كان حمام السباحة مليئاً بالصغار، يعومون في بهجة منقطعة النظير، فريق يلعب كرة الماء، وفريق آخر يُجري مسابقات في الغطس، وآخر يسبح سباحة حرة. وفجأة .. قفز فيل في حمام السباحة. ذُهل الجميع لدقائق، ثم استعادوا فرحتهم وبدأوا يقتربون منه ليلعبوا معه، بعضهم ركب على ظهره، وبعضهم ناوله الكرة على خرطومه، كان الموقف غريباً وطريفاً، إلا أن قرروا أن يعودوا لممارسة السباحة وألعاب الماء التي كانوا قد بدأوها. كان الفيل ضخماً يكاد يسد حمام السباحة، وبعد عدة محاولات فاشلة لإخراجه من الماء؛ بدأ يطلق صوته العالي، يبدو أنه لم يأت للعب.. إذن لماذا قفز؟! استمرت محاولات إخراجه لكنه كان عنيداً وشرساً، لم تكن المشكلة في وجوده في حد ذاته، لقد سعدوا ورحبوا به منذ البداية، لكن يبدو أن ألعاب هؤلاء الصغار لا تعجبه، ولن يتفاعل معها، أصبح ينظر إليهم كحشرات، فهو بالفعل يحتل نصف حمام السباحة أو يزيد!! إذن من حقه أن يحدد اللعبة، لم يخبرهم بنظريته تلك، لكن حركات خرطومه وزهوه كانت أصدق تعبيراً!! أصبح الوضع متأزماً، فلا الفيل يسبح مثلهم، ولا هو يتركهم يسبحون. حجمه لا يعطي فرصة لأن يمارس كل سباح ما يشاء، وكان متمسكاً بحقه في الوجود، كانت حجته أن حمام السباحة ملك الجميع، ولا أتصور أن الصغار كانوا يختلفون في ذلك، ربما كان الخلاف حول ماذا نفعل في المسبح؟! هل نلعب بالكرة ونسبح، أم نلعب بالخرطوم في الوقت الذي يريد الفيل؟! بدأ الصغار يقاومون الفيل، يحاولون إخراجه من حمام السباحة، هذا يقفز على ظهره محاولاً قيادته، وآخر يشد ذيله، وثالث يحاول الإمساك به من خرطومه، الكل يضرب في الفيل المسكين. لا أدري حقيقة إن كان هو المسكين أم هم، فكما تأذى الفيل تعبوا هم، فإخراج الفيل من المشهد عملية عسيرة على الجميع. الكل متوتر، والفيل غاضب، والوضع مرتبك. أصبحوا يتربصون به ويتربص بهم. كنت أرقب الأمر في دهشة، إن كان الفيل لا يريد اللعب في الماء في تلك المساحة الصغيرة، فلماذا قفز؟ ولماذا يعرقل سباحتهم؟! ولماذا تحول من أليف إلى مخيف؟! ولماذا اكتسب عداءهم واكتسبوا عداءه؟! وهل يمكن أن يتعامل مع الصغار بمنطق آخر غير منطق من يحتل مساحة أكبر؟! وهل يعلم أنه من الممكن أن يموت إن دخلت نملة لا يعبأ بها في أذنه؟! وحينها لن يغني عنه حجمه شيئاً؟! كذلك هل يصبر الصغار عليه إن قبلوا وجوده حتى توضع قواعد جديدة تحكم اللعب في حمام السباحة؟! أم أن وجوده مرفوض كلية؟! انتهى اليوم ولم أحدد موقفي النهائي مما حدث، لم أجد جواباً بقدر ما تدفقت على رأسي عشرات الأسئلة، كلها تدور حول.. ماذا تفعل إن وجدت الفيل في "البسين"؟!