أدت ظاهرة الاحترار الكوني إلى تغيرات مناخية ملموسة، تتمثل بأعاصير، وفيضانات، وجفاف، ودمار محاصيل، ومواسم صيفية طويلة، وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة. يُتوقع أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة بانخفاض الإنتاجية وساعات العمل، إضافة إلى انتشار أوبئة وأمراض موسمية وإصابات أكثر بضربة الشمس وحساسية جلدية مزعجة. حفزت هذه المستجدات أفكاراً وابتكارات لمساعدة الإنسان على التكيف ومواجهة مشكلة ارتفاع حرارة الصيف وآثاره المعاكسة، خاصة تلك الناجمة عن ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء والعرق المصاحب لها. قميص مكيّف الهواء فقد نجح مخترع ياباني في تصميم أول قميص مكيف لمكافحة الحر والرطوبة. ويبدو أن ارتفاع درجات حرارة الطقس بالصيف إلى مستويات غير معهودة في أوروبا وغيرها، والوفيات الناجمة عنها، قد أثار اهتمام شركات بريطانية بالابتكار الياباني الجديد. قام هيروشي إتشيغايا، الذي عمل في الماضي فنياً بشركة سوني اليابانية العملاقة، بتصميم قميص مجهّز بنظام تكييف هواء ذاتي. فعندما ترتفع درجات الحرارة فوق مستوى 30 درجة مئوية، يقوم نظام التكييف الذاتي في القميص بنفث نسيم منعش حول الشخص الذي يرتديه، سواء كان في الشارع أو في مكان مغلق. يعمل القميص المكيف من خلال مساعدة نظام التبريد الطبيعي للجسم. ففي الجو الحار، يقوم الجسم عادة بإفراز العرق الذي يتبخر بدوره ليسبب تأثيراً ملطفاً أو مبرداً. لكن وجود الملابس حول الجسم يتداخل أو يعيق هذه العملية لأنها تخزن أو تحتفظ بقطرات العرق. ولذلك، يقوم نظام التكييف في القميص بإنتاج تيار أو طبقة دوارة من الهواء التي تعزز عملية تبخر العرق. مروحتان وبطاريات (AA) يحتوي القميص في الجانب الخلفي على مروحتين تضخان هواء منعشا حول الشخص الذي يرتدي القميص، وإلى الخارج من خلال فتحات العنق والأكمام. كما يمكن للرطوبة أن تمر عبر القماش. ويبلغ قطر كل من المروحتين 10 سنتيمترات، ويتم تشغيلهما ببطاريات جافة مقياس (AA)، وتعطي تشغيلاً صافياً لمدة 4 ساعات، أو بتوصيل القميص إلى جهاز حاسوب بواسطة كيبل (USB). ويمكن إزالة الأجزاء الكهربائية في القميص لدى القيام بغسيله. المشكلة الوحيدة في هذا الاختراع هو شكله البالوني الناجم عن دفع ودوران الهواء داخل القميص المحيط بالشخص الذي يستخدمه، لدى تشغيل عملية التكييف. يرأس السيد هيروشي إتشيغايا الآن شركة كوتشوفوكو لصناعة القمصان المكيفة، وهي تنتج طرازات مختلفة من حيث الحجم والشكل، وتتراوح أسعارها بين 100 و200 دولاراً للقميص الواحد. ويأمل إتشيغايا في التمكن من تصدير هذه المنتجات في المستقبل. الراحة أهم ويلفت إتشيغايا إلى أنه رغم الشكل البالوني للقميص المكيف إلا أن الأمر الأهم بالنسبة للعاملين في عنابر المصانع أو مواقع البناء تحت الشمس أو ورش الصيانة المفتوحة أو المخازن غير المكيفة هو أن يؤدوا أعمالهم، وهم يشعرون بالراحة. ويذكر بعض الأشخاص الذين جربوا القميص المكيف أنه فوجئوا بخفة وزنه، وأن وجود المراوح غير ملحوظ تقريباً. لكن وجود عوائق لانسياب الهواء داخل القميص يقلل من فعالية التكييف المطلوبة. ويحتاج المستخدم لأن يتحكم بذراعيه ليتيح للهواء الخروج من الأكمام. بيد أن العرق عموما يجف بسرعة، باستثناء بعض مناطق قليلة. ويعطي تيار الهواء الواصل للعنق والذقن شعورا لذيذاً بالراحة. وفي المنزل، تمكن المستخدم، لأول مرة خلال اسابيع، من العمل -باستخدام القميص- بدون الحاجة إلى جهاز تكييف المكان، مما يعني خفضاً ملموساً في استهلاك الطاقة الكهربائية. زجاج يمرر الضوء دون الحرارة طور باحثان بريطانيان نوعاً من الزجاج يمنع نفاذ الحرارة، دون أن يمنع نفاذ الضوء، وذلك عن طريق إضافة مادة كيميائية للزجاج تتغير طبيعتها عند وصول الحرارة لدرجة معينة، وتحول دون نفاذ موجات الضوء في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهو النطاق الذي يؤدي إلى الشعور بالحرارة المصاحبة لضوء الشمس. والمادة الكيميائية التي استعملها الباحثان؛ إيفان باركن وتروي ماننغ من يونيفرستي كوليدج (بجامعة لندن)، هي ثاني أكسيد الفاناديوم. وهي مادة تسمح – في ظروف الحرارة العادية– بنفاذ ضوء الشمس، سواء في النطاق المنظور أو في نطاق الأشعة تحت الحمراء ولكن عند درجة حرارة 70 مئوية، (وتسمى درجة الحرارة الانتقالية)، يحدث تغير لتلك المادة. حيث تترتب إليكتروناتها في نمط مختلف، فتتحول من مادة شبة موصلة (semiconductor) إلى معدن يمنع نفاذ الأشعة تحت الحمراء. وقد تمكن الباحثان باركن وماننغ من خفض درجة الحرارة الانتقالية لثاني أكسيد الفاناديوم إلى درجة 29 مئوية بإضافة عنصر التنغستين. وذكر الباحثان أنهما قد توصلا لطريقة فعالة لإضافة ثاني أكسيد الفاناديوم للزجاج خلال عملية تصنيعه، مما يمكن من إنتاجه بتكلفة منخفضة. اعتراض الأشعة تحت الحمراء وباستخدام الزجاج الجديد، ينتظر أن يتمكن الناس من الاستمتاع بضوء وحرارة الشمس معاً إلى أن تصل درجة حرارة الغرفة إلى 29 درجة مئوية، وقتها سيعزل الزجاج الأشعة تحت الحمراء (أي ستظل الحرارة ثابتة تقريبا عند 29 درجة مئوية)، بينما سيظل بالإمكان الاستفادة من الضوء المباشر للشمس، بدلا من الطرق التقليدية التي تمنع وصول كلاً من الضوء والحرارة مثل الستائر والتندات التي تغطي الشرفات والواجهات. وذكر الباحثان أن الزجاج الجديد سيحل مشكلة عصيّة يواجهها المصممون المعماريون عند تصميم المباني ذات الواجهات الزجاجية. كما سيخفض تكاليف تكييف الهواء التي تبلغ ذروتها في أوقات الصيف الحار. ورغم وجود بعض المشاكل التقنية في طريقة الإنتاج التجاري لذلك الزجاج، مثل عدم ثبات مادة ثاني أكسيد الفاناديوم على الزجاج، وكذلك اللون الأصفر القوي لتلك المادة. فقد ذكر الباحثان أنهما بصدد التغلب على مثل هذه المشاكل التقنية قريباً. فلأجل تثبيت ثاني أكسيد الفاناديوم جيداً مع الزجاج، ستضاف مادة ثاني أكسيد التيتانيوم. وستضاف إحدى الأصباغ لإزالة اللون الأصفر. وينتظر طرح الزجاج الجديد تجارياً خلال 3 أعوام. طلاء عازل للحرارة وكان إحدى شركات الطلاء في الولاياتالمتحدة قد طوّر منذ التسعينات طلاء عازلاً للحرارة بكفاءة عالية وعملية من حيث آفاق تطبيقاتها. الفكرة الرئيسة في خاصية أو قدرة الطلاء على عزل الحرارة جاءت من حقيقة أن بعض أنواع السيراميك (الخزف) له قابلية عالية لعزل الحرارة. وهكذا، أمكن خلط أو دمج مسحوق من بعض أصناف السيراميك بمكونات الطلاء التقليدي، لينتج طلاء بقدرة عالية على عزل الحرارة، خاصة في البيئات الصحراوية والقارية في فصل الصيف. كانت المجالات الأولى لاستخدام هذا الطلاء في مجال حقول ومنشآت النفط التي تتهددها مخاطر الحريق في أوقات تصاعد درجات حرارة الصيف. لكن مجالات الاستخدام تتجاوز ذلك لتشمل مختلف الأغراض السكنية والمنشآت الزراعية والصناعية والرياضية والترفيهية. العقبة الوحيدة في سبيل اتساع مجالات استخدام هذا الطلاء العازل هو ارتفاع أسعاره التي قد تصرف عنه الاهتمام كبديل عملي، رغم جدوى الفوائد الناجمة عن استخدامه، كخفض استهلاك الطاقة الكهربائية، وإطالة عمر المنشآت الفعلي نظراً لحمايتها من التأثير المدمر للحرارة المرتفعة، وتقليل الحاجة للصيانة. والحقيقة أن السبب في ارتفاع كلفة وأسعار هذا الطلاء العازل هو مواد السيراميك المضافة إليه، وهي مواد ذات جودة عالية وثمن مرتفع.