أسعار الفراخ بأسواق مطروح اليوم الأربعاء 30-7-2025.. البانيه ب 220 جنيها    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    الفلبين تلغى التحذير من إمكانية حدوث موجات تسونامى    روسيا: الحوار بين إيران والصين وروسيا يظهر إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني    إعلام لبناني: الجيش الإسرائيلي يستهدف بالمدفعية أطراف بلدة "عيترون" جنوبي لبنان    الشوكولاتة الأمريكية فى خطر بسبب قرارات ترامب.. تفاصيل    اعتذار عدد من مدربى قطاع الناشئين بالزمالك.. اعرف التفاصيل    وادى دجلة يضم الحارس حسن الحطاب قادما من بلدية المحلة    الداخلية تمد مبادرة كلنا واحد لمدة شهر لتوفير أغذية بأسعار مخفضة    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    إصابة شخصين إثر انقلاب موتوسيكل فى المعادى    أحمد حلمى ينعى الفنان القدير لطفى لبيب .. ربنا يصبرنا على فراقك يا أستاذ    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    رئيس جامعة القاهرة يفتتح فعاليات المنتدى الثاني للابتكار الأكاديمي وتحديات سوق العمل    جامعة سوهاج تعلن النتيجة النهائية لكلية الطب للفرقه الاولي    7 مؤتمرات انتخابية حاشدة لدعم مرشحي مستقبل وطن بالشرقية    "زي زيزو كدا".. الغندور يكشف الرد الحقيقي للزمالك حول إعادة إمام عاشور    بعد عامين.. عودة ترافورد إلى مانشستر سيتي مجددا    تكنولوجيا المعلومات ينظم معسكرا صيفيا لتزويد الطلاب بمهارات سوق العمل    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    73 ألف ترخيص لمزاولة المهن الطبية خلال السبعة أشهر الأولى من 2025    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    رئيس النيابة الإدارية يلتقي رئيس قضايا الدولة لتهنئته بالمنصب    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    مشروع رعاية صحية ذكية في الإسكندرية بمشاركة الغرف التجارية وتحالف استثماري    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    معلومات الوزراء: مصر في المركز 44 عالميًا والثالث عربيا بمؤشر حقوق الطفل    الهلال الأحمر المصري يرسل قوافل "زاد العزة" محمّلة بالخبز الطازج إلى غزة    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    صفية القبانى: فوز نازلى مدكور وعبد الوهاب عبد المحسن تقدير لمسيرتهم الطويلة    لمسات فنية لريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقي العربية ترتدي قفاز الإجادة بإستاد الأسكندرية    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    السفير الأمريكي بإسرائيل: لا خلاف بين ترامب ونتنياهو.. والوضع في غزة ليس بالسوء الذي يصوره الإعلام    خسارة شباب الطائرة أمام بورتريكو في تحديد مراكز بطولة العالم    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    لميس الحديدي توثق لحظة فيروز المؤثرة: همست للسفير المصري «أنا بحب مصر» (فيديو)    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد في كتاب ربّ العباد
نشر في التغيير يوم 24 - 09 - 2012

كل ما يحدث في هذا الكون -من منظور القرآن المجيد- يعبّر عن تأثر بعناصر ثلاثة بقطع النظر عن طبيعة ذلك التأثير.
- فالمؤثر الأول "البعد الأول": هو الغيب؛ الذي يندرج فيه بُعد "الألوهيَّة والربوبيَّة والصفات والنبوَّة ورؤية الحياة والنظر إلى الخالق والمخلوق، وتحديد العلاقات بينهما.
