شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    الجيش الأمريكي ينفي تنفيذ أي ضربات جوية في العراق    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال خلال مواجهات في بلدة بيت فوريك    نجم الأهلي السابق: جوميز طور أداء هذا اللاعب.. والزمالك أصبح له شكل داخل الملعب    مختار مختار: هذا هو التشكيل المثالي للأهلي أمام مازيمبي.. والأحمر يعاني من هذه الأزمة    إلهام شاهين ناعية صلاح السعدني: أفضل من قدم شخصية العمدة في الدراما    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    تعليق مثير من ليفاندوفسكي قبل مواجهة «الكلاسيكو» ضد ريال مدريد    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء الأزهر يحسمون الجدل: دولة الإسلام‏ "مدنية"

ثار الجدل‏,‏ وسيظل ثائرا‏,‏ حول الدولة المدنية والدولة الدينية‏,‏ واشتد اللغط حول طبيعة ومفهوم الدولة الإسلامية‏,‏ وسادت المخاوف لدي الكثير من القوي السياسية والحزبية اليسارية والعلمانية‏, بالرغم من قيام ثورة 25 يناير, وما أحدثته من تناغم وطني بين اليسار واليمين والليبراليين. وما تبعها من بروز لدور الجماعات والحركات الإسلامية علي الساحة السياسية, وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين, التي نادي نائب مرشدها العام للجماعة بتطبيق الخلافة الإسلامية, والتي دفعت أنصار الدولة المدنية للتحذير من تكرار نموذج الدولة الدينية الغربية التي عرفتها أوروبا في القرون الوسطي, والتي كفر بها كل الإصلاحيين في العالم!!
أما الإسلاميون.. فتحسبهم جميعا وقلوبهم شتي, فمنهم من ينادي بالمرجعية الدينية للدولة, ويحرم الديمقراطية وينادي بتطبيق الحاكمية وآخرون يطالبون بالإسراع بإقامة دولة الخلافة الإسلامية, وفي كل الأحوال يري كبار علماء الأزهر أن الشريعة الإسلامية مرنة, وصالحة للتطبيق في كل عصر ومصر!!
وفي ظل الجدل السياسي والفقهي حول مرجعية الدولة, وهل هي مدنية لا مكان فيها للأديان ؟ او مدنية ذات مرجعية إسلامية رغم ما قد يثيره هذا المفهوم الأخير لدي دعاة المدنية من تكريس للدولة الدينية ؟ نتساءل: ماذا يعني المفكرون الإسلاميون بقولهم إن الحكم الإسلامي يقوم علي المدنية والشوري, وان الشريعة الإسلامية لا تقر ولا تعترف بالدولة الدينية؟! وكيف يمكن فض الالتباس بين الدين والسلطة؟! وما هي الضوابط التي أقرها الفقهاء اساسا لنظام الحكم في الدولة الإسلامية ؟!
افتعال الأزمات الفكرية
تلك الضجة المثارة حول مرجعية وهوية الدولة لا يري فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, أن لها ما يبررها, ويقول: الإسلام لا يعرف الدولة الدينية بالمعني الغربي علي الإطلاق, فهي عندهم تعني أن الملك يحكم باسم الله ولا اعتراض عليه لأنه ناطق باسم الذات الإلهية, والإسلام لم يعرف عبر تاريخه مثل هذا الأمر, وأول حاكم في الإسلام أبو بكر الصديق رضي الله عنه, جاء عن طريق الاختيار, ونفس الشيء حدث مع عمر بن الخطاب,الذي حسمت المسألة في خلافته بالشوري وكذلك سيدنا عثمان,كلهم كان أمرهم شوري وجميعهم تولوا الخلافة بالاختيار, حتي إنني أذكر رأيا فقهيا شاذا, لتعرف مدي ديمقراطية النظام الإسلامي في هذا, وهو أن بعض التيارات والمدارس والفقهاء القدامي قالوا إن الإمامة أو الحكم ليس شرطا إذا ما صلح الناس, هذا موجود عندنا في الفقه, ولكن الواقع يكذب هذا لأنه لا يمكن أن توجد المدينة الفاضلة, ولكن هذا يدلل علي مدي أهمية وثقل هذا في أذهان علماء المسلمين, ومنهم من يري أن الحاكم يمكن الاستغناء عنه حتي إذا صلح الناس, وثقافة مثل هذه لا يمكن أن يقال إنها ثقافة دولة دينية, ثم أين الدولة الدينية التي ظهرت في تاريخ الإسلام ؟ والمناداة بدولة مدنية يستوجب علينا أن نتحفظ, نحن نستخدم مصطلحات غربية للأسف الشديد, لأن الدولة المدنية في الغرب هي المقابلة للدولة الدينية التي شهدتها أوروبا في العصور الوسطي ومعني ذلك أن الدولة المدنية لا تحفل بالدين لا من قريب ولا من بعيد, وفي ظلالها نشأت العلمانية التي تعني إقصاء الدين أو استبعاده أو فصله عن أي تأثير في المجتمع من الناحية القانونية والدينية, والاقتصادية والاجتماعية والأسرية والفنية, وهم حين فعلوا ذلك كانت لهم فلسفتهم ولهم ظروفهم الخاصة التي نعذرهم فيها, فالممثلون للدين في ذلك الوقت لم يكونوا ممثلين للمسيحية الحقيقية فأدخلوا المسيحية مع الإقطاع مع الدولة الدينية, فكانت الكنيسة أمامهم من المؤسسات التي يجب أن تتحمل نصيبا من الوزر الذي حاق بالفقراء والشعوب وتسيد الظلم إلي آخره, أيضا كانوا يبررون ضرورة العلمانية لأنه كان عندهم طوائف دينية شكلت حدودا فاصلة فيما بينها,وحدث الاقتتال عندهم بين الكاثوليك والبروتستانت وحرب دامية وشديدة فزعوا منها كثيرا, إذن أي دين سيسود وكل طائفة لها أتباع من الأديان والممثلين, وقالوا إن الحل الوحيد للهروب من صراع الأديان في إقامة ونهضة الدول هو إقصاء كل الأديان من المشهد السياسي, ونحن كدول إسلامية ليست موجودة عندنا ولم نقتتل كمسلمين فيما بيننا علي دين,اقتتلنا علي كراسي, ولم نشهد حربا شعواء بين الصوفية والسلفيين مثلا, لم تشهر الأسلحة مثلما حدث في أوروبا, حتي انك لا تجد حروبا مذكورة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق مثلما وجدتها بين المسيحيين أنفسهم في الغرب,وهذا أثر من آثار الأزهر علي مدي الألف عام حيث حمي المجتمعات الإسلامية من هذا المنزلق والانقسامات الخطيرة, والتي لو درجنا وراء الأصوات الحديثة في الخطابات الإسلامية الحديثة بالضرورة سنصل إلي هذه الانقسامات والحروب.
فنحن عندنا الدولة الحديثة فيها الحرية والشوري والديمقراطية, الدولة في الإسلام ليست دولة دينية ولكنها دولة ذات مرجعية دينية تنضبط فيها الأخلاق بالإسلام, لان كثيرا من المفاهيم الأخلاقية تختلف فيها النظرة الإسلامية عن الأخلاق الغربية الآن, كما هو الحال مع قوانين الأسرة في المجتمع الإسلامي المصاغة بأسس دينية, وهذا فارق بين الدولة المدنية في الغرب وبين الدولة المدنية في الإسلام.
ولا تعارض إذن بين المادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, والدولة المدنية, حتي ان بعض الناس يتصور أنه لو أزلنا هذه المادة من الدستور فسوف ننقلب بعد سنوات إلي مجتمع غربي تذوب فيه الأسرة والعلاقات الأخلاقية والقوانين الإسلامية, وهذا لن يحدث علي الإطلاق, ولن يكون, هذا ليس كلامي فقط, ولكنه أيضا كلام منظري الحضارة الغربية أنفسهم, الذين قالوا إن موقع الدين في الحضارة الشرقية مختلف تماما عن الحضارة الغربية, وقالوا أيضا إن الحضارة الشرقية قائمة علي الدين, إذا انهار الدين تنهار الحضارة كلها ولن تكون شرقية ولن تكون غربية, وعليه فلا مجال إذن للخوف أو إثارة الالتباس بين الدين والسلطة.
التعددية.. وحق الأختلاف
في كتابه الإسلام.. والدولة المدنية يصف الدكتور عبد المعطي بيومي, عميد كلية أصول الدين الأسبق, وعضو مجمع البحوث الإسلامية, بعض الفرق الإسلامية المعاصرة بضيق النظر في تطبيق هذا المذهب الفقهي أو ذاك, أو فقه هذه الفرقة أو تلك, تجاه مفهوم ومرجعية الدولة المدنية, ويري أن تلك المحاولات تقوم علي التحيز والانحصار في دائرة المذهبية الضيقة, أو الطائفية المذمومة, بعيدا عن منظور الشريعة في شمولها ونقائها الأصيل, فالإسلام كل لا يتجزأ ولا يتبعض منظوره, أو ينحصر في تأويل بعينه لهذه الفرقة أو المذهب أو التيار, وإنما هو فوق ذلك كله, وسابق علي التأويلات والتفسيرات والاختلافات, فضلا عن الانقسامات والصراعات.
ويؤكد علي الأصل الإسلامي للتعددية وحق الاختلاف والمجادلة بالتي هي أحسن, مستشهدا علي ذلك بالآية الكريمة ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة, ولا إكراه في الدين وضرورة المجادلة بالتي هي أحسن, وما يتصل بذلك من معنيالمعارضة التي لا يقصد بها العداوة, أو الخصومة, أو المخالفة بقصد المخالفة, أو استئصال الآخر المختلف معنويا أو ماديا, وإنما المقابلة الاجتهاد, والاختلاف الذي هو رحمة تقود الي إمكان تقديم حلول متعددة بما يفيد المجتمع.
كما ينفي الكتاب عن الإسلام الدلالة السلبية للحاكمية من حيث انقلابها إلي نوع من الحق الإلهي الذي يأخذه من يدعيه, أو يغتصبه, فالحاكمية لله تعني الحكم بما أنزل الله, وذلك بما يقيم العدل بين الناس, ويؤكد المساواة بينهم, ويحررهم من شروط الضرورة, دون تمييز بينهم علي أساس من جنس أو لون أو أصل أو فئة, أو حتي دين, فالمساواة أصل في المواطنة التي يقرها الإسلام, ويؤكد ما تنطوي عليه من إخاء وتسامح واشتراك عادل في الحقوق والواجبات.
ولذلك يشير الكتاب إلي الموقف من الأقليات, مؤكدا أن الأصل الأصيل للإسلام يسع الجميع برحمته, فلا يجوز تشريع أي قانون في أي مجال من مجالات الحياة وأنشطتها يضر بغير المسلمين في مصالحهم, أو يؤذيهم في عقائدهم أو مشاعرهم, وإسهام الجميع فيها بلا تمييز, وبما يحقق تقدم الأمة الذي لا يتحقق إلا بشعور الجميع بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات.
المستبد العادل
كما يحذر في كتابه من فكرة المستبد العادل التي نقلها الإمام محمد عبده عن جمال الدين الأفغاني, وذلك بالرفض المطلق لطبائع الاستبداد مهما كانت صورها أو مبرراتها, مرتكزا في ذلك إلي الصفة المدنية لحكم الرسول صلي الله عليه وسلم الذي أمر المؤمنين بمخالفته في الأمور البشرية التي قد يخطئ فيها, مستنا بذلك التقليد الذي اتبعه أمثال أبي بكر, الخليفة الأول لرسول الله, عندما طالب المسلمين بأن يقوموه إذا رأوا منه اعوجاجا, ويعينوه إذا رأوا منه ما ينفع الجميع. كما يسطر بيومي في كتابه لمفهوم العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه الدولة المدنية الحديثة ومفهوم العقد الديني الذي ينطوي علي المبدأ القائل بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, مخالفا بذلك التيار السلفي الذي كان يمنع الخروج علي الحاكم, كما يطالب الكتاب بإحلال النظر العقلي القائم علي الاجتهاد محل النظر النقلي القائم علي التقليد, قاصدا بذلك الي الإسهام في النهوض بالمجتمع الإسلامي, ودعم تياراته العقلانية الليبرالية التي هي الإطار المرجعي لمفهومه عن الدولة المدنية.
