فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    المالية تعلن بدء صرف مرتبات شهر نوفمبر 2025 الأسبوع المقبل    انخفاض أسعار البط ببورصة الدواجن اليوم    الصحة العالمية تحذر: 900 حالة وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    الصحة العالمية: 900 وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    ليفربول يحلم بصفقة نجم بايرن ميونخ لخلافة محمد صلاح    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    "ماسكين سبح بأيديهم"، وصول سارة خليفة و27 متهما بالاتجار في المخدرات إلى الجنايات    الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى الخميس: خريف معتدل وارتفاع تدريجي في الحرارة    الليلة عرض أولى حلقات ليلة فونطاستيك مع أبلة فاهيتا على MBC مصر    تعرف على إصدارات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته العاشرة    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر ونظيره الباكستاني    كشف ملابسات تضرر سيدة من مدرس تعدى على نجلها بعصا وإحداث إصابته بمدرسة بدمياط    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    التخطيط والتعاون الدولي تقدّم الدعم لإتمام انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس الرياضي    الرئيس التنفيذي للمتحف الكبير: إطلاق مدونة سلوك قريبا.. وسنضطر آسفين للتعامل وفق حجم الخطأ حال عدم الالتزام    لاعب دورتموند يسعى للانتقال للدوري السعودي    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    تعليمات عاجلة من محافظ الشرقية لتأمين اللجان الانتخابية وحماية الناخبين    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    استمرار رفع درجة الاستعداد القصوي للتعامل مع الطقس الغير مستقر بمطروح    مصرع شخص صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    أسعار الفراخ في البورصة اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    معاش شهر ديسمبر 2025.. اعرف الموعد ومنافذ الصرف    مصر الرياضية تتلألأ بمليارية سوبر وماراثون تاريخي    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    تجديد الاعتماد للمركز الدولي للتدريب بتمريض أسيوط من الجمعية الأمريكية للقلب (AHA)    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    الدفاع السورية: تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مكان إطلاق الصواريخ على دمشق    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يبحث مع البنك الأوروبي تعزيز الاستثمارات وتطوير المنشآت الصحية    طرق حماية الأطفال ودعم مناعتهم مع بداية الشتاء    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    حبس عصابة استدرجت صاحب شركة واستولت على أمواله بالقاهرة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور محمد حجازى شريف يكتب عن : إشكالية الدولة الدينية .. والدولة المدنية
نشر في شباب مصر يوم 12 - 05 - 2011

ثار في الآونة الأخيرة لغط كثير حول مفهوم الدولة الدينية في مقابل
مفهومين آخرين واحد منها هو الدولة العلمانية والثاني هو الدولة المدنية، ويُستعمل التعبيران الأخيران أحيانا للتعبير عن شئ واحد وأحيانا للتعبير عن شيئين مختلفين طبعا أقصد ( العلمانية – المدنية(.
والحقيقة أن هذا الجدل ليس جديدا في منطقتنا العربية ولكنه أحيانا يطفوا على السطح وأحيانا يخبو فهذا مرتبط بصعود وهبوط المشروع السياسي الإسلامي ، أو اصطدامه مع أطراف في السلطة أو خارجها ، أو كما حدث في مصر في الفترة الأخيرة من توقع ارتفاع تمثيل التيار الإسلامي في انتخابات مجلس الشعب المصري القادمة، خاصة بعد ما أعلن الأخوان المسلمين عن ترشيحهم بقوة للحصول على نحو نصف مقاعد مجلس الشعب، حيث تجدد الجدل من جديد. الدولة الدينية والدولة المدنية مفردات ومفاهيم كثر حولها الجدل والنقاش وتجمّع حول هاتين المفردتين أنصار كثر ممن يرون بصلاح هذه أو فساد تلك وهناك في غالبية الدول العربية والإسلامية أنصار للدولة الدينية والدولة المدنية والجدلية بين هذين المفهومين لا زالت قائمة ومنبع الإشكالية بين الدين والسياسة أو بين العقل السياسي والعقل الديني مثار جدل صاخب خصوصا في المجتمعات المدنية المعاصرة التي لم تحسم خياراتها وتحدد موقفها الأخير بشأن هذه القضية.
