جامعة طنطا تستضيف فاعليات مبادرة بداية جديدة لضمان جودة التعليم    ب«برامج تعليمية وتحية العلم».. بدء العام الدراسي بجامعة أسوان    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    وزير خارجية إسبانيا يوقع في القاهرة "التحالف من أجل التنمية المستدامة 2025-2030" بين بلاده ومصر    استقرار سعر الأرز بالأسواق اليوم    "مياه الفيوم" تنفذ جداريات توعوية ضمن مشروع صحتهم مستقبلهم    مقتل إسرائيلي وإصابة آخر بجروح خطيرة فى إطلاق نار قرب معبر الكرامة    هؤلاء يدعمون إسرائيل.. منظمة العفو الدولية تنشر قائمة "شركاء الإبادة"    تأجيل كلمة المتحدث باسم جيش الاحتلال بسبب هجوم بمسيرة على إيلات    بلافتات "ليسوا يهودا ولا يخدمون اليهود".. تظاهرة ضد نتنياهو فى مانهاتن    طبيب الزمالك يكشف طبيعة إصابة عمر جابر وحسام عبد المجيد    القنوات الناقلة مباشر لمباراة برشلونة ضد نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا.. والمعلق    المقاولون العرب يدرس السير الذاتية للمدربين بعد فسخ التعاقد مع مكي    "دخول الإسعاف".. توقف مباراة أسوان ولافيينا بعد سقوط عنيف    الداخلية تكشف حقيقة قيام أحد رجال الشرطة بالاعتداء على المواطنين بكفر الشيخ    تحذير عاجل من الأرصاد.. نشاط رياح واضطراب بالملاحة على هذه الشواطئ    5 معلومات عن الملك بسوسنس رادع الغزاة بعد صهر تحفة ال3000 عام ب180 ألف جنيه    مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن تفاصيل الدورة الثالثة من سوق سيني جونة وبرنامج المواهب الناشئة    "هى مين فيهم؟".. شيماء سيف تثير الجدل بصورتها مع إليسا    ما حكم حفظ القرآن في المسجد أثناء الحيض؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم تبديل سلعة بسلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: المبادرة الرئاسية صحتك سعادة تواصل تقديم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    نائب رئيس جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي لقسم الباطنة العامة بكلية الطب    ضبط 280 كيلو لحوم فاسدة بأختام مزوّرة في حملة للطب البيطري بسوهاج    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    تأجيل نظر تجديد حبس "علياء قمرون" بتهمة خدش الحياء العام ل 20 سبتمبر    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    "التعليم العالي": التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    قطع وضعف المياه عن مناطق بغرب الإسكندرية اليوم ولمدة 6 ساعات    الصحة: تقليص معدل الإنجاب وتحسين الخصائص السكانية في 7 محافظات    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    "فلافل" و2 جنيه السبب.. كيف حسمت كيت بلانشيت مشاركتها في "كابوريا"؟    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    إهانة ونفس ما حدث في لقاء الزمالك.. غزل المحلة يهاجم حكم مباراة المصري    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الشرع: أمريكا لم تمارس الضغط على سوريا.. والمحادثات مع إسرائيل قد تؤدي لنتائج الأيام المقبلة    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح الإعلام والتليفزيون المصرى (1)
نشر في الوفد يوم 18 - 10 - 2011

ذات يوم قال الرئيس الفرنسى الراحل شارل ديجول " أنا لست فى حاجة إلى حكومة، فأنا أستطيع أن أحكم فرنسا عن طريق التليفزيون"،.. لو أن الله قد أمد فى عمر ديجول ليرى تغطية التليفزيون المصرى للأحداث الكبرى التى وقعت منذ الخامس والعشرين من يناير الماضى
وحتى مذبحة ماسبيرو لأضاف الزعيم الفرنسى إلى مقولته " وأستطيع أن أخربها أيضا".
لا أحد فى العالم يشك فى خطورة وأهمية أجهزة الإعلام خاصة الإذاعة والتليفزيون، فهى إما أن تكون أدوات إصلاح أو أدوات خراب، وفى هذا المقال سوف أركز على التليفزيون – الرسمى بالدرجة الأولى ثم الخاص ، من خلال التأكيد على عدد من الحقائق التالية:
- مبنى الإذاعة والتليفزيون فى ماسبيرو هو مبنى سيادى يتبع وزارة سيادية هى وزارة الإعلام، وهذه الوزارة لم يعد لها مثيل فى العالم إلا فى الدول المتخلفة، وحتى فى الدول المتخلفة ولا فى أى دولة فى العالم سوف تجد مبنى للإذاعة والتليفزيون يعمل به 43 ألف نسمة !! ، بل إن أكبر شبكات الإذاعة والتليفزيون الرئيسية فى الولايات المتحدة الأمريكية لا يبلغ تعداد العاملين الدائمين فيها كلها، وبدون المحطات الصغيرة فى مختلف المدن الأمريكية التى تتعاقد معها لتغطية الأخبار – 43 ألف ،... ووزارة الإعلام فى مصر موجودة منذ قيام حركة الضباط الأحرار أو ثورة يولية 1952 وحتى يومنا هذا وتحت مسميات مختلفة مثل " وزارة الإرشاد القومى" أو وزارة الإعلام والثقافة ( بعد إندماجهما فى وقت من الأوقات) أو وزارة الإعلام كما هى الآن.