الاسلام والسلطة
والصراع الدائر في مصر الآن بين أنصار الدولة المدنية, والدولة الدينية يرد عليه الدكتور عبد المعطي بيومي بالقول: ليست في الإسلام سلطة دينية, ولا دولة دينية, دولة الإسلام دولة مدنية في دائرة لها إطار أخلاقي قيمي ديني لكنها من الداخل تعمل العقل والاجتهاد, وتعطي للخبرة الإنسانية مجالا واسعا جدا, كما تقوم الدولة المدنية علي أسس رئيسية هي أن الأمة مصدر السلطة, وعلي فصل السلطات الثلاث وعلي عقيدة تشكل النظام السياسي, والاجتماعي والاقتصادي أما الدولة الدينية التي ظلت تحكم العالم في الحضارات القديمة فكانت تقوم علي الحق الإلهي في الحكم لبشر معينين. أما رأي الإسلام في الدولتين المدنية والدينية فيري الدكتور بيومي أن الدولة المدنية الأولي التي نشأت علي يد الرسول صلي الله عليه وسلم حددت نقاطا مهمة, أو محددات هي أن الأمة مصدر السلطات, فلم يتول حاكم في تاريخ الإسلام الحكم بناء علي حق الهي مطلق, وإنما كان الخلفاء يستمدون سلطتهم من البيعة العامة التي يبايع فيها الناس الخليفة المرشح إضافة للفصل بين ما هو ديني ودنيوي, والفصل بين السلطات حيث كان الرسول صلي الله عليه وسلم حكما بين الجميع, لكنه لم يتفرد بالسلطة, وكانت له هيئة تشريعية معروفة من كبار الصحابة في أنشطة الحياة المختلفة, وكان عليه الصلاة والسلام يوسع من مجموعة مستشاريه بحسب الأحوال والأنشطة. وكانت لهذه الدولة المدنية علي عهد الرسول ملامح محددة منها أن الشريعة هي الإطار العام, وبداخلها منطقة للنصوص القطعية, وهي خاصة بالعبادات ثم جزء أكبر خاص بالأمور الدنيوية, تحكمها قواعد عامة, ونصوص عامة, والنص العام ميزته أنك تفهم شيئا, وأنا أفهم شيئا آخر, واللفظة القرآنية لها دلالة ظنية مفتوحة الدلالة, وحينما يقول عز وجل:وشاورهم في الأمر فهذا يعني أن أي صورة من صور الشوري يعمل بها, كالبرلمان, أو مجلس الشيوخ, أو مجلس نواب, أو زعماء قبائل. ولم يضع الإسلام شكلا محددا للنظام السياسي, لكنه وضع له أربع ركائز أساسية يقوم عليهم النظام الأساسي في الإسلام تبدأ بالمساواة تليها الحرية, ثم العدالة, ثم الشوري, وهذه ركائز الإسلام إذا طبقت يكون الحكم إسلاميا سواء كان جمهوريا او ملكيا, وإذا أغفلت ركيزة أو اثنتين وحتي لو أقمت نظام خلافة وأسميت نفسك أمير المؤمنين, لا يصبح نظاما إسلاميا, أما اذا عملت بها فهذا نظام إسلامي سواء جمهوري أو ملكي, فالشريعة الإسلامية في غاية المرونة, وقابلة للتطبيق ما لم تبح ما حرم بنص. وإذا كان دعاة الدولة المدنية وكثير من التيارات الإسلامية يرتكنون الي مبدأ الحاكمية وفقا لاجتهاد فقهي في قول الله تعالي: إن الحكم إلا لله فان الدكتور عبد المعطي بيومي يري أن القول بانه لا حكم إلا لله فهو يعني الامتداد بهدايات الشريعة الإسلامية, وان نضع لأنفسنا النظام الذي يحقق المساواة والحرية والعدالة والشوري, لذلك فان حكومات الغرب ليست مسلمة, لكنها حكومات إسلامية, وهذا ما قاله الشيخ محمد عبده فهناك المساواة والشوري والعدالة وحقوق الانسان والحريات, ما يقول عنه الإسلام وهم غير مسلمين.
