بيد أني كنت أرتكب الخطأ نفسه الذي كانت تقع فيه أفلام الرعب القديمة أن تترك الحرس الخاص بك لبرهة وفي تلك اللحظة تحديدا تدرك أن الأشخاص الموتى الذين يمشون هم مصاصو دماء ويتلصصون عليك. \r\n هذا هو ما حدث الاسبوع الماضي. ففيما كان تركيزنا منصبا على محاولة معرفة من هو رئيسنا القادم استغل الموالون للرئيس المنتهية ولايته عما قريب فرصة الانشغال الجماعي لعمل محاولة كي يخلفوا تركة شنيعة للشعب الأميركي: التعذيب \r\n هل تتذكرون الإيهام بالغرق أو الغمر بالمياه؟ في معظم صور الإيهام بالغرق توضع عصابة على أعين المعتقلين ثم يشد وثاقهم الى ألواح وبعد ذلك تصب المياه على افواههم وأنوفهم ويتم ذلك أحيانا باستخدام قماش أو سيلوفان ( لتقوية الشعور المتزامن بالاختناق أو الغرق) وكانت تلك هي طريقة الاستجواب المفضلة لدى محاكم التفتيش الأسبانية. وكانت المحاكم الأميركية قد أقرت أن ذلك الأسلوب نوع من التعذيب كما أن الحكومة الاميركية اعتبرته جريمة حرب. \r\n بيد ان ذلك لم يعد الحال على الاطلاق. ففيما كان معظمنا يتابع الأساليب ال 600 لحصر المندوبين في عملية الاقتراع كانت إدارة بوش منهمكة في اجراء حملة باسم \"الإيهام بالغرق\". \r\n وبدأ ذلك قبل حوالي أسبوع. في البداية قال مايكل موكاسي وزير العدل الاميركي للكونجرس أنه لا يمكن استجواب أي فرد عن \"أي فعل\" في إطار برنامج الاستجواب السري لوكالة الاستخبارات الأميركية وذلك لأن المستشار القانوني لمكتب وزارة العدل كان قد بارك مجموعة سرية من \"أي فعل\" \r\n ثم جاء الاعتراف العلني وللمرة الأولى من مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل هايدن أن \"أي فعل\" يشمل الإيهام بالغرق وهو الأسلوب الذي استخدم مع ثلاثة على الأقل من المشتبه فيهم المنتمين الى تنظيم القاعدة. \r\n فهل احمر وجه هايدن خجلا عند اعترافه ان وكالات الاستخبارات الاميركية لم تكن قادرة على الحصول على استخبارات جوهرية من خلال استخدام طرق أخرى بخلاف التعذيب؟ لا. وتوافقا مع مدير الاستخبارات الوطنية مايكل ماكونيل فقد اقترح هايدن ان أسلوب الإيهام بالغرق قد يكون مفيدا للاستخدام في المستقبل. \r\n ولم يكن موقف البيت الأبيض مختلفا. فقد دافع توني فراتو الناطق باسم البيت الأبيض عن شرعية الإيهام بالغرق وراح يؤكد على ان استخدام هذا الأسلوب في المستقبل سيتوقف على الملابسات والظروف. \r\n والأكثر من ذلك فقد أكد فاتو على أن الرئيس وليس الكونجرس هو الذي سيطلب ذلك حينها. كما ان ديك تشيني نائب الرئيس وصف عملية استجواب الأفراد الثلاثة المشتبه بهم بأنها كانت جيدة. إلى جانب قاضي المحكمة العليا أنتونين سكاليا المفضل لدى الإدارة الأميركية الذي قال خلال مقابلة إذاعية معه أنه سيكون من السخف التفكير في وضع أي قيود دستورية على ما يسمى بالتعذيب في الوقت الذي توجد تهديدات ارهابية محتملة. \r\n بيد ان محاولة العلاقات العامة في الإدارة الاميركية الدفاع عن الإيهام بالغرق لم تلق كثيرا من التأييد سواء على الصعيد الدولي او الداخلي. فأقرب حلفائنا وهم البريطانيون أعادوا امس الاول تأكيدهم على أنهم يعتبرون الإيهام بالغرق صورة من صور التعذيب الذي يحظره القانون الدولي. وهذا الرأي يشاركهم فيه مفوض حقوق الإنسان في الأممالمتحدة. وفي الداخل ادان المرشحان الديموقراطيان البارزان باراك أوباما وهيلاري كلينتون الإيهام بالغرق ووصفاه بأنه من أساليب التعذيب. وانضم اليهما في موقفهما المرشحان الجمهوريان البارزان أيضا جون ماكاين ومايك هوكابي. ففي حديث له في اكتوبر 2007 قال ماكاين أن الإيهام بالغرق ليس عسيرا على الفهم لأنه تعذيب. وفي ديسمبر 2007 أضاف هوكابي صوته الى صوت ماكاين وقال إن الإيهام بالغرق هو نوع من التعذيب والتعذيب يمثل انتهاكا للقانون الأخلاقي للأميركيين ويعرض أمن الولاياتالمتحدة للخطر. \r\n اما مجلس الشيوخ فقد انضم الى مجلس النواب عندما مرر تشريعا يحظر على السي آي إيه استخدام الإيهام بالغرق او أي اسلوب استجواب قاس مماثل. \r\n إلا أن الرئيس بوش يقول أنه سيستخدم حق النقض ضد مشروع القانون. وهذا هو الشيء الذي لم أفهمه. فبوش ليس أمامه في منصبه سوى أقل من عام وشعبيته في أدنى مستوى فلماذا هذا الاصرار منه على أن يجعل مشاكله تتراكم بعضها فوق بعض ليدخل التاريخ على أنه اول رئيس يأمر بالتعذيب ويبرره علانية؟ فهل هذا حقا هو إرث بوش الذي يريد ان يتركه بعد ذهابه؟ \r\n ومهمة الرئيس القادم ديموقراطي او جمهوري واضحة. فبمجرد ان يتولى منصبه على رئيسنا القادم ان يئد هذا الوحش ويعلن بشكل واضح لا لبس فيه رفضه لأسلوب الإيهام بالغرق وجميع صور التعذيب. \r\n وذلك جزء يسير من مهام الرئيس القادم اما الجزء الاصعب فهو أن ينزع مخالب الايدي الباردة الميتة لإدارة بوش. \r\n \r\n روزا بروكس \r\n أستاذة بمركز القانون بجامعة جورج تاون \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب (الوطن)