توالت على مصر عقب ثورة يناير 7 حكومات، بداية بحكومة الفريق أحمد شفيق التى تولت بعد سقوط حكومة أحمد نظيف، ثم جاءت حكومات عصام شرف وكمال الجنزورى وهشام قنديل وحازم الببلاوى وإبراهيم محلب وشريف إسماعيل. هذه الحكومات خرجت من العمل المنوط بها ما بين الإقالة والاستقالة والرفض الشعبي، وكل وزارة تتشكل من 35 وزيراً وكل وزير يخرج تفرض الحكومة على مسكنه حراسة خاصة ما يكلف الدولة مبالغ طائلة تبلغ أكثر من 400 مليون جنيه سنوياً تمثل تكلفة حراسة الوزراء من أفراد أمن وسيارات لتنقلهم. والبداية كانت عندما كلف الرئيس المخلوع حسنى مبارك الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة بعد إزاحة حكومة نظيف فى 11 فبراير 2011 والتى خرجت للمحاكمة، وتم تكليف فريق من أفراد الأمن من وزارة الداخلية لتأمين الوزراء، وهذا هو ما استمر مع 7 حكومات بعد ثورة يناير، ما أدى إلى قيام أحد المحامين بتقديم دعوى للمطالبة برفع الحراسات على الوزراء. وكان المشهد الذي تعوّد المصريون عليه منذ سنوات طوال هو استمرار الحكومة لنحو 5 سنوات، وتظل الحكومة تفعل ما تشاء بدون حساب أو عقاب وتتم سرقة ونهب مقدرات الشعب بدون حساب أو عقاب، وكل وزير يخرج من وزارته كان لديه حراسة مكلفة من الدولة تستمر لفترة طويلة، وهذا هو مشهد ما قبل الثورة، أما مشهد ما بعد الثورة فقد تبدل فيه الحال تماما، فعلى مدى 5 سنوات مرت منذ ثورة 25 يناير توالت على المصريين 7 حكومات. اختلفت آراء سياسيين ورجال قانون وخبراء أمنيين حول استمرار الحراسات الخاصة أو رفعها، حيث مازالت هناك حراسات على وزراء حكومة أحمد نظيف من رجال الحزب الوطنى. قال المستشار بهاء أبوشقة سكرتير عام حزب الوفد: لا أحد يستطيع أن يحدد اختيار الحراسات الخاصة على الوزراء أو الشخصيات العامة أو بعض أعضاء هيئة القضاء إلا جهاز الداخلية لأنه هو المكلف بحماية المسئول بعد الانتهاء من مهام وظيفته، لأن سلامة الوزير أو أى شخص من اختصاص وزارة الداخلية، وعلى سبيل المثال بعض المستشارين الذين حكموا فى بعض القضايا المهمة كان لزاماً على وزارة الداخلية فرض حراسة حول منازلهم بعد خروجهم على المعاش حتى لا تتعرض حياتهم للخطر. وأكد «أبوشقة» أن بعض الوزارات الخدمية لم تكن مستهدفة مثل: التربية والتعليم أو الصحة أو البيئة، ومن الطبيعى عدم فرض حراسة على شقق الوزراء بعد خروجهم من مهام عملهم، وقد ترى الجهات الأمنية تعيين حراسة عليهم لمدة شهرين فقط لأسباب معينة. وعلق «أبوشقة» على صرف الملايين من الجنيهات على الحراسات والشعب فى أمس الحاجة إلى هذه الجنيهات، بأن هذا رأي يحترم ولابد من مناقشته وتقنين الأوضاع لعدم صرف الملايين بدون وجه حق خاصة أننا بعد ثورتين عظيمتين طالب فيهما الشعب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وقال الدكتور نصر سالم، أستاذ العلوم السياسية بأكاديمية ناصر، إنه بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن حكم مصر، استهدفت الجماعات الإرهابية الشخصيات العامة، خاصة الوزراء، وشاهدنا بعد ثورة يناير اغتيالات لضباط ولواءات