اقامة دولة الخلافة
ومن هذا المنطلق الفقهي يعلق الدكتور عبد المعطي بيومي علي تصريحات نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي طالب فيها بإقامة الخلافة الإسلامية قائلا:من قال بذلك ليس لديه وعي بالتاريخ الإسلامي, ولا بطبيعة النظام السياسي في الإسلام, فالإخوان كانوا لا يقتنعون بفكرة الدولة المدنية,وعندما اقتنعوا بأن تكون دولة الإسلام مدنية قالوا ذات مرجعية إسلامية,قلنا لهم هذه المرجعية منصوص عليها في المادة الثانية من الدستور ومن هنا فلو أي حزب سواء كان علمانيا أو ماركسيا عمل بالدستور المصري فإنه يلتزم بالمرجعية المنصوص عليها في المادة الثانية, أما الذي يفتح الحوار حول المادة الثانية من الدستور كأنه يفتح باب جهنم علي مصر لأن هوية مصر الحالية عربية وإسلامية والإسلام بمعناه العقدي بالنسبة للمسلمين ومعناه الثقافي والحضاري لغير المسلمين.
كما يعرب الدكتور عبد المعطي بيومي عن أمله أن يتفهم الناس إمكانات الإسلام وإيجابياته فيما يتعلق بتحقيق الدولة المدنية لا العلمانية, ويؤكد أن هناك خلطا بين المدنية والعلمانية, فالعلمانية لا مانع لديها أن تبعد الدين عن السياسة وهذا لا يحقق أي تقدم في العالم الإسلامي أما الدولة المدنية التي تفتح المجال للعقل والخبرة الإنسانية بأوسع آفاقها دون أن تصادم مبادئ الدين الأساسية ونصوصه القطعية فهذا أمر يرحب به الإسلام بل قامت دولة الرسول صلي الله عليه وسلم علي هذا المنهج.
الالتباس بين الدين والسلطة!
وإذا كانت المرجعية الإسلامية للدولة المدنية تثير المخاوف والالتباس بين الرؤية الدينية والسلطة الحاكمة, فان الدكتور نصر فريد واصل, مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, يؤكد انه لا يوجد تنافر بينهما فالأصل في السلطة الدينية والسلطة المدنية أنهما يؤديان إلي تحقيق العدل والمساواة, والإسلام لا يقر الفصل بين الدين والسياسة, لأن الإسلام دين ودنيا, وعقيدة الإسلام هي التي تؤكد علي العدل وعدم الغش, بل انه يحمل فصل الدين عن السياسة ما نعانيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية ويقول: عندما فصلنا السياسة عن الدين وعن أخلاقيات المباديء العامة كانت النتيجة ما حدث الآن من فقر واستغلال وتفاوت بين الناس, مفهوم الدولة الدينية غير موجودة في الإسلام, وهو بعيد عنها كل البعد, لأن السلطة الدينية تأتي من السماء, ودولة الإسلام هي دولة مدنية,ولكن النظام الأمني السابق استخدام أدواته وأياديه الخفية لإشعال الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر تحقيقا لمبدأ فرق تسد, هو أراد أن يفسد العلاقة بين المسلمين والأقباط لأن وحدتهم قوة وعصمة ولولا وحدة الوطن ما نجحت ثورة52 يناير المجيدة التي شهدت تمازجا وتعاونا ومحبة وإخاء بين عنصري الأمة, والمادة الثانية من الدستور هي الضمانة القوية لحماية حقوق الأقباط, ولو كانت مفعلة التفعيل الحقيقي طوال سنوات العمل بالدستور الحالي لما شعر الأقباط بأنهم مظلومون, لأن روح الإسلام وجوهره وحقيقته تقضي بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين المسلم وغير المسلم, فالإسلام دولة مدنية وليست دينية, حتي في عصر الرسول صلي الله عليه وسلم كانت الدولة المدنية وليست الدينية, وحتي عند وفاته ترك اختيار الخليفة من بعده شوري للمسلمين مما يعني ان اختيار الحاكم كان بشكل مدني وليس دينيا, والإسلام دولة مدنية دستورها الشريعة الإسلامية تجمع بين الدين والدنيا وحقوق الله وحقوق العامة, والدولة الدينية ليس لها وجود, والرسول صلي الله عليه وسلم كان رئيس دولة مدنية بصفة حاكم ومبلغ من عند الله فعندما يأمر بما يخص الدين يطاع أما فيما يخص أمور الدنيا والحكم بين الناس فكان شخصا مدنيا يستشير الصحابة في أمور الحرب والدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.