ينظر الطفل إلى الحياة كما ينظر الوالدان إليها وهذه حقيقة علمية مدروسة يجب على الآباء أن يعوها حتى لا ينشأ الطفل بشخصية متشائمة. وتقول اختصاصية علم النفس الأسري اماندا سيمون إنها من خلال التقائها مع عدد من العائلات وجدت أن الطفل يكون متفائلا في حال كانت نظرة الآباء للحياة متفائلة والعكس صحيح، بيد أنها ترى أن تفاؤل الآباء ليس كافيا لجعل الطفل سعيدا ويشعر بمتعة الحياة، إذ يجب اتباع سلوك تربوي لغرس ذلك في الأبناء. وتقول "لعل أهم ما يجب أن يشعر به الطفل هو حب الوالدين له، وان يسمع على الدوام عبارات تعزز هذا الشعور كأن يقول الأب لابنه إنه يحبه كثيرا وهذا يزيد من ثقة الطفل بنفسه". وحسب صحيفة الغد الأردنية تؤكد اختصاصية علم النفس السلوكي للأطفال سمانثا هوك أن الطفل الواثق من نفسه غالبا ما يكون قادما من بيئة محبة له وهذه البيئة هي التي تسمح للطفل بالتطور والنمو بشكل سليم ليكبر ويكون شخصا فعالا في المجتمع. وتبين هوك أن هنالك أطفالا أكثر تحفظا من غيرهم حين يكون الأمر متعلقا بالسعادة، وخصوصا الأطفال الذين يشعرون بتوتر دائم أو الذين يبحثون عن التمتع الفوري بالأشياء، وهذا أمر ليس متعلقا بالوراثة بل بطريقة التربية. وتقول تختلط فكرة سعادة الطفل على الآباء فيعتقدون أن توفير كل ما يتمناه الطفل من ألعاب وملابس تكفي لجعل الطفل سعيدا ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق، فالطفل الذي يحظى باستمرار بمتعة فورية لا يشعر بالسعادة. وتضيف "هذا يقودنا إلى تعريف الطفل السعيد وهو الطفل الذي يدرك ذاته ويكون قادرا على التواصل مع الآخرين والذي يتمكن من التكيف مع متغيرات الحياة، وللوصول الى ذلك يجب على الآباء بذل مجهود في التربية". وتضع هوك مجموعة من النصائح التي يمكنها مساعدة الطفل لينشأ سعيدا: وتقول "يجب ان يكون الآباء نموذجا يحتذى به من حيث المثاليات قدر المستطاع، فليس هنالك مجال للشك بأن الأطفال يقلدون آباءهم وهذا ما يطلق عليه مصطلح التربية الصامتة". وهذه حقيقة يجب أن يدركها الآباء جيدا حتى يحسنوا التصرف أمام الأبناء فيكونوا دائمي الابتسام ويبتعدوا عن التذمر والشكوى أمام الأطفال على الأقل، وعليهم التصرف بحكمة أمام المشاكل التي يواجهونها؛ لأنه بذلك يتمكن الطفل من تطوير قدراته على التكيف مع الظروف مهما كانت ويحاول إيجاد الحلول بدلا من البكاء. وتؤكد هوك ان على الآباء تعليم الأطفال الاستمتاع باللحظة وعدم التركيز على التفاصيل التي تكدر الأجواء، فمثلا إذا قررت العائلة أن تقضي فترة الغداء في مطعم ما وشعرت الأم ان الخدمة سيئة عليها ألا تتذمر وتربك الأجواء عليها ان تقول "الخدمة بطيئة لكننا سعداء معا وهذا يجعل الأطفال يتعلمون فكرة الاستمتاع بما يعيشونه مهما كانت التفاصيل سيئة. وتشير سيمون إلى أهمية مساعدة الأطفال على التخلص من القلق والتوتر والإحباط وتقول "من أهم مفاتيح السعادة هو أن يدرك