فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رحيل الدكتور يحيى عزمي أستاذ معهد السينما.. وأشرف زكي ينعاه    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    والد الطفل «حمزة» يكشف اللحظات الأخيرة في حياته بعد تناول وجبة سريعة التحضير (التفاصيل)    طبيب الأهلي يكشف حالة إمام عاشور ومروان عطية قبل مواجهة المحلة    وزير الثقافة: معرض «صوت مصر» يقدم صورة متكاملة عن أم كلثوم كقيمة خالدة في الضمير الوطني والعربي    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    الأردن: عبور 85 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية إلى غزة    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    إصابة علي معلول تثير قلق جماهير الصفاقسي التونسي    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    ميدلزبره يقترب من ضم موهبة مانشستر سيتي    تحريات أمنية لكشف ملابسات تداول منشور بوفاة طفل فى عين شمس    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    صور.. نقابة السكة الحديد تكرم رئيس قطار فيديو الراكب "أبو شورت"    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    البورصة تواصل ارتفاعها.. وانخفاض ربحية شركة كونتكت بنسبة 17%    رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في مجلس الأعمال والمنتدى المصري الياباني لتعزيز الشراكة الاستثمارية بطوكيو    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    غداً الأربعاء .. أوس أوس ضيف برنامج "فضفضت أوى" على watch it    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    روسيا تعلن استعدادها لتسليم 31 شخصا إلى أوكرانيا ضمن اتفاق تبادل المواطنين    إطلاق قافلة "زاد العزة" ال 18 إلى غزة بحمولة 85 ألف سلة غذائية    جولة للجنة التفتيش الأمنى والبيئى بمطارى مرسى علم والغردقة الدوليين    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    كامل الوزير يستقبل سفير الهند بالقاهرة لبحث التعاون    وزير العدل من البحيرة: نعمل علي تطوير ورفع كفاءة دور العدالة    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    وزيرا السياحة والإسكان ومحافظ الجيزة يتابعون مستجدات المخطط الاستراتيجي لتطوير منطقة سقارة    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ضرائب والدي بعد وفاته    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    سعر الزيت والمكرونة والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يعني ارتباط الدين بالدولة؟!
نشر في التغيير يوم 16 - 01 - 2012

كلمة د.عبدالمنعم أبوالفتوح فى ندوة عقدت مؤخرا بالجامعة الأمريكية ببيروت تحت عنوان: "الدين والدولة فى الوطن العربي"
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
من حقائق الإسلام الكلية المتعلقة بالعقيدة الإسلامية تعلقاً أساسياً أنه دين ودولة.. ولعل مقولة أحد المستشرقين: "لا أقول الإسلام دين ودولة بل هو الدين وهو الدولة".. كانت مقولة معبرة بدقة عن الواقع المنهجي والتاريخي في هذه المسألة.
ومرجع هذا في الشريعة إلى أن الله تعالى ربط نجاة الإنسان في المفهوم الإسلامي بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
فلا نجاة من الخسران في الآخرة بالإكتفاء بالإيمان والعمل الصالح بل لابد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولم يُؤمر المسلمون أمراً شرعياً أن يقيموا لهم الدولة إلا لهذا الغرض وهذ ابن تيمية رحمه الله يشير إلى هذا المعنى فيقول: (يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها)، والمعروف المتعلق بذلك يدخل فيه كل أشكال البناء والعمران والإنتاج المادي والمعنوي.
وعلى هذا ينص القرآن: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد)، أي إقامة العدل وتحقيق العمران وصلاح كل شىء في واقع الإنسان.
ظلت العلاقة بين (الدين) و(الدولة) محلّ نقاش بين الباحثين في الشأن السياسي منذ مطلع القرن التاسع عشر، ورغم أن الأمر لم يحسم نظرياً لصالح فصل الدين عن الدولة كخيار فكري نهائي وخيار إجتماعي سائد إلا أنه عملياً وفي ظل الإستبداد الذي عرفته أغلب المجتمعات العربية الإسلامية وفي إطار التوافق الذي حدث بين أنظمة ما بعد الإستعمار وبعض النخب فرضت علاقة غريبة ومركبة بين الدين والدولة حيث تم الفصل بين الدين والدولة وفي الوقت نفسه تمت محاصرة المؤسسة الدينية حتى لا تؤدي دورها في نوع من الإستقلالية التي تعيشها الكنيسة في المجتمعات الغربية لأن هذه الإستقلالية ستفرض على العلماء طرح المسألة على وجهها الصحيح وهو ما لا يريده القائمين على السلطة السياسية والثقافية في البلدان العربية وعليه فقد تم حرمان المجتمع من خطاب ديني متكامل.
