اهتمت الصحف العربية الصادرة صباح اليوم السبت بتجدد الاشتباكات في مصر امام مجلس الوزراء ، ونشرت تقارير ومقالات تتحدث عن اعتداء المجلس العسكري الحاكم على شباب الثورة، واصفة ما يحدث انه بمثابة "حرب شوارع" ، مما يشير الى تداعيات خطيرة خلال اليومين القادمين، هذا فضلا عن اهتمامها بالقضية السورية والعراقية. تداعيات خطيرة وفي تقرير مفصل نشرته صحيفة "السفير" اللبنانية على صفحاتها الاولى تحت عنوان " الجيش يقمع شباب الثورة" اشارت الى ان اليومين المقبلين سيكون لهم تداعيات خطيرة بسبب أحداث الاعتداء على شباب الثورة امام مجلس الوزراء. ويقول التقرير" جدد المجلس العسكري الحاكم في مصر، أمس، اعتداءاته على شباب ثورة 25 يناير، عندما تدخلت قواته بوحشية لفض الاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء في القاهرة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم شيخ أزهري، وجرح العشرات، بعضهم أصيب بطلقات نارية، وذلك في تطوّر يتوقع أن تكون له تداعيات خطيرة خلال اليومين، بعدما التزمت السلطات الانتقالية الصمت إزاء ما جرى، باستثناء بيان تقليدي للمجلس العسكري سعىفيه لتحميل مسئولية ما جرى للمتظاهرين، فيما أعلن أعضاء المجلس الاستشاري تعليق اجتماعاتهم إلى حين وقف أعمال العنف بحق المواطنين". وروى شهود عيان ل"السفير" ما جرى أمام مجلس الوزراء، إذ أوضحوا أن المواجهات بدأت عندما كان اثنان من المعتصمين يلهوان بكرة قدم، حيث سقطت الكرة داخل سور مقر الحكومة. وقال شاهدعيان إن "أحد المعتصمين طلب من الضابط أن يقذف له الكرة، فكان أن طلب منه أن يتسلق السور ليأخذها بنفسه، وما إن استجاب الشاب حتى اعتدى عليه الجنود بالضرب"، وهو ماأشعل مواجهات حادة بين المتظاهرين وقوات الشرطة العسكرية. وتابع التقرير "اتسم تعامل حكومةكمال الجنزوري، الذي كان قد تعهد الأسبوع الماضي بعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين،بإرباك شديد، تبدّى خصوصاً في توجيه وزارة الداخلية دعوة للصحافيين للمشاركة في مؤتمر صحافي لشرح تفاصيل ما جرى، ومن ثم إلغاؤه". أما المجلس العسكري، فاكتفىبإصدار بيان اعتبر فيه أن ما شهدته منطقة مجلس الوزراء من أحداث نتج عنها العديدمن أعمال الفوضى والتداعيات المختلفة جاءت نظراً للتعدي على ضابط يؤدي واجبه اليومي المعتاد في المرور على عناصر التأمين في داخل وخارج مجلس الشعب، ما أثار حفيظةعناصر الخدمة بالتدخل لفض الحدث وانتهى الأمر إلى عودة الضابط إلى مقره بمجلس الشعب. فشل"العسكر" بينما اشارت صحيفة "الحياة" اللندنية في تقرير نشرته اليوم الى ان مواجهات مجلس الوزراء تحرج المجلس العسكري وتؤكد فشله في ادارة البلاد. ويقول التقرير:" غطى عنف المواجهات بين المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء في القاهرة وقوات الجيش على ضجيج الانتخابات البرلمانية التي بدأت نتائج المرحلة الثانية منها تظهر أمس، ونال فيها الإسلاميون النصيب الأكبر من المقاعد. ووصل سوء إدارة أزمة الاعتصام ذروته أمس عندما تعرض شاب معتصم لضرب مبرح داخل مقر البرلمان على أيدي عناصر الشرطة العسكرية، ما أشعل مواجهات سقط خلالها عشرات الجرحى، وترددت مساء معلومات عن سقوط قتلى". وبعد خروج الشاب فجر أمس مضرجاً في دمائه، تطورت الأحداث سريعاً إلى تبادل القذف بالحجارة بين المعتصمين وجنود الجيش الذين يحرسون المكان، ثم خرجت أعداد كبيرة من الجنود وفضت الاعتصام في الجهة المقابلة وعند مقر الحكومة، فاندفع المعتصمون إلى الشوارع الجانبية ثم عادوا من أكثر من اتجاه بعدما انضم إليهم آخرون تلبية لدعوات اطلقوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فانسحبت قوات الجيش إلى داخل مقري البرلمان والحكومة، وبدأ مسلسل تبادل إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة. وفي حين أعلنت وزارة الصحة مقتل شخص وإصابة خمسة بالرصاص بين عشرات الجرحى، تحدثت مصادر طبية