كنت أتصور أن هذه القضية قد انتهت منذ زمن بعيد ولكن السنوات الأخيرة أظهرت أنها استيقظت من جديد
ولكي نقدم للقارئ رأينا حول هذا الأمر فإننا يجب أن نعرف أولاً معني الدولة الدينية، وهل يعرف الإسلام هذه الدولة الدينية، وهل عرفتها المسيحية في وقت من الأوقات وبعد ذلك نعرض للدولة المدنية ومعناها أيضًا، وهل في الأديان عامة والإسلام خاصة ما يرفض الدولة المدنية وهناك مسألة أخري قد تحسن الإشارة إليها وبيان صلتها بكل من الدولة الدينية والدولة المدنية ألا وهي( العلمانية) وهل الدولة العلمانية مرادفة للدولة المدنية أم أن هناك تمايزًا بينهما وأنا أعرف أنها مسائل قد تبدو دقيقة ولكن معرفتها والإحاطة بمضمونها قد تكون مهمة ونحن في هذه المرحلة من مراحل التحول، وسأحاول قدر استطاعتي تبسيط هذه الأمور مع الحفاظ علي الطابع العلمي الميسر.
الدولة الدينية:
هذا التعبير لم تألفه ثقافتنا العربية الإسلامية طوال تاريخها منذ ما يقرب من 14 قرنا من الزمان أي منذ ظهور الإسلام، لأن الدولة التي قامت منذ ذلك التاريخ وهي الدولة الإسلامية لم تكن دولة دينية بهذا المفهوم الوافد من الغرب، بالرغم من وجود حكم وراثي بعد الخلافة الراشدة توارث الحكم فيه عائلات وهو أمر مخالف للروح الإسلامية والنصوص النبوية التي حذرت من الحكم الوراثي، أعود فأقول أن الدولة الدينية لم تكن موجودة في النماذج التي حكمت في العهود الأولى لظهور الدولة الإسلامية القديمة.
وهذا التعبير ظهر في أوربا في العصور الوسطي وعصور التخلف في حين كانت هذه العصور
( تألق للحضارة العربية الإسلامية)، وحكم أوربا في ذلك الوقت رجال الكنيسة ومارسوا ممارسات غريبة وعدوانية وتسلطية طاردت العلم والعلماء والمفكرين وسيطرت على السلطة والثروة وأدت إلى ثورة ضد هذا النموذج من الحكم، حكم رجال الدين ( أو الأكليروس ) ونتيجة لهذا تم فصل الكنيسة عن الدولة ( طبعا لم يتم فصل الدين عن الدولة )عقب الثورة الفرنسية، وهذا هو النموذج الواضح للدولة الدينية، كما أن دولة إسرائيل هي النموذج الثاني للدولة الدينية حيث أن هذه الدولة أسست كمكان لتجميع اليهود من كل جنس ولون وعرق، فالدولة تنشأ لتجمع بشري في مكان واحد غالبا ما يكون أبناءها من عرق واحد أو عرق غالب، لكن نموذج دولة( إسرائيل ) يجمع بين اليهود من أوربا الشرقية وهم من أعراق مختلفة وأوربا الغربية ومن أمريكا وهؤلاء جميعا يُعرفون بيهود (الأشكناز) أي الغربيين، كما تجمع اليهود من الدول العربية ومن أثيوبيا وغيرها وهم ما يعرفون ( بالسفا رديم ) فأساس البناء لهذه الدولة هو الانتماء الديني ، فلذلك الدولة الدينية هي الدولة التي يحكمها رجال الدين ( بالمفهوم الكنسي ) والدولة التي تنشأ لتجميع أبناء الدين الواحد من كل عرق وجنس ومكان
الإسلام لا يعرف الدولة (الثيوقراطية) :
لقد عرفت أوروبا مفهوم الدولة الدينية وطبقته طويلاً، واكتوى الناس بناره مئات السنين، ولم يتخلصوا منه إلا مع مقدم عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية، وجاءت الثورة الفرنسية لتنهي هذا المفهوم تمامًا، وتفصل بين الدين والدولة.
الدولة في الإسلام ليست ثيوقراطية؛ لأن الحاكم في النظام الثيوقراطي سلطته فيه إما من رجال الدين وإما من الحق الإلهي بوصفه ظِلُّ الله في الأرض، بينما سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية مستمدة من الناس لا من الله، أي بموجب الرضا والقبول والبيعة.
فالأمة في الإسلام هي الحاكمة، وهي صاحبة السلطة، وهي التي تختار حاكمها، وهي صاحبة المشورة، وهي التي تنصح له وتعينه.
وهي التي تعزله إذا انحرف أو جار، والخليفة في الإسلام ليس نائبًا عن الله، ولا وكيلاً له في الأرض، إنما هو وكيل الأمة ونائب عنها.
