سنوات من الكد والتعب قضتها السيدة "حميدة" بين أبنائها، كانت هي الأم والأب والسند لأطفالها الستة.. لم تتنفس الأم المثالية - التي حصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة – الصعداء بنتاج تعب السنين وتخرج الابن الأكبر "باهر" في كلية الهندسة حتى اختطفه الموت أمام عينيها قبل زفافه بأسابيع قليلة، فاسودت الدنيا في عين الأم بوفاة ابنها في حادث أمام عينيها لكنها لملمت جراحها ونهضت من جديد تستكمل رسالتها مع أبنائها الخمسة. تقول حميدة مصطفى ل"الوفد": "أنا مكنتش منتظرة تكريم ليا في الدنيا، أنا مستنية جزاء الصابرين في الآخرة، ربنا كرمني ووقف جنبي في تربية أولادي الستة، كان أكبرهم باهر تخرج في كلية الهندسة واشتغل في مجال عمله، وكان يستعد للزواج، لكن القدر كان له كلمة أخرى، وتوفى أمام عيني في حادث صدمته فيه سيارة مسرعة، وكان ابني يومها صائمًا، وبدلاً من أن يرتدي بدلة زفافه ارتدى الكفن ورحل عني، مجدداً في نفسي الأحزان وآلام الفقد. وتابعت: "خبر فوزي بالأم المثالية هوّن عليا تعب السنين، وكنت أتمنى أن يكون باهر معي ليشهد هذه اللحظة، لأنه كان يتمنى دائماً أن يتم تكريمي". وقالت زوجي: "كان يعمل موظفاً بالتربية والتعليم، وتوفى منذ 25 عامًا وكان أكبر أبنائى وقتها في الصف الثالث الإعدادي، وأصغرهم لم تتعدَ عمرها السنة ونصف السنة، ووجدت نفسى بمفردى ومسئولة عن 6 أطفال بجانب والدة زوجى التى كانت تعيش معنا، ولم يكن لدى وقتها سوى معاش زوجى، الذى لا يتعدى 100 جنيه، وهو ما اضطرني وقتها لعمل مشروع صغير بالمنزل حتى أكون بالقرب من أولادى ولا أتوانى عن رعايتهم، وعلى رغم أن الدخل كان محدودًا لكن البركة كانت في الرزق، وفي كل نجاح وتفوق يحققه الأولاد سنة بعد سنة في مدارسهم وجامعاتهم حتى حصلوا على أعلى الشهادات، حيث حصل غبنى باهر، رحمه الله، على بكالوريوس الهندسة، وباسم حصل على بكالوريوس الصيدلة، على رغم حصوله على مجموع 101% بالثانوية العامة، إلا أن ظروفنا المادية الصعبة حالت دون التحاقه بكلية الطب، التى كنا نتمناها، وحصلت ابنتى لمياء على ليسانس تربية رياض أطفال وتعمل مدرسة، وحصلت هناء على بكالوريوس زراعة، ومروة حصلت على بكالوريوس التجارة، وأخيراً ابنتي الصغرى آيات حصلت على ليسانس الحقوق، وتابعت اكتملت فرحتى بزواج أبنائى وأصبح لدى 8 أحفاد.