عن مقتل ثلاثة. وتطورت الأحداث في شكل لافت مع زيادة الحشد من جانب المعتصمين وفي مواجهتهم مجموعات بزي مدني. وزادت حدة الاشتباكات حتى أن غرفاً عدة في مبان ملحقة بمقر البرلمان أحرقت بفعل القذف المتبادل بالزجاجات الحارقة بين الجانبين. وعكس تطور المواجهات أيضاً فشلاً في معالجة هذه النوعية من الأزمات من جانب المجلس العسكري الذي ظهر مرتبكاً فظل صامتاً طوال النهار ولم يصدر رد فعل حتى مساء أمس، إضافة إلى صمت حكومي نجح المحتجون في استغلاله للتدليل على أن الحديث عن صلاحيات كاملة نالها رئيس الوزراء كمال الجنزوري لم يكن سوى كلام لم ينعكس على أرض الواقع. استنزاف عسكري للاسد وعن الشأن السوري طالعتنا صحيفة "القدس العربي" بمقال تحت عنوان "سوريا: استنزاف عسكري للنظام" ويقول المقال "يبرر المقربون من النظام السوري اصراره على المضي قدما في حلوله الامنية الدمويةبالقول بان لديه، اي النظام، قناعة راسخة، بان اي تنازل مهما كان صغيرا لمطالبالشعب السوري في الحريات يعني انهياره بالكامل، لانه يعرف جيدا ان سلسلة هذهالمطالب طويلة جدا، ولن تنتهي الا بنهاية النظام، وتقديم كل رموزه المتورطة فيالقتل وسفك الدماء الى المحاكم بتهم اقلها ارتكاب جرائم حرب". هذه القناعةالراسخة تظل افتراضية، ويستخدمها الجناح المتطرف الموغل في القتل كذريعة لتعطيلالاصلاحات والاستمرار في سيطرته على مقدرات البلاد بالتالي، بمعنى انها لم تتمتجربتها على ارض الواقع لكي نسلم بالنتائج المترتبة عليها وفق تصورات هذا الجناح،اي انهيار النظام في نهاية المطاف. نضرب مثلا بدولتين، او حاكمين، تجنبا الاسوأ،وانقذا بلديهما، او نظاميهما من مصاعب كثيرة، وربما الانهيار ايضا، عندما بادرافورا الى التجاوب مع مطالب المحتجين امام قصريهما، ونفذا الاصلاحات، ونقصد بذلك العاهلين المغربي محمد السادس في اقصى الغرب، والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان فياقصى الشرق. المقارنة بينسورية وهاتين المملكتين قد تكون في غير محلها في نظر الكثيرين، ولكن يغيب عن ذهن هؤلاء ان الحكمة من هذه المقارنة تكمن في تسليط الاضواء على كيفية ادارة الازمة،والمحاولات المبذولة لايجاد الحلول لها، بهدف تطويقها، وتقليص اضرارها، وهذا ليس امتداحا للنظامين، لانهما ليسا خاليين من العيوب والنواقص، وانما لتسليط الاضواءعلى سوء ادارة النظام السوري للازمة وإصراره على العناد في رفض المطالب الشعبية،واستخدام اسلوب الحديد والنار لقمع بل وقتل كل من يشق عصا الطاعة على هيمنته وديكتاتوريته. شرق أوسط يغلي! وعن العراق نشرت صحيفة "الشرق الاوسط" مقال للكاتب حسين شبكشي تحت عنوان "شرق اوسط يغلي" حيث يؤكد الكاتب في مقاله ان الشرق الاوسط مقدم على مرحلة غليان في القريب العاجل". ويقول المقال " العراق اليوم دولة تخلصت من حكم الطاغية صدام حسين، وحلت حزب البعث الهمجي، لكن عدم تعقل الإدارة الأميركية حينها واتخاذ قرار الغزو العسكري ومراحله اللاحقة أدت إلى سقوط واضح للحكم العراقي في المستنقع الطائفي بامتياز، وليس ما يمارس من تعذيب وقبض جماعي على عناصر مختلفة من أهل السنة في العراق إلا تأكيدا على هذه المسألة، مع عدم إخفاء دلائل النمو المتعاظم للنفوذ الإيراني السياسي والأمني والعسكري على العراق وحكومته، لكن في الملف الاقتصادي لم تستطع إيران تقديم ما يميزها، وكان التميز المفاجئ هنا للأتراك الذين تمكنوا لجودة منتجاتهم وبضاعتهم وخدماتهم من الاستحواذ على كم غير بسيط من مشاريع تنفيذ المقاولات وتوريد السلع والأجهزة والمعدات لمختلف القطاعات، مما جعل لتركيا مكانة مهمة أوصلتها لأن تكون صاحبة نفوذ وثقل باستخدام القوى الناعمة الاقتصادية من دون خطاب ديني موتور ولا طائفي ولا مناطقي ولا تدخل عسكري وأمني، وهو الأمر الذي جعل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحذر من تنامي الخطر التركي في العراق، وهو تحذير يدعو للسخرية والضحك لأن نوري