فمصر هي الدولة الوحيدة, حاليا, التي تتحدث الى كل من دولة اسرائيل والحكام الاسلاميين المجاهدين في غزة, عن الصراع. وبطبيعة الحال, فان افاق وقوع المزيد من الاضطراب على عتبة اكبر دولة عربية, يوفر لها احساسا جديدا بالالحاح على ضرورة تحقيق وقف النار. \r\n \r\n وفي الوقت ذاته, فان المسار المتفجر للتصعيد بين الطرفين في الشهر الماضي, الذي قتل فيه الجيش الاسرائيلي اكثر من 100 من سكان غزة, في غضون خمسة ايام فقط, بينما وسع المجاهدون نيران صواريخهم لتصل الى مدينة اسرائيلية كبيرة, انما يعزز التعاطف في العالم العربي مع التنظيمات المعادية للغرب, مثل حماس, ورعاتها في سورية وايران. \r\n \r\n يقول نبيل عبدالفتاح, نائب مدير »مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية« في القاهرة, في هذا الخصوص, »تلعب ايران بعدة اوراق وهي تحاول حشد العالم العربي خلفها. فتأييدها للمطالب الاسلامية في القدس... ولعلاقاتها مع حماس والجهاد الاسلامي في غزة, في حين تحاول مصر الحد من هذا النفوذ الايراني. »وتعتبر هذه المفاوضات امرا هاما بالنسبة للامن القومي المصري, وبالنسبة لالتزام مصر تجاه العالم العربي والشعب الفلسطيني. \r\n \r\n غير ان محللين ومسؤولين يبدون تحفظهم من واقع ان مصر ليست فقط ذات سجل فاشل في تحقيق وقف لاطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية, بل ان رافعتها ضعيفة ايضا في ان تداهن اعداء الداء وتقحم عليهم اتفاقا. \r\n \r\n يقول باسم الزبيدي, استاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية, »تعتبر مصر لاعبا هاما, لكنني لا ارى اليها عاملا حاسما مقررا, قادرة على تحقيق وقف دائم لاطلاق النار بين حماس واسرائيل. ذلك ان مصر لم تكن حتى قادرة على تحقيق سلام بين الفلسطينيين, وبين حماس وفتح فكيف تستطيع تحقيق سلام بين اسرئيل وحماس?« \r\n \r\n وفي الحقيقة, فان التوصل الى حل يتطلب فك »العقدة الغوردية« (المشكلة العويصة, للمصالح المتناقضة بين اسرائيل ومصر والحكومتين الفلسطينيتين المتنافستين - حكومة حماس في غزة, والسلطة الفلسطينية في رام الله, المدعومة من الغرب. \r\n \r\n ومع ذلك, فقد ادى اقتحام الغزيين لمعبر رفح (على الحدود بين مصر وغزة) في كانون الثاني المنصرم, الى ابراز مسألة تهديد الامن القومي المصري على النطاق المحلي, جراء استمرار عدم الاستقرار في الشريط الساحلي (قطاع غزة). وفي هذا الشأن, يقول نيكولاس بيلهام, احد كبار المحللين في »مجموعة متابعة الازمات الدولية, من مقره في القدس, »هذا ما خلق تغييرا واسعا وكبيرا. اذ لا يقدرون على تحمل انفجار سكاني اخر على اراضيهم. ولمصر, الان, اسهام مباشر, من منظور الامن القومي, في تحقيق وقف لاطلاق النار في غزة«. \r\n \r\n ويضيف بيلهام ويقول ان حلا طويل الاجل يتطلب توفير انفراج لدى الاسرائيليين من الهجمات الصاروخية, واستقرار لمصر على حدودها, ونوع من الاعتراف الدولي بالسلطة السياسية لحماس واشراف السلطة الفلسطينية على غزة. \r\n \r\n اما صائب عريقات, كبير المفاوضين الفلسطينيين, فقال مؤخرا ان هناك احتمالا بالتوصل الى »تهدئة مشتركة« مع اسرائيل. مضيفا بان ذلك لا يرقى الى مستوى الهدنة, التي تعتبر مسألة رسمية اكبر. غير ان التوصل الى اتفاق مشترك, ومؤقت, يعني »وقف النار«. \r\n \r\n وقال عريقات للصحافيين الاجانب في القدس, »يحاول الرئيس حسني مبارك التوصل الى تهدئة, كما يحاول المصريون ان يتبينوا ان كنا نستطيع التهدئة بضمانات« والضمانات تعني تثبيت تطمينات لا تجعل اية »تهدئة« عرضة للتقويض والانهيار بسهولة. \r\n \r\n من مطالب حماس ان توقف اسرائيل جميع اعمالها العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة, بما في ذلك اغتيال المستهدفين. اما المسؤولون في الجيش الاسرائيلي فاحجموا عن الموافقة على هكذا ترتيبات, لانهم يريدون الحرية في ملاحقة المقاتلين مطلقي الصواريخ من غزة. وقد اغتال العملاء السريون في الجيش الاسرائيلي اربعة من مسؤولي الجهاد الاسلامي في بيت لحم مؤخرا. \r\n \r\n ويقول غازي حمد, احد الناطقين باسم حماس في غزة, بان هذا هو العمل الذي على اسرائيل التوقف عنه كجزء من التهدئة. موضحا في مقابلة هاتفية اجريت معه, »لا اعتقد اننا بعيدون كثيرا عن التوصل الى تهدئة. لكن الامر يتوقف على موقف اسرائيل حاليا. وعلى الاسرائيليين القبول بوقف هذا العمل في الضفة الغربيةوغزة«. \r\n \r\n ومن المطالب الاخرى لحماس والسلطة الفلسطينية فتح المعابر الحدودية لغزة مع مصر واسرائيل, الامر الذي ينهي خنقا اقتصاديا مستمرا منذ تسعة اشهر, على سكان من 1.4 مليون نسمة في غزة, وتخفيف الضغط عن حكام غزة الحمساويين. لكن بينما يطالب الاسلاميون بوجود لهم على المعابر, الى جانب المسؤولين الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس, فان اسرائيل ترفض الاعتراف بأي شكل من الاشكال المظهرية لسيادة حماس. \r\n \r\n وحسب الصحافة الاسرائيلية, فان مباحثات »التهدئة« تجرى بإشراف رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان, الذي يعتبر ثاني اقوى مسؤول مصري بعد الرئيس مبارك. وكان محمود الزهار, احد قادة حماس المقترن اسمه بجناحها العسكري, قد وصل الى القاهرة اوائل شهر اذار الفائت. كما ان عاموس جلعاد, احد المسؤولين في وزارة الدفاع الاسرائيلية, زار القاهرة هو الاخر مؤخرا. \r\n \r\n وفي حين ينفي المسؤولون الاسرائيليون استعمال مصر كوسيط مع حماس, فإنهم صرحوا بأنهم بصدد وضع خطة لاغلاق باب تدفق الاسلحة بين غزة وسيناء, كشرط اساسي لاية تهدئة. \r\n \r\n وهذا ما قد يتطلب من اسرائيل التخلي عن موقفها الثابت المعروف بمعارضة السماح لمصر بتعزيز عدد قواتها وانتشارها على الحدود. \r\n \r\n وفي هذا الصدد, قال مارك ريجيف, المتحدث باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية, »هذه قضية اساسية. فان توفر وضع آمن في الجنوب, بينما تواصل تهريب صواريخ »غراد« الى غزة, فليس هذا بالحل, انه سراب«. \r\n