عجز الموازنة.. مشاكل الضرائب.. ملف الجمارك.. 3 محاور أساسية قرر على أساسها شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، الحكم على هاني قدري وزير المالية السابق بالفشل وإنهاء فترة توليه للوزارة، ومن هذا المنطلق تعد تلك القضايا الشائكة التحديات الأساسية التي يواجهها عمرو الجارحي وزير المالية الجديد ونوابه الثلاثة الدكتور محمد معيط وعمرو المنير وأحمد كوجك. يأتي مأزق عجز الموازنة أول التحديات التي سيخوضها الوزير الجديد نظرًا لتوقيت توليه المنصب مع فترة الانتهاء من إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016-2017، خصوصًا أن عجز الموازنة كان سببًا رئيسيًا في رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي للموازنة السابقة، قبل أن يأمر الوزير السابق هاني قدري بضرورة تقليص العجز المقدم بقيمة بلغت 30 ملياراً ليبلغ 251 مليار جنيه بنسبة 8.9% من الناتج المحلى الإجمالى، بدلاً من 281 ملياراً، بنسبة 9.9%. وعلى رغم الأزمة التي وقعت بين الوزير المعزول هاني قدري والرئاسة بشأن موازنة العام الماضي إلا أنه وجه صدمة جديدة للحكومة منذ أيام قليلة بزيادة العجز المتوقع في الموازنة إلى نحو 9.9% من الناتج المحلي، وهي النسبة التي أحدثت الأزمة في الموازنة السابقة، وبرر ذلك بتداعيات القرارات الإصلاحية التي قام بها البنك المركزي من تحريك سعر الجنيه أمام الدولار، والتي رأى أن آثارها ستصل إلى 10% من إجمالي فاتورة الدعم الموجه للمواطن. وامتدت التصريحات التشاؤمية للوزير السابق إلى معدلات النمو الاقتصادي، حيث هبط بها من توقعات بنحو من 5 إلى 5.5% إلى 4% فقط كأقصى تقدير. وتمثل تلك الأزمة التي وقع فيها الوزير السابق «هاني قدري» خطرًا شديدًا يهدد مهمة الوزير الجديد «عمرو الجارحي» ونائبه وأحمد كوجك المسئول عن السياسات المالية، ومعه والدكتور محمد معيط نائب الوزير لشئون الخزانة العامة، حيث من المنتظر أن يشهد مشروع الموازنة العامة تعديلات جديدة بشأن حجم العجز في الموازنة حتى لا يتعرض إلي الرفض من جانب الرئيس، وذلك من خلال ما طالب به رئيس الوزراء من إجراءات حقيقية للسيطرة على العجز ووضع حلول جذرية له. وتمثل مشاكل الضرائب ملفًا صعبًا أمام الوزير «عمرو الجارحي» ونائبه عمرو المنير الخاص بالسياسات الضريبية، خاصة بعد التعديلات العديدة التي شهدها قانون الضريبة على الدخل والتي أدت إلى تشوهات عديدة في نسبة الضريبة جعلتها تتخطي 30% بدلاً من 20% كما هي مقررة بالقانون رقم 91 لسنة 2005، حتى عادت النسبة مرة أخرى لتستقر عند 22.5%، مما يدل على عدم استقرار السياسة الضريبية طوال فترة تولي هاني قدري للوزارة، وبالتالي إعطاء صورة سلبية حول مناخ الاستثمار في مصر، خاصة في ظل اعتراضات كبيرة من جانب الشركات ورجال الأعمال بشأن تغيير أداء مصلحة الضرائب، والذي ابتعد تمامًا عن فلسفة الثقة التي بناها قانون الضرائب، حيث تقوم المصلحة بفحص كافة الإقرارات الضريبية بعيدًا عن مبدأ الفحص بالعينة، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة بين الضرائب والمستثمرين وخلق نزاعات ضريبية عديدة. ويمتد ملف المشاكل الضريبية إلى قانون الضريبة على القيمة المضافة والذي تسبب الوزير السابق «هاني قدري» في تأخر صدوره حتى الآن، حيث أصر وقت توليه مهمة الوزارة على إجراء تعديلات على مشروع القانون، مما استهلك وقتًا طويلا في إعداد تلك التعديلات، بخلاف عدم إجرائه مناقشات جادة مع منظمات الاعمال والاتحادات والغرف الصناعية والتجارية، حيث لم تعلن وزارة المالية حتى نسبة الضريبة المقترحة في مشروع القانون، خاصة في ظل اعتراضات كبيرة من رجال الصناعة على القانون. وتسبب تأخر الوزير السابق في الانتهاء من مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة في التأثير على موارد الموازنة العامة للدولة، حيث أدي إلى خسارة الموازنة حصيلة ضريبية مستهدفة بواقع 31 مليار جنيه من قانون الضريبة المضافة لعدم تطبيقها، خاصة في ظل صعوبة تطبيق القانون في الوقت الحالي خوفًا من تداعياته على زيادة أسعار السلع، والتي أقر «قدري» بحدوثها جراء تطبيق القانون. ومن المنتظر أن يكون مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة من أولويات وزير المالية الجديد «عمرو الجارحي»، وذلك من خلال الإسراع في مناقشته مع ممثلي مجتمع الاعمال قبل عرضه على مجلس النواب لتمريره. كما تشمل قائمة الصعوبات الضريبية التي تواجه الوزير الجديد مخالفات تطبيق قانون الضريبة العقارية، من خلال مطالبة أصحاب العقارات بتقديرات جزافية على وحداتهم دون توفر لبيانات حقيقية حول حصر المباني العقارية، بخلاف عدم نجاح مصلحة الضرائب العقارية في إعداد معايير لمحاسبة الأنشطة السياحية والتجارية والصناعية حتى الآن!!. أما أزمة الجمارك فتتعلق بمشروع القانون الذي يظل حبيس الأدراج منذ سنوات، ولم يقم الوزير السابق بالإفراج عنه، رغم ما يزعم بشأن اتخاذ خطوات جادة منذ أكثر من عام ونصف العام لتطوير العمل الجمركي، من خلال إصدار عدد من التشريعات في مجال التعريفة الجمركية والتشريعات المرتبطة بالاستثمار واللائحة التنفيذية لقانون الجمارك، إلا أن التعريفة الجمركية الأخيرة قد لاقت ردود أفعال سلبية واعتراضات لتسببها في زيادة أسعار السلع. وتأتي تكليفات رئيس الوزراء لوزير المالية الجديد بضرورة الانتهاء من مشروع قانون الجمارك بصيغة تستهدف حماية الصناعة المصرية التى تتعرض لضرر كبير نتيجة التهريب ودخول البضائع الرديئة الضارة بالصحة، وإسهام القانون فى إزالة هذا الضرر من خلال تشديد العقوبات وسد ثغرات أنظمة الإفراج الجمركى المختلفة سواء الإفراج المؤقت أو نظام رد الضرائب «الدروباك» بالإضافة إلى تطبيق منظومة الشباك الواحد، من خلال إنشاء مراكز لوجستية عديدة. ولم تتوقف التحديات التي تنتظر وزير المالية الجديد عند السياسات المالية والضريبية فقط، بل تمتد إلى ضرورة التصالح مع موظفي الضرائب، وذلك بعد أن شهدت العلاقة بينهم وبين الوزير السابق توترًا كبيرًا أدى إلى حدوث فرحة عارمة من جانب الموظفين برحيل «هاني قدري»، حيث عارض الوزير السابق طلبات الموظفين بالحصول على حقوقهم المادية من الحوافز والمكافآت، وحدث خلاف بينهم حول تطبيق قانون الخدمة المدنية عليهم، وعدم تعويضهم بنظام حوافز جديد يتلافى عدم حدوث زيادة سنوية معقولة في رواتبهم. وألقت هذه التحديات بظلالها على أول اجتماع للوزير الجديد بالوزارة عقب حلف اليمين الدستورية، حيث طالب قيادات الوزارة من نوابه ومساعديه طرح حلول ومبادرات للمشكلات والتحديات التى تواجه الوزارة، والتركيز على ملفات عجز الموازنة وتبنى آليات متعددة لتدبير الاحتياجات التمويلية للجهات العامة، مع إعادة النظر في الإجراءات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية لإعادة تقييم آثارها ومدى احتياجها لإجراءات مكملة، والسعى لتحقيق سياسات مالية تحقق التوازن والعدالة الاجتماعية لتنشيط الاقتصاد وخلق فرص عمل. وإعداد مقترحات وحلول مبتكرة (خارج الصندوق) لزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق وإيجاد بدائل تمويلية جديدة لتخفيض عبء تمويل الدين العام وزيادة كفاءة إدارته واستحداث برامج جديدة ذات مردود إيجابى، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإحكام الرقابة على المال العام والانتهاء من عمليات الربط الإلكتروني لوحدات الجهاز الإداري للدولة لإيجاد رقابة على عمليات الإنفاق العام قبل وبعد الصرف.