وأتصور أن تيار الإسلام الوسطي في كثير من بلدان الوطن العربي قام بدور أمين في الحفاظ الحضاري على المكونات الصحيحة للإسلام.. عماد النشأة والتكّون ونهضه الأمة.
ماذا يعني الإرتباط بين الدين والدولة؟
لا يعني ذلك الحكم بالحق الإلهي كما كان يحدث في القرون الوسطى في أوروبا، لا يقول بذلك أحد على الإطلاق في الإسلام.. لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في زمن من الأزمان لأن ذلك بإختصار مرفوض إسلامياً.. خاصةً في الثقافة السنية.
ولا يعني أن الدين هو الذي يُحدّد شكل الدولة وكل تفاصيلها ومكوناتها، لأن الإسلام لم يلزمنا بنظام سياسي نهائي بل إنه في أغلب مجالات الحياة -اللهم إلا المواريث والعقود والعبادات- لا يعتني بالتفاصيل والجزئيات إحتراماً للإجتهاد العقلي وإحتراماً للواقع المتغير ولحق التاريخ والأجيال.
أما كون الدين هو الذي يُؤسس للمرجعية الأخلاقية والفكرية للمشروع السياسي الناهض، فهذا في واقع الحال أدق توصيف لما تتبّناه الرؤية الوسطية التي تُؤمن بها الأغلبية في الوطن العربي سواء كانوا منظمين في حركات أو غير منظمين.
وهذا المعنى _حقيقةً_ هو الذي يقصده كثير من المفكرين في تاريخنا الحضاري، ومشهورة هى مقولة بن عقيل في وصف السياسة بأنها: ( هي فعل يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي)، ولنا أن نتأمل بكل ما نملك من قدرات البحث والتفكير كلمة "لم يضعه رسول ولم ينزل به وحي".
وهو الرأي الذي ذهب إليه أشهر علماء الأمة مثل ابن القيم وابن تيمية والشاطبي والقرافي وغيرهم، بأنه حيثما وجد العدل والحق فثَمّ شرع الله ودينه حتى ولو لم يدّل على ذلك نص صريح من قرآن أو سنة.
من مقتضى العدل والأمانة - في تقديري- أن نُراجع بعض المقولات بوضعها في ظروفها التي أنتجتها حتى نستطيع فهمها من خلال واقعنا نحن.. ناهيك عن إحتياجنا لهذه المقولات من عدمه.
ولَعلّي أذكر هنا بكثير من الإحترام مفكرنا الكبير المرحوم محمد عابد الجابري الذي يصف العلمانية الغربية بأنهاغير ذات موضوع في الإسلام لأنه ليس فيه كنيسة حتى تفصل عن الدولة، ليس فيه كنيسة بالمعنى التطبيقي الذي شهدته التجربة الغربية في القرون الوسطى، لأنه بالمقابل هناك مسجد.
بل ويذهب مفكرنا الكبير إلى أن: (الإسلام دنيا ودين، وأنه أقام دولة منذ زمن الرسول وأن هذه الدولة توطدت أركانها زمن أبي بكر وعمر والقول بأن الإسلام دين لا دولة هو في نظري قول يتجاهل التاريخ).
والتساؤل المنطقي عن واقع العلاقة بين الدين والدولة في مجتمعاتنا هو لماذا دائماً نستحضر التجربة الغربية في رؤيتنا لهذا الواقع؟
أقصد تجربة العصور الوسطى مع قيام ثورة الإصلاح البروستانتية ضد سلطة الكنيسة في أوربا كمنطلق فكري لنظرية مارتن لوثر التي رسمت البدايات الأولى لملامح الفصل بين سلطة الدين والدولة ودعت إلى الرجوع للأصول المرجعية الصحيحة للدين المسيحي وتحريرها مما علق بها من أخطاء عقائدية وتاريخية.
