في درسه في الجامع الكبير بقرية سندوة بالقليوبية قال الشيخ محمد سعد صادق إمام الجامع: الحمد لله رب العالمين - أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين - وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - وبعد. «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون» إن للصيام غاية وهدفا شرع الصيام من أجله. وهذا الهدف يكمن في تحسين خلق المسلم، فالصيام شُرع من أجل تهذيب النفس وإصلاحها بما يشمل الجسد من حفظ اللسان والعينين واليدين والقلب من أمراضه ولذلك قال شوقي. الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع. - وهو حرمان مشروع أي امتناع عن الطعام والشراب والشهوة بأمر من المشرع الحكيم. - وتأديب بالجوع - أي تأديب للنفس وكبح لشهواتها حيث قال صلي الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من بن آدم مجري الدم في العروق، فضيقوا عليه مجاريه قالوا كيف تضيق عليه مجارية يا رسول الله. قال: بالصوم. - والصوم فيه خشوع لله، فهو يورث الإنسان الخوف من الله عز وجل. - قال تعالي: «لعلكم تتقون» أي لعلكم تنالون بصيامكم درجة التقوي. - والخوف الموروث من الصيام لابد أن يعود أثره علي جوارح الجسد كله بما فيها اللسان، فيمنعه من الكذب والوعود الكاذبة والغيبة والنميمة وشهادة الزور. - قال صلي الله عليه وسلم: «ما لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، وقال سفيان الثوري: الغيبة تفسد الصوم، راوه بشر بن الحارث عنه، وروي ليث عن مجاهد: خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب. وقال صلي الله عليه وسلم: «إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل وإن إمرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم» وجاء في الخبر: «إن امرأتين صامتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فأجهدهما الجوع والعطش في آخر النهار حتي كادتا أن تتلفا فبعثتا إلي رسول الله يستأذناه في الإفطار فأرسل إليهما قدحاً، وقال صلي الله عليه وسلم: هاتان صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا علي ما حرم الله تعالي عليهما. قعدت إحداهما إلي الأخري فجعلتا تغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهما». إذن فالمقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهو الصمدية، والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فإنهم منهون عن الشهوات، والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل علي كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلي بمجاهدته فكلما انهمك في الشهوات انحط إلي أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم، وكلما قمع الشهوات ارتفع إلي أعلي عليين والتحق بأفق الملائكة. والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل لقربهم فإن الشبيه من القريب قريب، ويبقي علي الصائم أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مضطرباً بين الخوف والرجاء، إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن كذلك في آخر كل عباده يفرغ منها، فقد روي أبوالحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال: إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مغماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون.