من فيض الرحمن علينا الصيام.. ومن نعم الله إذا جاء شهر رمضان الكريم فإن الله عز وجل يحدد لنا طاقة وقوة الايمان ويعطي لنا فرصة تصحيح مسار حياتنا لتجديد القلب بالايمان. وتطهير النفس من الذنوب والمعاصي والخطايا للوصول الي الله والي الجنة التي تتزين للصائمين من عباد الرحمن. فالصوم تجديد للقلب وصحة للبدن وراحة للنفس وصفائها.. ورمضان هو شهر الصفاء مع النفس تستعيد فيه صفاء الروح والقلب وهو شهر التصعيد الإيماني نزداد فيه قوة وطاقة إيمانية عظيمة نتوجه بها إلي الله مخلصين له.. والصوم يمنع النفس من ملذاتها ويكبت شهواتها بما لا يمنع منه سائر العبادات ولهذا فالصوم سر بين العبد وربه لا يظهر إلا لله وحده.. يقول رب العزة (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به«.. ولهذا فإن الصوم جنة يستجن بها العبد من النار. الله اصطفي شهر رمضان ليدرب الانسان المؤمن علي حلاوة التكليف والصوم له.. والانسان الذي يتذوق حلاوة التكليف وحرارة الايمان وصفاء العقيدة والنفس وخلو القلب من الغل والرياء وامراض القلب النفسية يمكنه ان يتعلم كيف يعيش بقية الشهور كما عاش رمضان ويحييها كما أحيا رمضان في صفاء وطمأنينة وسكينة وطاقة روحية عظيمة. أول من صام شهر رمضان نوح عليه السلام لما خرج من السفينة.. لكن رسولنا الكريم المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم يخبرنا بقوله: »أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي.. أما واحدة فإن كان أول ليلة من شهر رمضان نظهر الله اليهم ومن نظر الله اليه لم يعذبه أبدا.. وأما الثانية: فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم كل يوم وليلة.. وأما الرابعة: فإن الله تعالي يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك ان يستريحوا من تعب الدنيا الي داري وكرامتي.. وأما الخامسة: فإنه اذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعا فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟! قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، لا ألم تر الي العمال يعملون فإذا فرغوا من اعمالهم وفوا أجورهم«. وقال مبعوث الرحمة لنا وللعالمين: »يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا. من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدي فريضة فيما سواه ومن أدي فريضة فيه كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر.. والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن من فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبة من النار وكان له مثل أجره من غير ان ينقص من أجره شيء.. يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما علي مذقة لبن أو شربة من ماء ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتي يدخل الجنة وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار فاستكثروا فيه أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخلصتان لا غني لكم عنها فإن الخصلتان اللتين ترضون بهما ربكم: فشهادة ان لا إله إلا الله وتستغفرون. واما اللتان لا غني عنهما: فتسألون الله الجنة وتعوذون من النار«. اللهم بلغنا رمضان بحرارة الايمان وبحلاوة التكليف وبصفاء الروح وخلو القلب من الغل والرياء والزور والنفاق وتقبل صومنا وصيامنا وركوعنا وسجودنا ودعاءنا.. آمين يارب.