المرء أن ليس كل ما يتمناه في الحياة يجب ان يحصل عليه فلا يجوز أن يشعر المرء بالتعاسة لأنه لم يحصل على ما يرغب ويشتهي. وهذا أيضا يمكن ان يتعلمه الطفل من السلوك اليومي للآباء، فالأب الذي يتذمر طيلة الوقت ويشعر بالتعاسة لأنه لم يحصل على ما يريد ولأن الحياة غير عادلة أمامه فإنه يغذي الأطفال بمثل هذا السلوك. وتقول "من المهم جدا على الآباء ان يقولوا أمام أطفالهم إن المستقبل سيكون أفضل. فمثلا إذا أراد الطفل أن يحصل على لعبة يمكن للأم ان ترفض ذلك وتقول مثلا بدلا من الحصول على لعبة يمكننا الذهاب الى رحلة لنلعب معا في الحديقة لجعله يشعر انه لحظات الحزن لن تستمر وان المستقبل دائما يحمل معه شيئا جيدا وعلى المرء ان يشعر بالتفاؤل لا ان يتذمر طوال الوقت. فمثلا إذا كان الطقس ماطرا وأراد الطفل الخروج في نزهة يمكن أن يقوم الآباء بتشجيع الطفل على البقاء في المنزل والاستمتاع بمشاهدة فيلم وتناول البوشار بدلا من التذمر أن الطقس سيئ لجعل الطفل ينظر الى النصف الملآن من الكأس. عندما يدرك الطفل أنه يملك قدرات ومواهب، فإنه لا يصاب بالإحباط بسرعة أمام الصعاب التي يواجهها في الحياة. لذا على الآباء أن يعززوا ثقة الأبناء بأنفسهم عبر إرسال التعليقات الإيجابية باستمرار. فبدلا من أن يقول الأب لابنه الذي حصل على علامة عالية "لا بد أن المادة كانت سهلة"، أن يقول "أحسنت أنت ذكي ولا بد أنك أصغيت إلى تعليمات الأستاذ جيدا" وعلى الآباء مدح الأبناء باستمرار كلما نجح في شيء أو حاول إنجاز أمر ما. الطفل الاجتماعي طفل أسعد من الانطوائي وهذه حقيقة لا يوجد بها شك بحسب ما تؤكده هوك وتقول على الأم تشجيع الأطفال على الاستمتاع بصحبة الآخرين ودعوة الأصدقاء الى المنزل والتسجيل في الأنشطة اللامنهجية لمساعدته على اكتساب مهارة التواصل مع الآخرين وتكوين الصداقات ومن أجل أن يخضع لتجربة المشاركة والمواجهة. وهي جميعها مهارات تجعل الطفل سعيدا. وتقول هوك "يتعرض الأطفال في المدرسة لتعليقات وانتقادات المحيط الخارجي كأن يقول له أستاذ أو زميل إنه ليس ذكيا أو ليس جميلا وهذا يتطلب من الآباء مجهودا حتى لا تتكرس الصورة لديه. مع مرور الوقت يتلقى الإنسان صورا سلبية من المحيط الخارجي. فمثلاً ليس موهوبا بما يكفي، ليس جميلاً جدا، ليس على المستوى، وعلى الأهل ألا يتركوا طفلهم يتأثر بالصور القبيحة التي تأتيه من المحيط، كأن تركز على النقاط الجيدة فيه، فتقول له أنت تجعلني ابتسم، أو أنت مبدع في الرسم أو أنت حنون ومحب للخير" وهي عبارات تحسن من نفسية الطفل وتجعله سعيدا. على الأم والأب إدخال المغامرة في حياة الطفل كل يوم وباستمرار كأن يدعاه يشاهد فيلما جميلا في المساء أو يقوم بإعداد كعكة معهما في أيام الشتاء أو احتساء كوب من الشوكولاتة الساخنة، أو الذهاب في نزهة الى البرية فهذه اللحظات تبعث السعادة في نفوس الأطفال وتشعرهم بأنهم لديهم أفضل عائلة على الإطلاق.