يبدو أن الأزمة السورية، آن لها أن تنفرج، بعد خمس سنوات من التشتت والضياع، وتصارع القوى الإقليمية عليها. وأعلن حزب الله اللبناني، عن بدء سحب ميليشياته العسكرية من الأراضي السورية، وسبقته القوات الروسية، التي خرجت من دمشق بالأمس بشكل جزئي. وأعلنت صحيفة، «القدس العربي»، أن المئات من عناصر حزب الله اللبناني، الذين يقاتلون في سوريا، بدأوا العودة إلى منازلهم بالضاحية الجنوبية في لبنان بشكل مفاجيء وكثيف دون سابق إنذار. وأكدت الصحيفة، أن الحزب بدأ سحب المئات من مقاتليه من سوريا، تنفيذًا لاتفاق أمريكي-روسي يدعم الحل السياسي في البلاد. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، مساء أمس، أن موسكو بدأت عمليًا سحب معداتها العسكرية من سوريا، تنفيذًا لأوامر صدرت من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقالت الوزارة إنها بدأت بتجهيز الطائرات الروسية في قاعدة حميميم بسوريا للعودة إلى روسيا. وأرجع خبراء الشأن السياسي، الانسحاب المفاجىء لحزب الله، إلى ثلاثة أسباب وهي: «اتفاق الأطراف المتنازعة في الأزمة السورية على الحل عبر التفاوض، ورسالة إلى الحكومة السورية بعدم التشدد في مطالبها خلال مباحثات جنيف 3، فضلًا عن وجود اتفاق روسي أمريكي لإعادة توزيع المطامع والمصالح بينهم في المنطقة». الدكتور فريد خان، المتخصص في الشأن العربي، أوضح أن انسحاب حزب الله جاء بإيعاز من إيران، المعروف أن حزب الله ذراعها في المنطقة، مشيرًا إلى أنه يأتي ضمن مجموعة الانسحابات التي شهدتها المنطقة، والتي بدأت بضعف التواجد السعودي في لبنان، ثم روسيا وحزب الله من سوريا. وأوضح، أن الانسحاب المتتالي من قبل روسيا وحزب الله، يدل على أن المناوئين لنظام بشار الأسد، بدأوا في تغيير سياستهم الدولية، الداعمة للرئيس السوري، وباتوا يفضلون طاولة التفاوض لحل الأزمة على التدخل العسكري ومساندة طرف لصالح آخر. ولفت، إلى أن انسحاب حزب الله، دليل على وجود تقارب روسي أمريكي، كشفته المحادثة التي تمت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي باراك أوباما، والتي توصلت إلى حلول لتسوية المنطقة، وإعادة توزيع الأطماع والمصالح بين روسيا وأمريكا. وتوقع، أن انسحاب الطرفين، بشكل متتالي، سيعمل على انفراجة الأزمة السورية، ويجعل نهايتها في يد مفاوضات جنيف 3، التي ستشكل بلورة جديدة للمشهد السوري، عن طريق التفاوض. وعلق الرئيس اللبناني الأسبق، ميشال سليمان، على انسحاب الحزب اللبناني، في تغريدة له على موقع «تويتر»، قائلًا: «أمام إعلان موسكو سحب قوتها الرئيسية من سوريا؛ بات تطبيق إعلان بعبدا عبر انسحاب حزب الله أمرًا ضرويًا». وأوضح مختار غباشي، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن انسحاب حزب الله دليلًا على وجود اتفاق من الأطراف الدولية المشاركة في الأزمة السورية، على الوصول إلى حل سياسي، مشيرًا إلى أن الانسحاب مرتبط برغبة حزب الله في عدم مساندة بشار الأسد بشكل كلي، حتى يكون هناك تساهل على طاولة المفاوضات. ولفت، إلى أن هناك ارتباط وثيق بين الانسحاب الروسي وحزب الله، وهو أن الطرفان أرادا إعطاء مفاوضات جنيف فرصة لحل الأزمة، فضلًا عن وجود ضغوط من القوى الإقليمية لوقف أي تدخل في دمشق، وبدء مفاوضات جادة. وأشار، إلى أن الانسحاب يعد رسالة إلى الحكومة السورية، بألا تتشدد في مطالبها، لاسيما أن أطراف الأزمة بدأوا في الانسحاب الجزئي، مشيرًا إلى أنه الأمور ستنعكس إيجابيًا على المفاوضات، لاسيما أن الأطراف التي تساند الأسد، ويستمد قوته منها –حزب الله وروسيا-، بدأت بالتفاوض والتساهل. وعلى النقيض، اختلف معهم الدكتور، سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، مؤكدًا أن انسحاب الحزب اللناني لا علاقة له بخروج القوات الروسية؛ لأن أطراف الأزمة السورية، والمجتمع الدولي كله بات متحمسًا للحل السياسي، وبات الحل العسكري مستبعدًا لعدم جدواه. ولفت إلى أن الانسحابات المتتالية، تصب في صالح الأزمة السورية، لاسيما بعدما تأكد المجتمع الدولي، أن الأطراف المتنازعة في الأزمة السورية، لها مصالح ومطامع أخرى بعيدة عن حل الأزمة السورية.