- المؤثر الثاني "البعد الثاني": هو "الإنسان" مهامه الحقيقيَّة التي تعتبر علّةً لخلقه وإيجاده، واستخلافه وائتمانه وابتلاؤه، وجزاؤه... كل هذه الأمور وسائر التفاصيل المتصلة بها ترتبط بالتزكية أو التقوى. فالتزكية تؤكد على بُعد "الإنسان" وما يؤهله للقيام بمهامه. والتقوى؛ هي الوجه الآخر للتزكية التي يلاحظ فيها بُعد العلاقة بالله –تعالى- باعتباره المستخلِف للإنسان والمسخِّر له الكون بما فيه. والتزكية والتقوى عليهما تتوقف أهليَّة الإنسان للقيام بجميع المهام التي ذكرناها.
- المؤثر الثالث "البعد الثالث": ألا وهو بُعد "الطبيعة" المسخَّرة، التي جعل الله -تبارك وتعالى- عبادتها وتسبيحها في قابليتها للتسخير الإلهي، وتقديمها ما أودع فيها عندما يعمل الإنسان على الحصول عليه.
وهذه العلاقة بين الله –تعالى- والإنسان والطبيعة، ألوهيَّة ومالكيَّة واستخلاف وتسخير وعهد مع الله -تعالى، وقبول للأمانة واستعداد للابتلاء، واستحقاق للجزاء بمجموعها تشكل الظواهر التي تحدث في هذا الكون من ظاهرة الذرة إلى "المجرة"، وبالتالي فأي إخلال بهذه المنظومة، سواء بتصور أنَّ الجدل يكون قاصرًا على ما بين الإنسان والطبيعة أو بين الإنسان وربه -سبحانه، أو بين الطبيعة وربها -سبحانه وتعالى-... يؤدي إلى الإخلال بالمنظومة كلّها وفشلها.
والأرزاق الإنسانيَّة ارتبطت "بالماء" كما ارتبط خلق الإنسان به فقال تعالى: ﴿... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾(الأنبياء:30)،وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(النور:45)،وهذا "الماء" وإن عرف الإنسان عناصر تكوينه الذريَّة، لكن لا يعرف كيف يأتي به بشكل يكفيه ويلبي احتياجاته... ولولا تسخير الله -جل شأنه- للماء وتوفيره له لما كانت حياة ولا أحياء... ولذلك كان التحدي الإلهي:﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ﴾(الملك:30).
وعلَّمنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- أن نقول عند هذه الآية: الله يأتينا به وهو ناصر معين. في حين تعلَّم المشركون أن يقولوا: تأتينا به فؤوسنا ومعاولنا.
وقد جعل الله –تعالى- للماء اقتصاديَّات معينة، ونهى عن تبخيره وتبديده والإسراف في استعماله، وهناك أحاديث تنهى عن الإسراف في استعمال الماء في "الوضوء" وهو عبادة من العبادات الأساسيَّة، ولعل منها: قول: "لا تسرف وإن كنت على نهر جارٍ". والذي جرى للمياه في ظل الحضارة المعاصرة عكس ذلك، بل إنَّ مقاييس الإنسان المتحضر اليوم تقاس بمقدار ما يستهلكه من مياه، فيقدر للإنسان الأوربيّ والغربيّ يوميًّا ستة أمتار مكعبة ما بين استحمام ومياه للاستخدامات المنزليَّة وما إلى ذلك. وكلّما قلّ استعمال الماء نُسب الإنسان إلى التخلف. وجرت عمليَّة تبديد في أنهار كبرى؛ حيث فتحت عليها الأنابيب الناقلة لنفايات المصانع وما إليها، حتى تحوَّلت معظم أنهار الأرض خاصّة في بلدان العالم الصناعي الأول إلى أنهار ملوَّثة غير صالحة لاستعمال الإنسان ولا الحيوان. ولا تنفع للزراعة إلا بمعالجات تجعل تكلفتها باهظة. وقد عُرف النهر الأوربيّ المشهور الدائوب ب "الدائوب الأزرق"، وذلك قديمًا ولكن اليوم قد استمال لونه وطعمه ورائحته ليصبح "دائوبًا ملوث" وكذلك الأنهار الأخرى.
