\r\n \r\n فبعد وقت قصير من منتصف ليلة 8 نوفمبر اقتحم أربعة مسلحين منشأة بليندابا النووية التي تقع على بعد 18 ميلا من بريتوريا حيث يوجد في الموقع مئات الكيلوجرامات من اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لصنع أسلحة نووية. ووفقا لما ذكرته شركة الطاقة النووية في جنوب افريقيا وهي شركة مملوكة للدولة تتولى ادارة منشأة بليندابا فقد استطاع المسلحون الأربعة مستخدمين تقنية فنية متطورة اختراق عدة مستويات أمنية بما في ذلك سياج كهربي بقوة 10 آلاف فولت الامر الذي يوحي بوجود صلة لهم مع بعض المطلعين على الامور في النظام الأمني. وعلى الرغم من ظهور صورهم على شاشات اجهزة المراقبة بيد أن أحدا من ضباط الامن لم يكتشفهم لأن أي منهم لم يكن يتابع شاشات المراقبة في ذلك الوقت. \r\n وأمضى المسلحون الاربعة 45 دقيقة دون أن يكتشف احد وجودهم داخل واحدة من اهم المنشآت الوطنية وأكثرها حماية في جنوب افريقيا. وكما تصفها حكومة جنوب افريقيا أنها مكان من الأهمية بمكان أن تعرضه لاي خسائر او ضرر او تعطيل قد يضر بالدولة بأكملها. \r\n وفي نهاية الأمر اقتحم المسلحون مركز الطوارئ وقاموا بسرقة حاسوب ( إلا أنهم تركوه وراءهم في النهاية) ودخلوا حجرة السيطرة التي يتم التحكم فيها بطريقة الكترونية وقاموا باطلاق النار على ضابط خدمة الطوارئ انتون جيربر الذي كان قد انهى دوامه. وفيما بعد اوضح جيربر انه كان متواجدا لشعوره أن خطيبته التي تعمل كمشرف في الموقع لم تكن بخير. وعلى الرغم من تعرضه لإصابة خطيرة إلا أنه استطاع ان يضغط جرس الانذار حيث بدأت صفارات الإنذار وأضواء التنبيه تعمل في قسم الشرطة الذي لا يبعد عن الموقع سوى بضعة اميال قليلة. وعلى الرغم من ذلك فقد تمكن المسلحون من الفرار وتركوا المنشأة بالطريقة نفسها التي اقتحموها بها. \r\n والمثير للدهشة انه في الوقت الذي اقتحم فيه الأشخاص الأربعة المنشأة من الجهة الشرقية أخفقت مجموعة أخرى منفصلة في محاولة الاقتحام من الجهة الغربية. ويوحي تزامن التوقيت ان الهجومين قد تم التنسيق بينهما لاقتحام المنشأة التي تحتوي على مواد تكفي لصنع ما يقارب 25 قنبلة نووية. وفي 16 نوفمبر ألقت الشرطة المحلية هناك القبض على ثلاثة من المشتبه بهم تترواح اعمارهم ما بين 17 و 28 فيما يتصل بالحادث. \r\n وعقب محاولة الاقتحام الناجحة أوقفت شركة الطاقة النووي في جنوب افريقيا ستة من أفراد الامن بمن فيهم المدير العام للأمن ووعدت باجراء تحقيق داخلي لتحديد المسئولين ومعرفة أوجه الإهمال والتحسينات اللازمة للأنظمة الأمنية. ومن الجدير بالذكر أن أمن منشأة بليندابا قد تم تطويره بعد محاولة اقتحام وقعت قبل عامين (وألقي القبض على احد الأشخاص بعد فترة وجيزة من اختراق السياج الأمني) \r\n وما يزال من غير الواضح السبب وراء محاولة المجموعتين المسلحتين اقتحام المنشأة النووية. والشئ الأكثر اهمية على اية حال انه لو أن المهاجمين المسلحين كانوا قد نجحوا في اختراق حجرة تخزين اليورانيوم التي يعتقد انها تضم مواد تصنيع الأسلحة النووية لأمكنهم صنع اول قنبلة ارهابية في العالم. \r\n وكما يكشف الحادث فالارهاب النووي هو قضية عالمية تذهب الى ما هو ابعد من النقاط التي تدور حولها محادثات التنسيق بين الولاياتالمتحدة وروسيا حول المخزون من الاسلحة النووية أو امن الترسانة النووية في باكستان في مواجهة التهديدات من المتشددين الاسلاميين وكذا القلق من تملك ايران لقدرات نووية يمكن أن تقدمها الى منظمات ارهابية تتعاطف معها \r\n في الواقع فالمكونات الأساسية لتصنيع السلاح النووي موجودة لدى أكثر من 40 دولة في منشآت تتباين فيها الأنظمة الأمنية. ومن أسف فلا يوجد حتى الآن معايير دولية ملزمة بشأن كيفية تأمين الأسلحة النووية والمواد النووية التي يمكن استخدامها في صنع أسلحة. وفي ظل غياب قيادة سياسية من القوى النووية في العالم لتطوير معايير أمن نوي فاعلة والاتفاق عليها وتطبيقها قد يصبح الهجوم الذي تعرضت له منشأة جنوب افريقيا أمرا شائعا. \r\n \r\n ميكا زينكو \r\n باحث مشارك في مشروع ادارة الذرة التابع لمركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية بجامعة هارفارد \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن) \r\n