والدول الإسلامية المتعاقبة لم تصادر حقوق الناس وحرياتهم، بل اعتمدت مبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية ... وهذا الذي ذكرناه كله يتناقض تمامًا مع فكرة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية.
وما يتحجج به دعاة فصل الدين عن الدولة من أن جعل مصر دولة إسلامية يعني أنها دولة دينية أمر مرفوض؛ حيث إن الدين الإسلامي يجعل الدولة قائمة على أساس العدالة والمساواة، فلا يفرق بين المسلمين والمسيحيين أو أتباع الأديان الأخرى إلا فيما ليس فيه تقنين عندهم.
وفي هذا تجسيد عملي للدولة المدنية، خاصة أن المواطنة مبدأ متأصل في الإسلام، والدليل على ذلك أن المسيحيين واليهود كانوا يتولون مناصب كثيرة في تاريخ الأمة الإسلامية.
فالثيوقراطية أو النظرية الثيوقراطية من المصطلحات السياسية الوافدة. والأصل اللغوي للثيوقراطية مشتق من الكلمة اليونانية Theokratia وتعني حكم الله ولكن في استعماله الشائع فإن المصطلح يقصد به حكم رجال الدين، أو حكم الكنيسة، وقد جاءت كلمة ثيوقراطية من كلمتين يونانيتين: الأولى كلمة (ثيو) وتعني إله، والثانية كلمة (قراط) وتعني الحكم.
ونظام الحكم الثيوقراطي هو نظام الحكم الذي يعتبر أن الله هو السلطة السياسية العليا، وأن القوانين الإلهية هي القوانين المدنية الواجبة التطبيق.
وأن رجال الدين بوصفهم الخبراء بتلك القوانين الإلهية فإنه تتمثل فيهم سلطة الله، والتي يكون لزاماً عليهم تجسيدها من خلال فرض وتطبيق قوانينه السماوية.
أما في الإسلام فإن علماء الدين ليسوا وسطاء بين العبد وربه، فضلاً عن أن الدين الإسلامي نفسه ليس به رجال كهنوت، كما أن العلماء أو الحكومة في الإسلام ليسوا أوصياء من الله على خلقه.
فمن يدعي أن الحكم الإسلامي ثيوقراطي يكون قد ظلم الحقيقة، لأن الحاكم المسلم ينتخب من الشعب، وهو يخطئ ويصيب، ويحاسب ويعزل وليس معصوماً
فالحكم في الإسلام ليس حكماً)ثيوقراطياً) لكن جهل أنصاف المتعلمين الذين يقيسون الإسلام بالكنيسة في العصور الوسطى، جعلهم يتوهمون أن الحكم الإسلامي( ثيوقراطي(.
هذه هي صيغة الدولة الثيوقراطية التي يخاف منها المتغربون العرب، وهي صيغة لم تظهر في التاريخ الإسلامي، وتتناقض بشكل كامل مع المبادئ الإسلامية.
هي حالة خاصة بالتاريخ اليهودي والروماني والأوروبي، والذين يستخدمون المصطلح من العرب لا يعرفون حقيقته، أو أنهم يعرفونه ويستخدمونه لإثارة الاضطراب ولتحقيق أهداف سادتهم.
الدولة العلمانية :
تعريف العلمانية والدولة العلمانية ليس عليه اتفاق فهناك تعريفات كثيرة سواء من الناحية النظرية أو من حيث الواقع العملي والعلمانيون هم الرجال المدنيون في التعريف الكنسي في مقابل رجال الأكليروس ( أي رجال الدين من القساوسة والرهبان ... الخ ) فلهذا عُرفت الدولة العلمانية على أنها النموذج المقابل للدولة الدينية بالمفهوم الكنسي الذي ساد في العصور الوسطى واستعمل البعض كلمة العلمانية على أنها فصل الدين عن الدولة أو فصل الكنيسة عن الدولة، وغالى البعض في تعريف العلمانية على أنها النموذج المضاد للدين والتدين، كما عرفها البعض على أنها الموقف المحايد من الدين وجرت تطبيقات مختلفة للدولة العلمانية في الغرب المسيحي فلا يمكن أن نقول أن الدولة العلمانية في فرنسا مثلها مثل الدولة العلمانية في ألمانيا ولا كذلك مثل المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا فكل هذه الدول تسمى علمانية ومع هذا تعدد نموذج الدول وأختلف من مكان إلى أخر والجدل حول كلمة علمانية أو الدولة العلمانية لم يحسم إلى تعريف واحد ومحدد، وظل النموذج المطبق لهذا العنوان هو نموذج غربي بامتياز والدول العربية والإسلامية التي حاولت أن تطبق هذا النموذج كانت أشبه بالمسخ لأنها بالرغم من المحاولات الدءوبة لجعلها علمانية وفق النموذج الغربي كتركيا مثلا اصطدمت دائما مع القيم الإسلامية الراسخة في الشعب، لذلك أعود فأقول أن النموذج العلماني كان غربيا بامتياز ومناسبا لبيئته وحضارته وتطورها أما في العالم العربي والإسلامي فالأمر مختلف.
