رمضان شهر يجدد للأمة معرفتها برسالتها فتجتمع على خير وبر وعبادة، وتستشعر أمانتها تجاه عالم الغيب .. وعالم الشهادة. أيام رمضان أيام جلاء وشحذ للوعي برسالة التوحيد.. صوماً لله .. وقراءةً للكتاب .. واتباعا لهدي المصطفى (ص) في قيام الليل .. ومسارعةً في الخيرات. رمضان مراجعة لمسيرة التاريخ، ففيه تذكير بنزول الوحي وبنصر الله ببدر، فأمة لا تعرف تاريخها: تسترجع فلسفته وتجدد أمره، هي أمة بلا ذاكرة. فالإسلام برؤيته للتاريخ: مبتدأ.. ورُجعي، أزل.. وأبد، دورات .. وسنن، تدبير حكمة .. وجدلية تدافع، ومَسعي تعارف، وإرادة الإنسان .. ومدد من الله. كذلك فإن الرؤية الإسلامية تحتفي بالأزمنة وتواصلها، كما تحتفي بأحوال الإنسان وخياراته فيها. فتلك الأيام هي «أيام الله» .. والله فضل بعض الأيام على بعض. رمضان موسم من مواسم الرحمات لأن الإنسان يستشعر فيه علاقة الوجود بالزمن والمكان .. وعلاقة الروح بالجسد .. فتتمايز.. وتتناغم. فتنفي خبَثَها وتُجدد الوعي. ***** الصوم عن الطعام والشراب أهون الصوم. لكن صوم كل الجوارح عن المعاصي هو الاختبار. ترويض النفس بالصوم عن الشهوات .. وصوم الحواس عن المحرمات. الصوم عن الكلام كان ركنا في صيام الصالحين، صوم عن لغو يُفسد الاستماع لصوت الذات .. وبداية لحوار داخلي يُفضي لتأمل ومراجعات وتوبة وسَكينة. ***** هناك من يفطرون أمام التلفاز .. وهناك من صورهم في التلفاز .. ويفطرون عند ربهم! ***** كلما زادت المعاصي، توارت الروح خلف حُجُب الشهوات. وكلما أشرقت الروح بالعبادة والذِكر، أحَسّت بوطأة الجسد وثِقله كأنها في محبس .. تنتظر الانعتاق. ***** «شهد الله أنه لا إله إلا هو» .. وأشهدنا.. فشهدنا. اللهم نشهد أنه لا إله إلا أنت. فلك الحمد على أن أشهدتنا، ولك الحمد على«من شاء فليؤمن» .. ورضينا.