بات بناء اثيوبيا لسد النهضة بمثابة الصداع الذي ينخر في رأس الدولة المصرية على مدار أكثر من عامين، بسبب المخاوف الكثيرة حوله، لإمكانية تأثيره على انخفاض حصة مصر من مياه نهر النيل، كما أنه سيؤثر على إمدادات الكهرباء، والتقليل من قدرة السد العالي في أسوان لإنتاج الطاقة الكهرومائية. الأمر الذي تبعه دخول مصر في مفاوضات لبحث أزمة هذا السد مع الجانبين الاثيوبي والسوداني، والتي وصلت إلى 11 جلسة حتى الآن، لكن جميعها لم يئول لجديد في الأزمة، ولم ينتج عنه أى حلول أو نتيجة، وفي نهاية كل اجتماع يتم الإتفاق فقط على مواصلة المفاوضات من خلال الإعلان عن موعد جديد. وكان آخرها الاجتماع السداسى، لوزراء الخارجية والرى، لدول مصر والسودان وإثيوبيا، والذي عقد في الخرطوم العاصمة السودانية أول أمس، دون أن يقدم جديد، وتداولت الأنباء عن أنه سيتم عقد اجتماع سداسي آخر فى 7 فبراير المقبل، لبحث القضايا الخلافية، والمقترحات المقدمة من مصر والسودان بشأن سد النهضة الإثيوبى. ووصف خبراء المياه استمرار المفاوضات بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان دون الخروج بشيء، أو التوصل لحل يأتي في إطار مسلسل تضيع الوقت والمماطلة والتسويف من الجانب الإثيوبي، ولا طائل منها حيث تعد استنزاف للوقت والمجهود، مؤكدين أن استمرار مصر في مسار المفاوضات يفيد اثيوبيا في تحقيق هدفها واستكمال بناء السد. ترصد "بوابة الوفد" في هذا التقرير أبرز جلسات المفاوضات بين الدول الثلاث من 2013 وحتى الآن: في نوفمبر من عام 2013 استأنفت القاهرة جلسة مفاوضاتها مع إثيوبيا والسودان حول تأثيرات سد النهضة، وذلك بعد توفقها في أعقاب عزل محمد مرسي، من سدة الحكم، واقترحت مصر موضوعات جديدة من المفاوضات بشأن تأثيرات سد النهضة. وعقدت الجلسة الثانية بالخرطوم في اغسطس من العام التالي في 2014م ، لانهاء الخلافات القائمة حول السد ، إلا أنهم لم يتوصلوا لإتفاق على آلية مشتركة لتنفيذ التوصيات حول هذه الأزمة، وباء الإجتماع بالفشل، مما دعا إلى الحاجة إلى جلسة جديدة. وهو ما تم بالفعل، حيث استقبلت الخرطوم بداية إجتماع لمفاوضات جديدة، استمرت على مدى 3 أيام بحضور الخبراء الفنيين ووزراء المياه في الدول الثلاثة، لدراسة تأثيرات سد النهضة الإثيوبي على الأطراف المتضررة. ثم تبعها جلسة رابعة، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا استغرقت 6 ساعات، ووصفت بأنها إيجابية، لكنها لم تؤدى لشيء، وكانت قد عقدت من أجل اختيار المكتب الاستشاري الدولي لتنفيذ الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبي، وشارك في هذا الإجتماع أعضاء اللجنة الوطنية الثلاثية التي شكلت من 12 خبيرًا فنيًا. ويذكر أن الجلسة الخامسة من المفاوضات كانت بمثابة نقطة الإنطلاق الحقيقية، للتفاوض بشأن الأزمة التى طالت، حيث تم فيها وضع آلية لانتهاء المكتب الاستشاري من وضع توصياته، لتكون محل التنفيذ، وفي الوقت ذاته الإتفاق على أن تخطر اثيوبيا كل مصر والسوادن بوجود أى حالة طوارئ في تشغيل السد. وفي مارس 2015، وبحضور وزراء الخارجية والموارد المائية بكل من مصر والسودان وإثيوبيا، كانت الاجتماع السادس، والذي شهد مناقشات حادة حول النقاط الخلافية العالقة، للوصول إلي توافق حول اتفاق المباديء بخصوص سد النهضة. ولإستمرار أزمة سد النهضة عالقة دون حال، الأمر الذي استدعى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجولة السابعة، من خلال زيارته لكل من السودان وإثيوبيا، حيث لم يكتفي بالزيارة، ولكنه ألقى كلمة أمام البرلمان الإثيوبي، تحدث خلالها عن علاقة المصريين بالنيل، وأنه واهب الحياة لهم، بالإضافة لحرص الشعب المصري على وجود علاقات قوية بدول حوض النيل، ليكون أول رئيس مصري يخطب أمام برلمان أفريقي. وفي الجلسة الثامنة تم تحديد مهلة للمكتبين الاستشاريين لتسليم العرض الفني، طبقًا للخارطة التي اتفق عليها وزراء الري والمياه بالدول الثلاث في الخرطوم، وخلال الاجتماع التاسع أعلنت الجانب الإثيوبي فشل المكتبين الاستشاريين في العمل معا، مما أحال دون الوصول لحل في المفاوضات . وانتهت الجلسة العاشرة في منتصف ديسمبر الجاري بالاجتماع السداسى لسد النهضة، لوزراء الخارجية والرى لكل من مصر وإثيوبيا والسودان، الذي عقد بالعاصمة السودانية الخرطوم، دون التوصل لاتفاق بشأن القضايا الخلافية فى أزمة سد النهضة، ليمثل ذلك حلقة جديدة من حلقات تعثر التفاوض بين مصر وهذه الدول. وكان من المفترض أن يحسم الاجتماع السداسي الأوضاع، من خلال وضع خارطة طريق فنية تراعى المشاغل المصرية، لكن هذا لم يحدث. وأخيرًا عقدت جلسة جديدة أول أمس، في يومي 27 و28 ديسمبر الجارى بالخرطوم، ليتواصل مسلسل المفاوضات، والتى تأتى نتيجتها بالحصيلة "صفر".