- هناك سبب هام جدا لكون مبنى الإذاعة والتليفزيون فى مصر أحد أهم مبانى الدولة السيادية الرئيسية ألا وهو إرتباطه الوثيق بمنظومة وشرعية أو عدم شرعية الحكم العسكرى أو الجمهورى البريتورى، فأول بيان أذيع للشعب المصرى وللعالم عن إنقلاب حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 ألقاه الضابط محمد أنور السادات من مبنى الإذاعة المصرية القديم فى شارع الشريفين فى وسط القاهرة، منذ ذلك اليوم والعسكر الذين يحكمون مصر يولون عناية خاصة جدا لمبنى الإذاعة والتليفزيون لأنهم يعلمون جيدا أنه هدف رئيسى لكل فرد أو جماعة تريد الإستيلاء على الحكم وتغيير النظام، وبعضنا يذكر ما حدث عقب إغتيال الرئيس السادات مباشرة فى أكتوبر 1981 من محاولة الإستيلاء المسلح على مبنى الإذاعة والتليفزيون فى ماسبيرو.
- فى أواخر حقبة الخمسينيات من القرن الماضى أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا جمهوريا بإنشاء التليفزيون المصرى، إدراكا منه بأهمية وخطورة التليفزيون، وقد تولى هذه المهمة الدكتور عبد القادر حاتم – أطال الله عمره – وزير الإرشاد القومى أو الإعلام فى ذلك الوقت، وعندما أعلنت الوزارة عن مسابقة لتعيين عدد من المذيعيين والمذيعات الجدد للعمل فى التليفزيون تقدم نحو مائتى فرد لم ينجح منهم أحد، وفى النهاية أضطرت الدولة إلى إختيار عدد من خريجى الجامعة الأمريكية وكليات الألسن والآداب من أقسام اللغات الإنجليزية والفرنسية من الجنسين،.. ورغم أن التليفزيون المصرى الذى أنشىء فى عام 1960 بدأ بميزانية متواضعة جدا، بمبلغ مائتى ألف جنيه مصرى فقط لا غير ، وبإمكانيات قليلة جدا، إلا أنه ولد عملاقا، وقبل أن تحل الذكرى الرابعة لمولده، وبعد أرسال العشرات فى بعثات للخارج من مذيعيين ومذيعات، ومخرجين وفنيين..الخ ، أستطاع التليفزيون المصرى أن يقيم فى عام 1964 أول وأنجح مهرجان تليفزيونى عالمى فى العالم العربى وقارة أفريقيا كلها، ورأينا مذيعين ومذيعات من جيل الرواد العمالقة من أمثال همت مصطفى وصلاح زكى وحمدى قنديل والصديق الراحل أحمد سعيد أمين وحلمى البلك وفؤاد منيب (إبن الراحلة مارى منيب) وليلى رستم وسلوى حجازى وأمانى ناشد وملك إسماعيل وهند أبو السعود ، ومن المخرجين العملاق محمود مرسى الذى أخرج أول تمثيلية سهرة للتليفزيون بعنوان " الحب الكبير"، ومخرجى الدراما والمنوعات التليفزيونية من أمثال نور الدمرداش ومحمد سالم وميلاد بسادة وفايز حجاب وإبراهيم الشقنقيرى وحسين كمال وغيرهم، يقدمون للمشاهد المصرى تحفا فنية وروائع من البرامج المتنوعة والمسلسلات التى ستخلد لعشرات السنين القادمة ،.. فأين التليفزيون المصرى الآن وفى الثلاثين عاما الأخيرة من هؤلاء الكبار العظماء؟ لماذا لا يستغل التليفزيون المصرى الأحياء منهم ويستفيد بخبراتهم ومواهبهم على الأقل كمستشارين للتليفزيون ، ومعظمهم لا يزالوا قادرين على العطاء وبحب وإخلاص للتليفزيون ولمصر ولن يطلب أحدهم أو إحداهن مليون جنيه فى الشهر كمرتب أو بدلات فقد كانوا يعملون فى عز مجدهم بأجور متواضعة للغاية أو ملاليم بالمقارنة لما يتقاضاه بعض المذيعين والمذيعات الآن ممن لا يعرفون ألف باء العمل التليفزيونى والإعلامى؟!!
- إن العمل فى قطاع الميديا – خاصة التليفزيون- فى أى بلد متحضر فى العالم ليس كالعمل فى أى وظيفة حكومية أو غير حكومية أخرى، وإنما يتطلب بالدرجة الأولى أناس من الجنسين من ذوى المواهب والقدرات الخاصة، على مستوى عال وراق من التعليم والثقافة الواسعة والعقل النقدى لا العقل الناقل بلا وعى، لكن ما حدث خلال العقود الثلاثة الماضية أننا رأينا جميعا تفشى ظاهرة " الواسطة والمحسوبية"، والشللية والفساد فى كل قطاعات التليفزيون والإعلام المصرى الرسمى والخاص على حد سواء، وطبعا كل هذا تم على حساب أهل الموهبة والكفاءة والثقافة والمهنية.
