شاء حظى العاثر أن أنتدب رئيساً عاماً للجنة انتخابات إحدى دوائر الصعيد وكان ذلك فى الستينيات من القرن الماضى، وكانت التعليمات التى فرضت علينا كرؤساء تلك الدوائر تقضى بأنه لا داعى لعمل محاضر للناخبين الغائبين أو حصر المتوفين، ولابد من نجاح عضو الاتحاد الاشتراكى شئنا أم أبينا، وكان من ضمن المرشحين فى دائرتى عمدة استقال من العمودية ليرشح نفسه أمام عضو الاتحاد الاشتراكى تحدياً للنظام السائد فى ذلك الوقت، وانتشرت اللجان الفرعية فى جميع القرى الذى ستجرى فيها الانتخابات، وتم فتح لجان الانتخابات من الساعة الثامنة صباحاً وأغلقت الساعة الخامسة مساء وأنا جلست فى اللجنة العامة منتظراً الصناديق لأقوم بعد ذلك بفرز الأصوات وحتى تأتى الصناديق أردت أن أضيع وقت الفراغ فى التسلية براديو صغير لأستمع إلى نشرة أخبار الساعة الخامسة، وقد فوجئت فى النشرة بإذاعة نتائج الانتخابات، وكانت الطامة الكبرى حينما سمعت بأذنى نتيجة انتخابات دائرتى التى أشرف عليها بنجاح عضو الاتحاد الاشتراكى، قبل أن تصلنى الصناديق محملة بأصوات الناخبين واندهشت لذلك جداً فكيف يتم إذاعة نتيجة قبل وصول الصناديق وأقوم بفرزها!! هل هذا يعقل؟؟ المهم.. بعد عدة ساعات وصلت الصناديق، وطبعاً أصدرت أوامرى بفتحها فقط (ولا داعى للفرز؟!!) فقد أراحتنا الدولة والحمد لله آنذاك وقامت هى بالواجب.. وأعلنوا النتيجة والحمد لله ثم جاءنى العمدة المستقيل من العمودية الذى رشح نفسه منافساً لعضو الاتحاد الاشتراكى، وسألنى بسذاجة: أريد أن أعرف عدد الأصوات التى نلتها فى قريتى، فرددت عليه مستنكراً السؤال وقلت له ولا صوت واحد لك يا عمدة.. فرد الرجل قائلاً: حتى صوت زوج ابنتى فقلت نعم، فرد ساخراً هل فى الصندوق عفريت؟؟ فأجتبه قائلاً بل فى الصندوق شياطين، ومن يومها أقسمت ألا أشترك فى أى انتخابات تجرى على أرض مصر، إلا هذه الأيام عندما وجدت أن المناخ قد تغير وأصبحت مصر للمصريين بعد اختفاء الشياطين من الصناديق. --------- عضو الهيئة الوفدى