المالكي بهذا النوع من التصريحات يحاول تغيير الموضوع ومنع الحديث عن "الغوريلا" الكبيرة في محل الخزف، والمعنى هنا الوجود الإيراني المهول في الشأن العراقي، وهو الأمر الذي يصفه المالكي بأنه علاقة طبيعية مع دولة جارة! ويتابع المقال "ويأتي هذا الطرح وسط تغييرات مهولة وغير مسبوقة تشهدها المنطقة العربية مع نتاج الربيع العربي الذي أطاح بالجمهوريات المستبدة، وبدأت ملامح ديمقراطية شعبية حقيقية تأتي نتاجها المبهر". الأنظمة القمعية في العالم العربي وكذلك إيران ما كانت لتقوم وتستمر إلا لقدرتها على ترويج نفسها على أنها أنظمة قائمة على فكرة "مقاومة إسرائيل"، وهي دولة تجاوزت وخالفت كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية بلا رادع ولا عقاب، فهي احتلت الأراضي، وقتلت الأبرياء، وأسست نظاما عنصريا فظا، وقتلت وسجنت الآلاف، وخالفت قرارات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وتمتلك السلاح الكيماوي والنووي، واستخدمت الأسلحة المحظورة ضد الأطفال والنساء العزل، لذلك تبقى إسرائيل هي المشكلة الحقيقية الأولى في الشرق الأوسط، وسيطالها الربيع العربي برياحه قريبا جدا، وقد استشعر اليمين المتطرف الإسرائيلي ذلك الأمر وقرب وقوعه وهو الذي يفسر الازدياد المهول في الاعتداءات على مساجد العرب في فلسطين إلى أن بلغ الأمر أن تم الاعتداء على ثكنة عسكرية للجيش الإسرائيلي نفسه من قبل مجموعة "شباب التل" اليمينية اليهودية المتطرفة. ويختتم الكاتب مقاله قائلا "الشرق الأوسط مقدم على مرحلة غليان من نوع اخر قريبا جدا". الإيرانيون إلى العراق! واشار الكاتب عبد الرحمن الراشد في مقال له نشرته صحيفة "الشرق الاوسط" ايضا تحت عنوان "الايرانيون الى العراق" الى النفوذ الايراني وهيمنته على العراق . ويقول الكاتب " رغم أن أحد مسؤولي البيت الأبيض جاهد كثيرا للدفاع عن ضيفه مقال نشرته أنه يدار من قبل طهران؛ رغم ذلك لم تعد واشنطن فعلا مقتنعة بما تقوله عن المالكي، فهو - كما قال عنه نائبه صالح المطلك - ديكتاتور مطلق، وتعرف جيدا أن الزحف الإيراني على العراق حقيقي، وإن لم يكن بصورة عسكرية، بل يتم عبر صور مختلفة". أما لماذا يبدو باراك أوباما نائما، ربما لأنه يتعمد تحاشي التورط في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، بثوراتها ونزاعاتها وسلامها، لأنه يريد الفوز العام المقبل في الانتخابات الرئاسية، وحظه جيد بأن يكسب ولاية ثانية إن استمر الاقتصاد في تحسنه ولم يتورط في حروب تعقد وضعه. وهذا يفسر إصراره على الانسحاب من العراق رافضا العروض التفاوضية وتحذيرات كثير من الدول الصديقة بأن العراق رقم سياسي مهم العام المقبل مع ارتفاع التهديدات على موارد النفط الخليجية نتيجة زيادة حصار إيران بسبب اقترابها من امتلاك القوة النووية، وسقوط نظام الأسد في سوريا. والأهم والأخطر توارد الكثير من التقارير التي تؤكد أن حكومة المالكي تنقل النفط العراقي لدعم القوات السورية التي بدون هذه الإمدادات ستتوقف عن عملياتها العسكرية في مئات المدن والقرى الثائرة على نظام الأسد. وأهميتها أنها تدلل على أن السلطة العراقية تحولت إلى وكيل للنظام الإيراني الذي قطعت الممرات التي كانت تصله سابقا بسوريا، وتحديدا إغلاق الأراضي التركية في وجه إمداداته للنظام السوري. وطهران تعاني كذلك من شح العملة الصعبة بسبب الحصار الذي فرضته أوروبا عليها، والمتوقع أن تنضم الولاياتالمتحدة إليها فتقاطع البنك المركزي الذي سيكون أكبر ضربة للنظام الإيراني منذ قيام الثورة. وهذا يجعلنا نتوقع أن تندفع إيران بقوة نحو الهيمنة على العراق وتستخدمه مصرفا بنكيا بديلا، وممرا لغسل نشاطاتها المختلفة، وأرضا ترد من خلالها على المصالح الغربية في المنطقة، وتحديدا في الخليج. وبسبب الزحف الإيراني سيكون العراق، الذي يشعر بالسعادة بخروج القوات الأمريكية، مهددا بسنوات إضافية من القلاقل والصراعات الإقليمية على أرضه.