ومياه البحار والمحيطات أصابها من التلوث ما أصابها، حتى بدأت كثير من الأحياء التي تعيش فيها والطحالب وما إليها تفقد حياتها بتأثير تلك الملوِّثات. وبعد أن كان الماء مصدر الحياة أصبح نتيجة تلك التصرفات التي لم تتق الله فيه مصادر تلوث وأمراض تصيب الأرض والحيوان والإنسان والهواء.
ومثل ذلك يمكن أن يقال عن "الأرض" ؛ باعتبارها مصدرًا للخيرات والأقوات، وتم تدمير أجزاء كبيرة منها بوسائل مختلفة وأصبحت عرضة لأمور لم تكن تصيبها من قبل؛ منها التلوث والتصحُّر وما نجم عنهما من ضيق في المساحات المنتجة. وأمام جشع الإنسان والإسراف في استخدام المخصِّبات والأسمدة، تعرضت الأرض وما تنبته إلى كثير من أسباب التلوث وصارت تؤدي إلى إصابة الإنسان والحيوان والنبات بكثير من الأمراض التي لم تعد تحصى.
وهكذا نجد الحياة من غير تقوى ولا تزكية ولا فهم للعمران وحقيقته تؤدي إلى تلك المشكلات الضخمة. وهنا تبدأ الأرض والطبيعة تثأر لنفسها من الإنسان وتتحول إلى وسائل للصراع بين بني الإنسان؛ بحيث يتغيَّر كل ما حول الإنسان ويصبح بعد أن كان سيدًا في الكون مستخلفًا فيه عزيزًا مكرمًا لا يعصي الكون له رغبة. يتمرد الكون عليه ويوهمه شيطانه وعماه بأنَّه لو اغتصب حقوق إخوانه أو استعمر مواطنهم وأذل شعوبهم فإنَّه بذلك سوف يحقق لنفسه الكفاية، وبرزت الأفكار المريضة منها فكرة "البقاء للأصلح"، وأصبح مقياس الأصلح والأفسد ليس التوحيد والتزكية والتقوى والعمران، بل القوَّة والغلبة والقدرة على إخضاع الإنسان للسيطرة على ما تحت يديه.
وتبدأ الظواهر الفتاكة من الظلم والاعتداء والجشع والربا والاحتكار والاكتناز والسيرة على بلاد الآخرين ومواردهم... يصبح هو التأثير السائد والنظام المتبع، وتصبح الحياة معيشة ضنكًا لا يستغرب فيها التقاتل والاحتراب وشيوع الرشا والزنا وأكل أموال الناس بالباطل. ويتحول الإنسان نفسه إلى سلعة، ويفقد النقطة المرجعيَّة التي تعيد له التوازن. فلا يكون هناك مرجعيَّة تعلِّمه الميزان والإيفاء بالكيل والامتناع عن بخس الناس أشياءهم والإفساد في الأرض بعد إصلاحها. الأمر الذي بيَّنه القرآن أيّما بيان في قصة النبي شعيب -عليه السلام- في سورتي الأعراف وهود.
الغلاء
غلا –الغلو: تجاوز الحدّ، يقال ذلك: إذا وقع في الأسعار "غلاء" وإذا وقع في الأقدار والمنازل قيل له: "غلوّ". وكلّها مأخوذة من فعل "غلا، يغلو" وقيل للماء: "غلى" إذا طفح نتيجة تحركه في القدر (وربما جاء منها الاستعارة وسميت غليان الأسعار ونار الأسعار...) لذلك جاء قوله تعالى: ﴿... لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ...﴾(النساء 171). وسميت الغلول لتجاوز الحدّ. ويقال: غلواء الشباب أي في عنفوانه.
