\r\n اما مواطنو الضفة الغربية فيدينون هذا البناء, لانه ينتهك الاراضي الفلسطينية بحدود ما قبل عام ,1967 ويحد من تحركهم فيها, ويفصل المزارعين عن حقولهم وبساتينهم. وتصف حماس, التي تسيطر على غزة منذ حزيران ,2007 القطاع الذي تعيش فيه \"بالسجن الكبير\" وحتى الفترة الاخيرة, كانت مصر ايضا شديدة النقد لهذا الجدار, اذ قال وزير خارجيتها في حينه, احمد ماهر, عن الجدار انه بناء \"يتحدى الشرعية الدولية والرأي العام العالمي\". \r\n \r\n واذ تمضي اسرائيل بسرعة ونشاط في كبح جماح التهديد الآتي من الضفة الغربية, فان الفلسطينيين يواجهون احتمال اقامة جدار آخر لتطويقهم, وهذا الجدار ليس من بناء الاسرائيليين, بل من مصر التي تسعى الى المزيد من الحماية من جيرانها الفلسطينيين في غزة. \r\n \r\n لمصر كل الاسباب التي تدعوها الى القلق. ففي كانون الثاني ,2008 هدمت حماس السياج الحدودي بين غزة ومصر, ما أتاح لحوالي 700.000 فلسطيني تقريبا - اي ما يقرب من نصف سكان غزة- العبور الى صحراء سيناء. وقد رأت القاهرة الى هذا الخرق الغزي في البداية, فرصة لتعزيز صدقها مع الفلسطينيين. ثم فرض الواقع نفسه. فعلى ما يبدو ان مصر ساورتها مشاعر قلق من ان يفاقم دخول الفلسطينيين الى غزة مشكلة الارهاب الخاصة بمصر. \r\n \r\n ففي نيسان ,2006 قتل 23 سائحا في هجوم بسيارة مفخخة في منتجع \"دبحا\". وبعد ذلك بيومين, استهدفت قوة المراقبين متعددة الجنسيات, التابعة للامم المتحدة, لتفعيل معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية, بهجمات انتحارية. فالخطر بالنسبة للقاهرة يمتد الى ابعد من سيناء, ذلك ان الاسلاميين في مصر, بقيادة \"الاخوان المسلمين\" اخذوا يحققون مكاسب سياسية بارزة في السنوات الاخيرة, وفازوا ب 88 مقعدا من اصل 444 مقعدا في البرلمان المصري عام 2005 في حدث سياسي غير مسبوق. وهكذا فان احتمال تشبث حماس بالاخوان المسلمين في مصر أمر يرعب الحكومة المصرية. وقد وصف ذلك احد المحللين السياسيين المصريين بالقول \"حماس اخوان مسلمون تتعاطى مركبات الستيرويد\". \r\n \r\n وبعد اقل من اسبوعين من الاختراق الغزي, اتخذت القاهرة اجراءات شديدة للغاية لاعادة الفلسطينيين الى غزة. فقد اعتقلت العشرات منهم- بمن فيهم مجموعة من المسلحين الفلسطينيين الذين قيل انهم كانوا يخططون لمهاجمة سائحين اسرائيليين في سيناء - ثم سرعان ما اقفلت الحدود باسلاك شائكة امتدت عدة اميال. واحتجت حماس بشدة على اقامة هذا الحاجز المعيق, وتعهدت بعدم السماح بابقاء الحدود مغلقة. وفي شباط الماضي, جرح اثنان من حرس الحدود المصريين بنيران فلسطينية, كما اصيب عدد اخر غيرهم بالحجارة التي القيت عليهم عبر الحدود, وعولجت كسورهم. \r\n \r\n ومع تزايد حدة التوتر على طول الحدود, خففت مصر موقفها من جدار العزل الاسرائيلي في الضفة الغربية. ففي شهر اذار, صرح وزير الخارجية المصري احد ابو الغيط قائلا, \"ان كل من لديه الرغبة ببناء جدار امني على اراضيه, له الحرية في القيام بذلك. وبعيد ذلك, اعلن ان مصر ستبني جدارها الخاص, بمساعدة من الولاياتالمتحدة قيمتها 23 مليون دولار, على طول الحدود مع غزة, ومن المتوقع ان يصل فريق من سلاح الهندسة في الجيش الامريكي الى مصر في وقت قريب لتقديم الاستشارة في هذا المشروع. \r\n \r\n ان التغيّر في موقف القاهرة قد جرى بضغط من واشنطن, على الاقل جزئيا. فمنذ اكثر من عشر سنوات, والاسلحة تتحرك بحرية الى غزة عبر انفاق التهريب الكلية, التي تربط سيناء. بمناطق فلسطينية, وتتخطى المراقبة الاسرائيلية. وما ان استولت حماس على غزة, حتى اخذ هذا الموضوع, يحظى باهتمام متزايد, خاصة عندما بدأت صواريخ كاتيوشا الابعد مدى, والتي يفترض انها نقلت عبر هذه الانفاق, بالسقوط تباعا على مدن اسرائيلية. واثناء مناقشة ميزانية عام ,2008 ساورت مشاعر القلق الكونغرس حيال تراخي مصر تجاه الانفاق, بحيث ادخل الكونغرس مادة تشترط دفع 100 مليون دولار تقريبا, مساعدة امريكية لمصر, للتصدي لهذه الانفاق التهريبية. \r\n \r\n اما بالنسبة للقاهرة, فكان هذا الضغط الامريكي نعمة مقنّعة. فالحكومة المصرية تقدم الكثير من الكلام المتملق حيال الازمة الانسانية التي تمر بها غزة, بينما هي قلقة جدا, في السر, من الطبيعة الجهادية لحكم حماس لغزة, وقد استعرت هذه المشاعر من الانشطة السياسية والاجتماعية التي قام بها الاسلاميون مؤخرا في مصر. \r\n \r\n وفي نهاية المطاف, فان حدود غزة هي قبل كل شيء اخر قضية تتعلق بالامن القومي المصري. وهكذا, وعلى الرغم من التشابه الواضح الذي يستخلص, بين الجدارين الاسرائيلي والمصري, الا انه ليست لدى القاهرة بدائل كثيرة, وليس امامها الا المضي قدما في بناء جدارها الخاص. وكما تعلمت اسرائيل في وقت سابق, فان السياج الجيد يخلق جيرة طيبة, خاصة عندما يكون الجار عدوا. \r\n