، جلب الهدايا والحلوى له، مكافأته ماديًا أو معنويًا حال إحرازه تقدمًا في المواد الدراسية".