الدولة المدنية :
إذا كانت المرجعية في الدولة الدينية لأمور خارج نطاق البشر وفوق عقولهم فإن المرجعية في الدولة المدنية هي لإرادة الناس وفكرهم، ذلك أن الدولة المدنية تقوم علي مبدأ أساسي مقتضاه أن إرادة الناس هي مصدر كل السلطات ومرجعيتها النهائية.
والدولة المدنية التي تقوم علي أساس القانون وتتبني النظام الديمقراطي هي دولة تقوم أيضًا علي أساس مبدأ المواطنة أي أن مواطنيها جميعًا- مهما اختلفت أصولهم العرقية أو معتقداتهم أو أفكارهم أو دياناتهم- هم لدي القانون سواء في حقوقهم المدنية والسياسية.فالدولة المدنية هي التي تقوم على الركائز التالية :
1- وجود دستور ..وسيادة القانون .
2 - تعددية السياسية الحقيقية .
3 - كفالة الحقوق والحريات العامة للمواطنين .
4 – ضمانة استقلال القضاء.
وتوشك دول العالم كلها أن تكون الآن دولاً مدنية، وقد تكون الجمهورية الإسلامية
الإيرانية ودولة إسرائيل- علي ما بينهما من اختلاف شديد- هما المثلان المعاصران
القريبان من فكرة الدولة الدينية.
رؤية وتحليل :
نظرا للظروف المختلفة في العالم العربي كما سبق أن ذكرنا فالنموذج الأنسب في التعبير عن الدولة غير الدينية هو( الدولة المدنية)، فهي الدولة التي يحكم فيها أهل الاختصاص في الحكم والإدارة والسياسية والاقتصاد ... الخ وليس علماء الدين بالتعبير الإسلامي أو
( رجال الدين ) بالتعبير المسيحي، وكذلك هي الدولة القائمة على قاطنيها الأصليين وهم غالبا ينحدرون من عرق واحد أو عرق غالب وإن تعددت دياناتهم ومذاهبهم، أما نموذج الدولة الدينية التي تقوم على أساس( ثيوقراطي ) فهي نموذج غير معروف في العالم العربي والإسلامي والدولة الوحيدة القريبة من هذا النوع في العالم الإسلامي هي ( إيران ) حيث علماء الدين يتحكمون أو الملالي وحيث السلطة المهيمنة للمرشد الأعلى أو ما يسمى ب ( ولاية الفقيه) وهو نموذج يثير بين المسلمين اختلافا أكثر مما يثير اتفاقا، وهو كما قلنا نموذج غير مسبوق في التاريخ الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى يوم الناس هذا.
وبالتالي حينما نريد أن نعبر عن دولة يحكمها رجال مدنيون متخصصون في الحكم
والإدارة والسياسية وليس فقهاء أو مشايخ أو قساوسة ... الخ فالأنسب هو استعمال دولة مدنية وليس دولة علمانية، لأنه كما ذكرنا التعبير الثاني وافد وغريب على الثقافة العربية الإسلامية وهو تعبير سيئ السمعة، ودائما ما أقول أننا نريد أن نتجاوز التسميات إلى المضامين أي أن المضمون للفكرة هي قيام الدولة على أساس مدني وعلى دستور بشري أيا كان مصدره وعلى احترام القانون وعلى المساواة وحرية الاعتقاد ... الخ فهذا المضمون إذ وُجد في دولة ما فهذا هو المطلوب ومحل قبول وبالتالي نسميها الدولة المدنية سواء كانت هذه الدولة المدنية قديمة كما كان في عابر الزمان أو الدولة المدنية الحديثة المعروفة في زماننا .
بقلم د/محمد حجازى شريف
أكاديمى ومحلل سياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.