وتجاوز الحدّ قد يكون بتجاوز حدود المناسبة أو حدود الطاقة؛ أي: طاقة الناس للشراء؛ فكأنَّ للأسعار حدودًا قائمة -أحيانًا- على قاعدة "العرض والطلب" و"الوفرة والندرة"، و"الحاجة والاكتفاء" فإذا جرت عمليَّة تجاوز ذلك الحدّ المعروف أو المتعارف عليه، قيل: غلا سعره. فهذا من حيث المعنى.
أمَّا من حيث الظاهرة: فالغلاء فعل إنسانيّ يُعدّ الإنسان هو المسؤول الأوَّلَ عنه؛ ولذلك أكد القرآن الكريم على ضرورة استحضار التقوى والتزكية في كل ما له علاقة بهذا الموضوع. فبالتقوى والتزكية يستطيع الناس أن يأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم فتنزل السماوات بركاتها، وتخرج الأرض خيراتها طواعية لأولئك الذين أطاعوا الله فيها.
ولذلك فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- ربط بين سائر الظواهر السلبيَّة بما فيها ظواهر المسخ لطبائع الإنسان وحقيقته: ﴿...وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ...﴾(المائدة:60) وبيَّن التغيرات الاقتصاديَّة؛ فيصف هؤلاء الذين جعل منهم القردة والخنازير بقوله –سبحانه:﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾(المائدة:62-63).
وقول الإثم هنا ولو كان مطلقًا في كل إثم، لكنَّه يكون أكثر مناسبة في الأقوال الآثمة في تبرير الانحرافات في قضايا المال والاقتصاد. فمن قول الإثم: ﴿...قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا...﴾(البقرة:275)، ومن قول الإثم ما يسوّغ به أكل الربا أضعافًا مضاعفة وأكل السحت والرشا، ومن قول الإثم اتهام الذات الإلهيَّة بعدم العدل بين عباده وخلقه وفي تسخيره للأرض التي استخلفهم فيها، وادعاء النِّحَل عليه، ومنها قولهم:﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء...﴾(المائدة:64)،وما يشبه ذلك من القول ببخل الطبيعة وإمساكها.
وقد ربط القرآن الكريم بين الانحراف في السياسات الاقتصاديَّة والسنَّة في تدبير الأمور الماليَّة. وبين العداوة والبغضاء بين الشعوب، وبين نار الحروب والسعي في الأرض فسادًا. وربط بين الرفاهية والإيمان والتقوى، والفوز في الآخرة، والحياة الطيبة في الدنيا في قوله -جل شأنه:﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ﴾ (المائدة:65-66)، وهذا كلّه على جملة من الحقائق التي يتعهّد الطغاة المعاصرون -طغاة المال وطغاة السياسة- تغييبها، ومنها:
1- الارتباط الوثيق بين الرفاهية الماديَّة وبين التقوى والتزكية.
2- كفاية الموارد الطبيعيَّة للبشر مهما بلغت أعدادهم، فيد الله مبسوطة، وخزائنه مفتوحة، وما يخلق من دابة إلا عليه رزقها لا على غيره:﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾(هود:6).
3- أنَّ أي اختلال يحدث في تلك الموازين الإلهيَّة والتقديرات الربانيَّة فإنَّما تعبر عن انحراف إنساني:﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا﴾(النساء:79)، ولكن الإنسان يحاول دائمًا أن يرفع التهمة عن نفسه ويلقيها على أي أحد أو شيء من عالم الغيب والشهادة.
4- أنَّ القرآن المجيد يبيِّن أهميَّة الاقتصاد في إقامة العلاقات الطيبة أو السيئة بين الأمم والشعوب وبقاء ميزان الحروب أو إطفائها. ﴿...وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾(المائدة:64)،وتنبه أيضًا إلى الجرائم الإنسانيَّة المتعمدة من الترويج لصناعات الأسلحة المدمِّرة وازدهارها وتغطيتها على كثير من الصناعات والأعمال المهمَّة التي تشتد حاجة البشريَّة إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.