- إننى أعتبر المسئول الأول والأكبر عن الفساد والخراب الذى حل بالتليفزيون المصرى الرسمى وبمنظومة الإعلام المصرى ككل هو المدعو محمد صفوت الشريف وزير الزفت الإعلام السابق. عندما هاجرت من مصر فى عام 1979 كنت أعمل فى وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكان صفوت الشريف يعمل وقتها فى الهيئة العامة للإستعلامات نائبا للدكتور مرسى سعد الدين، وكنت أعرف من زملاء لى فى الهيئة ويعرف الوسط الصحفى كله سمعة هذا الرجل، وكيف أن مهمته الأولى فى الهيئة كانت كتابة التقارير المغرضة فى حق الزملاء العاملين بالهيئة من ذوى أصحاب القدرات والكفاءات،.. وكان من بينهم المستشار الثقافى المصرى فى باريس فى ذلك الوقت الدكتور ممدوح البلتاجى الذى كان الرئيس السادات يفكر فى تعيينه وزيرا للإعلام، لكن بسبب تقرير مغرض وملىء بالإفتراءات والأكاذيب كتبه صفوت الغير شريف تم إستبعاد البلتاجى ، الذى عينه الرئيس حسنى مبارك بعد ذلك بسنوات قليلة رئيسا للهيئة العامة للإستعلامات ، ولكن متى.. بعد أن أطاح صفوت الشريف برئيسه مرسى سعد الدين من منصبه وأصبح صفوت الشريف هو نفسه وزيرا للإعلام المصرى ولمدة 25 سنة متتالية!! .. يا إلهى ما كل هذا الجبروت والإستخفاف بالشعب المصرى؟!!! .. إن تعيين هذا الرجل الذى تعرف مصر كلها طبيعة عمله السابق فى جهاز المخابرات المصرى كقواد ينفذ الأعمال الخسيسة القذرة التى كان يقوم بها صلاح نصر رئيس الجهاز، وقبض عليه فى قضية إنحراف جهاز المخابرات العامة الشهيرة ، ثم بعد عشر سنوات يعين وزيرا للإعلام المصرى لا إسمحوا لى لأقول أن هذا حقا من المضحكات المبكيات، ويدرج تحت بند " اللا معقوليزم" والعبث والإستهانة بالشعب المصرى وبعقول المصريين، إن قرار مبارك بتعيين هذا الرجل فى هذا المنصب ولمدة ربع قرن من الزمان كان وسيظل بمثابة وصمة عار فى جبين الإعلام المصرى يتحمل وزره فى المقام الأول حسنى مبارك نفسه، ولو كان فى مصر أدنى قدر من العدالة والشفافية لحوكم مبارك والشريف بتهمة إفساد الحياة السياسية فى مصر،.. إن مجرد تعيين رجل مخابرات سابق كوزير للإعلام أمر لا يحدث حتى فى أشد الدول تخلفا ذلك لأن طبيعة عمل رجل المخابرات ورجل الإعلام هما ضدان متنافران لا يصح أن يجتمعان ، فالأول السرية هى طبيعة عمله، وأما العلنية فهى طبيعة عمل الثانى، ولكن أن يجتمع الإثنان فى شخص رجل واحد فهذا ما يطلق عليه فى الثقافة الغربية "Oxymoron تعبيير "
أى التناقض الظاهرى المثير للسخرية، مثل أن تقول هذا خبر قديم وجديد فى وقت واحد أو أن تقول بارد وسخن أو الميت الحى،..
- إن مشكلات التليفزيون المصرى المتراكمة عبر السنين أكبر بكثير من قدرات أى وزير إعلام أو حتى رئيس وزراء مصر، إن الجهة الوحيدة القادرة على الحل هى المجلس العسكرى الحاكم ورئيسه المشير محمد حسين طنطاوى والذين بيدهم كل السلطات بما فيها سلطة إصدار مرسوم له قوة القانون ، لأن الذى يكبل يد وزير الإعلام أو حتى رئيس الوزراء هو كم هائل من القوانين المتعددة والمتضاربة والتى تحمى الكثير من الفاشلين والفاسدين والمقصرين.
لقد ظلم الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء - ودون أن يدرى - الزميل أسامه هيكل عندما إختاره فى منصب وزير الإعلام، وظلم هيكل نفسه بقبول هذا المنصب، وكلاهما ظلما أنفسهما والشعب المصرى، والمجلس العسكرى ضحك على الجميع.
إذن ماهو الحل؟ .. أو بالأحرى ماهى الحلول العلمية الجريئة لحل أزمة التليفزيون المصرى الرسمى والإعلام المصرى ككل بصفة عامة؟ هذا هو ما سأعرض له بالتفصيل فى الجزء الثانى من المقال القادم بإذن الله.
------------------------
كاتب صحفى مصرى – كندى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.