وعلى الرغم أن سياسة الفصل بين الدين والدولة في هذا السياق كان لها مبرراتها التي مهدت الطريق لتعليق الدين عن أداء رسالته الكاملة إلاّ أن قضية الفصل وبدون تمييز استهدفت القضية الأساس في رسالة الدين وهي سلطة القيم والأخلاق في حاكمية الدولة بهدف تجريد الإئتمان الديني من الدولة، إذا جاز هذا الوصف.
الدين (في إطار الفهم العام لعلاقته بالدولة) هو سلطة القيم الثابتة التي توجه العقل نحو المسار الصحيح والتعايش الإنساني الكريم في دروب الحياة وهو نبع الحق والعدل والمساواة في الكيان الإنساني الذي كرمه الله.. وهو ما يشكل البعد الأخلاقي والقيمي للسياسة والاقتصاد، أكثر أمور الدنيا قابلية للإشتعال والتقاتل.
وغنّي عن البيان أن الحكم بقصور الدين وتخلّفه عن فهم الواقع ومتغيراته ليس شاهداً على الدين بل شاهداً على التطبيق السيء لمفاهيم الدين وينبوع التاريخ من أغنى الينابع في المعرفة الحقيقية بالدوافع التي أنشأت وأنتجت هذة التطبيقات الخاطئة.
لماذا لا نستحضر المعاني العمدة في الفهم الإسلامي عن المسئولية الفردية وعدم الإكراه والعلاقة المباشرة بين الخالق والمخلوق دون مذبح ولا هيكل؟
كل هذه الأُطروحات ستجعلنا نتصالح مع أنفسنا وثقافتنا وقيم حضارتنا تَصاُلحاً بنّاءاً في إتجاه النهضة التي يُصرّ البعض على ربطها بالفصل بين الدين والدولة في استنساخ غير مفهوم ولا مقبول لتجربة النهضة الأوروبية.
هناك أيضاً تساؤل مشروع عن (وضع غير المسلمين في الدولة ذات المرجعية الإسلامية)
والإجابة التي ينطق بها الفكر والواقع في مجتمعاتنا: إننا نتحدث في بلادنا عن الإسلام الحضاري وعن العروبة الثقافية أكثر من الإسلام الديني تحت ظلال (لهم ما لنا وعليهم ما علينا).
على هذا الأساس كان المسيحي ومازال يعتبر نفسه ابن هذه الثقافة الإسلامية رغم مسيحيته، والنماذج أكثر من أن تُعدّ.
وعلى هذا الأساس كانت المواقف صريحةً في تحقيق العدالة الإجتماعية والقانونية والمساواة التامة بين أبناء الوطن الواحد باعتبار الانتماء للوطن (حق المواطنة) وباعتبار الحق المبدئي لا باعتبار الدين.
وأختم بذكر هذه النقاط الهامة:
- أن اتجاه فصل الدين عن الدولة لم يستهدف الثورة على التفكير الخاطئ أو القائمين على الدين وإنما أعاد صياغة المصالح السياسية بأسلوب جديد فتح باب الأطماع على مصراعيه بين المجتمعات البشرية وكانت من نتائجه حروب دفعت الإنسانية ثمنها الملايين من أبنائها ومطلبها في الاستقرار والأمان لعصور متتالية والتاريخ الدامي للحروب البشرية خير دليل على ذلك.
- إن القيم والأخلاق الحاكمة للسلوك البشري لا تتجزأ بين الدين والدولة وبين الدين والعلم وإنما هي رسالة واحدة هدفها الإنسان وسعادته.. بل إن القيم والمبادئ الأخلاقية هي ضمير السلطة وعقلها الأمين على مصالح البشر.
- إن غياب سلطة القيم والأخلاق تِبعاً لغياب الدين عن الدولة قد أفرز واقعاً استثنائياً عن مفهوم السلطة بمعنى القوة.. وليس النظام الإجتماعي السليم.. ومن ثَمّ بناء تعظيم دور تجارة السلاح وتحديث الصراع بين الشعوب والسيطرة على مقدرات الشعوب المُستضعفة وتثبيت مفهوم حق القوة .. لا قوة الحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.