شرطة وتم استهداف اغتيال مواكب وزراء مثل محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق وتمكنت هذه الجماعات من تهريب كميات كبيرة من الذخيرة والسلاح النارى عبر الحدود المصرية الليبية والسودانية فى عهد مرسى وإخفائها فى مخازن فى الصحراء وبعد سقوط الرئيس الإخواني بدأت تظهر التفجيرات والاغتيالات، فوجب على وزارة الداخلية تعيين حراس على الوزراء لحماية البلد من خطر الإرهاب. وأضاف «سالم» أن وزارة الداخلية قد تعين حراسة على شخصية من خارج القيادات السياسية مثل بعض الصحفيين أو رؤساء تحرير صحف. وأكد أن اختفاء رضا هلال الصحفى بالأهرام كان بسبب عدم تعيين حراسة عليه، فالحراسة لا تقتصر على السياسيين. وطالب «سالم» الدولة بتقنين الحراسات بحيث تقتصر على الشخصيات المستهدفة أمنياً فقط، بالإضافة إلى مصادرة أموال الجماعات الإرهابية ووضعها فى البنوك وصرف رواتب الحراسات الخاصة لتأمين الوزراء أو الشخصيات العامة منها. وقال الخبير الاستراتيجي اللواء حمدى بخيت الخبير عضو مجلس النواب إنه عقب ثورة يناير مباشرة اختفت عناصر الشرطة والدفاع المدني والمرور وقوات الأمن من البلاد مع هروب منظم للمسجونين بمساعدة الجماعات الإرهابية، وبعد عودة قوات الشرطة لقوتها نسبياً كان هناك قصور شديد في مواجهة البلطجة في الشارع المصري، بل تعدي ذلك إلي هجوم أهالي محتجزين على أقسام الشرطة وتحريرهم بقوة السلاح دون «رد فعل» مواز من قوات الأمن بأقسام الشرطة، لذا كان لزاما على الجهاز الأمنى ان يتصدى للجماعات المسلحة ويضع حراسة مشددة على مؤسسات الدولة مثل البنوك والفنادق والسفارات والوزارات، بالإضافة إلى الشخصيات العامة بتكليف من الحكومة لحماية البلاد من الفوضى خوفاً من تسلل الجماعات الإرهابية إلى مقر سكن الوزراء ووضع قنابل مثلما حدث مع المستشار معتز خفاجى بعد المحاولة الفاشلة لاغتياله، لذا وضعت الدولة حراسة عليه أثناء الخدمة لأنه من الشخصيات المستهدفة فأمن البلاد واجب وطنى لا يقدر بمال. واقترح «بخيت» على الوزراء الوطنيين من أصحاب الحقائب السيادية رفض الحراسات الخاصة بعد انتهاء مدة عملهم وجلب حراسات على نفقتهم الخاصة لعدم إلحاق الخسارة بالدولة بدفع مبالغ طائلة، خاصة أننا بعد ثورتين والبلاد فى حالة من الضعف الاقتصادى. وأضاف اللواء أحمد عبدالحليم الخبير الأمنى والاستراتيجى أن موضوع الحراسات المكلفة من قبل الحكومة على بعض الوزراء ستتم مناقشتها فى القريب العاجل فى مجلس النواب القادم وستتخذ قرارات بشأنها طبقا للقانون والدستور، مؤكداً أن الأمور يجب ان تسير على طبيعتها، ففرض الحراسة على بعض الوزراء شيء متفق مع القانون والدستور، وننتظر حتى يناقش هذا في مجلس النواب. وقال اللواء جمال أبوذكرى مساعد أول وزير الداخلية للأمن الوطنى سابقاً: بعض المحامين يريدون الشهرة ويحبون الظهور على شاشات الفضائيات فيثيرون قضايا تحدث من خلالها فرقعة إعلامية، وموضوع الحراسات الخاصة بالوزراء شىء لابد منه، وواجب على الدولة فرض حراسات على جميع الشخصيات العامة لأنها مستهدفة من الجماعات الإرهابية خاصة بعد