أكدّ د.عبد المنعم أبو الفتوح أن الدين الإسلامي متداخل ومتعمّق في حياة المواطنين في العالم العربي والإسلامي، وهذا الدين يرسم الخطوط العريضة من قيم الحق والعدل والمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والأخلاق التي تحكم الدولة سياسياً واقتصاديا. وأوضح في كلمته بعنوان "الدين والدولة في الوطن العربي" في المؤتمرين المنعقدين في مقرّ الأممالمتحدة والجامعة الأمريكية ببيروت، أن الدين الإسلامي يُؤسس للمرجعية الأخلاقية والفكرية للمشروع السياسي الناهض ولا يلزمنا بنظام سياسي نهائي فهو يترك التفاصيل والجزيئات للبشر إحتراماً منه للإجتهاد العقلي والواقع المتغير.
وأشار أن استنساخ تجربة النهضة الأوروبية في فصل الدين عن الدولة غير مفهوم أو مقبول، فالأمر لدينا يختلف كثيراً عن الوضع في العصور الوسطى من صراع شرس بين الكنيسة والدولة لتدخلّ الأولى في الحياة السياسية وفرضها لقواعد تحكم الدولة، قائلاً: "إن هذا لا يحدث عندنا فالمسجد لا يفرض وصايته على الدولة من قريب أو بعيد، لذا تختلف الحالتين".
وأضاف أبو الفتوح أن اتجاه فصل الدين عن الدولة كان غرضه صياغة المصالح السياسية بأسلوب يرسخ الأطماع بين المجتمعات البشرية، بالإضافة إلى أن غياب سلطة القيم والأخلاق تبعاً لغياب الدين عن الدولة أفرز واقعاً استثنائياً عن مفهوم السلطة بمعنى القوة فأدىّ إلى حروب دامية دفعت الإنسانية ثمنها كبيراً، وحدثّت الصراع بين الشعوب والسيطرة على مقدراتها، مؤكداً على أن القيم والأخلاق الحاكمة للسلوك البشري لا تتجزّأ بين الدين والدولة وبين الدين والعلم فهي ضمير السلطة وعقلها الأمين، ورسالتها واحدة وهي الإنسان وسعادته.
وقال "أن وضع غير المسلمين في الدولة ذات المرجعية الإسلامية يكون من خلال الإسلام الحضاري والعروبة الثقافية التي تُفعّل مبدأ (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)، وعلى هذا الأساس كان المسيحيّ ومازال يعتبر نفسه إبن هذه الثقافة الإسلامية رغم مسيحيته، لذا كانت المواقف صريحةً في أغلب الدول الإسلامية من تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية والمساواة التامة بين أبناء الوطن الواحد.