الحكم على القيادات من الجماعات الإرهابية. وأشار «أبوذكرى» إلى أن فرض أو تعيين الحراسة غير ملزم بوزراء بأعينهم، فقد يعين على صحفيين أو فنانين كبار، فالدولة مكلفة بتأمين جميع الشعب بجميع أطيافه. وأضاف الدكتور مصطفى حسين وزير البيئة الأسبق: توليت حقيبة وزارة البيئة فى عهد حكومة كمال الجنزورى بعد الثورة وعملنا فى مجلس الوزراء فى حالة تقشف، نأخذ 50% من الراتب، وكان تحركنا بحساب وتم فرض شخصين من الحراسة علي أثناء تولي الوزرة لمتابعتى فى جميع جولاتي، وأشار إلى أنه بعد انتهاء كل وزير من عمله ترفع الحراسات من جميع الوزراء ما عدا رئيس الوزراء ووزير الداخلية لاستهدافهما من الجماعات المتطرفة. وأضاف: إننى أباشر عملى أستاذاً فى الجامعة كمواطن عادي يتم تفتيشى ووقوفى فى الطابور مثل المواطن العادى بدون تشريفات أو تكلفة على الدولة. وقال أمين المهدى وزير العدالة الانتقالية السابق: بعد ثورة يناير شعر المواطن بحالة من الخوف والرعب والفزع أثناء انهيار وضعف وزارة الداخلية فوجب على الدولة حماية المواطن العادى من مخاطر التطرف والإرهاب ومن الطبيعى أن تفرض الدولة المتمثلة فى وزارة الداخلية أفراد أمن يتابعون الوزراء والمسئولين حرصاً على سلامتهم، فالنائب العام أو أعضاء هيئة القضاء مستهدفين فى جميع دول العالم، وبعد خروج الوزير من الوزارة تستمر الحراسة لمدة معينة حسب ما تراه الجهات الأمنية وبعدها ترفع. وأضاف «المهدى» أن هناك حراسات على كتاب كبار مثل نجيب محفوظ الذي تعرض لمحاولة اغتيال من الجماعات المتطرفة لتأليفه رواية «أولاد حارتنا» التى رفضتها الجماعات الإرهابية، مؤكداً أن سلامة المواطن العادى بدون شخصيات لا تقدر بملايين من الجنيهات، فاغتيال المستشار هشام بركات يعتبر جريمة كبرى ويجب القصاص من الإرهابيين قضائياً لأن امن البلد مرتبط بالأمن العام وشدة «الداخلية» وحزمها، وحالة الفوضى التي مررنا بها استدعت فرض حراسات على الوزراء والمنشآت الحكومية ولو تكلفت ملايين الجنيهات. وقال «نبيه الوحش» المحامى بالنقض إن الدولة تهدر للملايين من الجنيهات على الحراسات الخاصة لبعض الوزراء من حكومات الحزب الوطنى وحكومات ما بعد ثورة يناير الذين انتهت فترة عملهم بالوزارة، وقد أقيمت دعوى أمام مجلس الدولة ضد وزارة الداخلية لرفع الحراسات الخاصة لوزراء مبارك وغيرهم من وزراء ثورة يناير الذين انتهت مدة عملهم فى الوزارة لأنها تكلف الدولة 400 مليون جنيه سنوياً. وقال اللواء محمد الحسينى مساعد وزير الداخلية لقطاع الخدمات الطبية الأسبق وأمين صندوق حزب الوفد: من المتعارف عليه في الدولة أنه بعد خروج أحد الوزراء وتسليم الحقيبة الوزارية لوزير آخر تكلف الدولة بفرض الحراسة الخاصة عليه ومتابعته فى جميع تنقلاته لمدة 6 أشهر على الأقل، وذلك حرصاً من الدولة على سلامة الوزير من بعض المتطرفين لأنه أثناء وزارته يعتبر شخصية عامة، مؤكداً أن الحراسات الخاصة لا تحقق العمل المطلوب على أكمل وجه لانعدام التدريبات، أما الحراسات المكلفة من جهاز الشرطة فمدربة على تدريبات خاصة على أعلى مستوى لحماية الوزراء.