\r\n وقد كتب وارن بافيت، ثاني أغنى رجل في اميركا، مقالة مؤخراً ذكر فيها أن معدل نسبة الضريبة على دخله كان 17.7 بالمائة فقط، في الوقت الذي دفعت فيه سكرتيرته 30 بالمائة على دخلها! وأثناء الحملة الانتخابية لعام 2004، تم الكشف عن أن متوسط نسبة الضريبة لجون كيري (أغنى رجل ترشح للرئاسة في التاريخ الأميركي) وزوجته كان 12 بالمائة فقط، وهي نسبة أقل بكثير مما يدفعه معظم الأميركيين من الطبقة الوسطى! \r\n إن العديد من الساسة اليساريين واتباعهم في الإعلام مشغولون في التشدق بأن على الأغنياء أن يدفعوا أكثر. ولكن عندما تدقق في اقتراحاتهم المتعلقة بزيادة الضريبة على الأغنياء، تجدها على الدوام تتضمن زيادة الضرائب بشكل كبير على أولئك الذين يحاولون أن يصبحوا أغنياء، لكنها بالكاد تطال الأغنياء أنفسهم، مثل عائلة كيندي أو عائلة كيري. ولاختبار حسن النية في أي اقتراح برفع الضرائب على الأغنياء، فأنا أستعمل مثال كيري، إذ أعود إليه وأنظر إلى ما دفعه لأرى إن كان لذلك أثر عليه وعلى زوجته (لاحظ أن أعلى 1 بالمائة من أصحاب المداخيل يدفعون 37 بالمائة من المجموع الكلي لضريبة الدخل). \r\n إن الجدل السياسي حول وضع سياسة ضريبية تساعد على النمو الاقتصادي، بدل إعادة توزيع الضريبة، جدل بسيط. فاستطلاعات الرأي العام خلال العقود القليلة الماضية تبين، وبشكل ثابت، أن أكثر الأميركيين يعتقدون أن لا أحد يجب أن يدفع أكثر من 25 بالمائة من دخله للحكومة. \r\n وأسباب هذا أن أكثر الأميركيين يعتقدون أنه من غير العدل أن تأخذ الحكومة أكثر من ربع دخل أي فرد، وهناك كثير من الأميركيين من غير الأغنياء ممن يعتقدون بأنه من الممكن لهم أن يصبحوا أغنياء ذات يوم (وذلك بالعمل لحسابهم، أو بتحقيق النجاح في مجال الترفيه أو الرياضة، أو حتى الفوز باليانصيب! وأكثر الأميركيين (بخلاف العديد من الأوروبيين) لا يستاءون من الأغنياء؛ بل يعجبون بهم ويريدون أن يكونوا مثلهم. لذلك، يميل المرشحون الذين يطالبون بالنمو الاقتصادي إلى تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات من أولئك الذين يطالبون بإعادة التوزيع. \r\n إذا كنت مستشاراً لمرشح جمهوري، يجب عليك أن تلاحظ أن أكثر الناخبين في قاعدة الجمهوريين لا يهتمون بفرض ضريبة أعلى على الأغنياء؛ بل بتخفيض الضرائب التي يدفعونها هم أنفسهم وإلى كبح جماح الصلاحيات الاستبدادية لدائرة ضريبة الدخل. وفي الانتخابات العامة، قد يصوت البعض لصالح مرشح أو مرشحة لأنهم يعِدونهم بجعل الأغنياء يدفعون أكثر، لكن من المؤكد تقريباً أن مثل هؤلاء الناخبين سيصوتون لصالح مرشح ديمقراطي على أية حال. ومن غير المحتمل لمرشح جمهوري أن يكسب الأصوات بلعب لعبة صراع الطبقات، لأن هذا سيقوض قاعدته بالتأكيد. \r\n إن الجدل الاقتصادي لصالح عدم رفع نسب الضريبة على الأغنياء أكثر إلحاحاً، لأن نسب الضريبة العالية يمكنها تحطيم فرص خلق الثروة، وبنفس الوقت، فهي لن تضمن أن الأغنياء سيدفعون أكثر. فإحدى الميزات لكونك غنياً جداً أنك تتمتع بخيارات في الطريقة التي تستلم فيها دخلك، ومن أين تكسبه، وأي جزء منه يخضع للضريبة. والعديد من السويديين والفرنسيين الأغنياء هاجروا من بلدانهم الأصلية تهرباً من دفع الضريبة. عندما يهاجر الغني، فإن حكومته تحصل على لا شيء. وعندما يظن الناس أن معدلات الضريبة عالية جداً، فانهم يميلون إلى تفضيل الراحة على العمل، والاستهلاك على التوفير والاستثمار، وهذا بدوره سيؤدي إلى أن تصبح عوائد الحكومة أقل. \r\n لقد حاول الاقتصاديون حساب نسبة الضريبة المثلى لكل شريحة دخل. وإذا كنت ممن يعتقدون أن الأغنياء يجب أن يدفعوا جزءاً أكبر من دخلهم من ذلك الذي يدفعه الفقراء، فأنت ستواجه مشكلة: فعندما تزيد نسبة الضريبة، فإن الحوافز للبحث عن طرق قانونية، أو غير قانونية، لتفاديها تنمو معها؛ وكلما زاد غنى الشخص، أصبح من الأسهل عليه أن يتجنب الضريبة. لذلك، إذا كان هدف الحكومة على المدى الطويل هو زيادة الدخل المتأتي من الضريبة، يجب عليها احتساب نسب منخفضة على ذوي الدخل المنخفض ونسب أعلى على الطبقة المتوسطة، ثم العودة لنسب أقل على الطبقة الغنية جداً. \r\n السبب في هذا أن فرض مستوى ضريبة أعلى على الأغنياء سيدفعهم إما إلى التوقف عن التوفير أو إلى نقل مدخراتهم من شريحة الضريبة العالية. والتوفير بما ينتجه من أثر على الاستثمار هو ما يسميه الاقتصاديون بالتشكيل الرأسمالي، والتشكيل الرأسمالي الأكبر يمكن ترجمته إلى وظائف أكثر ورواتب أعلى. وهكذا، إذا فرض بلد ما نسب ضريبةٍ عالية جداً على الأغنياء، يصبح نموه الاقتصادي أبطأ. \r\n وسياسياً، فإنه من غير المقبول أن تكون نسبة الضريبة على ذوي الدخول المتوسطة أعلى من تلك المفروضة على الأغنياء جداً بشكل واضح، لكن فرض نسبة ضرائب عالية جداً على الأغنياء له أثر مدمر. \r\n إن المخرج الوحيد من المعضلة هو التحول إلى نسبة متوسطة ثابتة أو نظام ضريبي مربوط بالاستهلاك، تحكمه ضوابط باستثناءات أو خصميات لذوي الدخل المنخفض. ومرشحو الرئاسة الذين يتمتعون بالحكمة سيقترحون سياسات كهذه، أما أنصاف الآلهة فلن يفعلوا ذلك. \r\n ريتشارد دبليو. ران* \r\n * خبير اقتصادي في معهد كيتو في واشنطن العاصمة. هذا المقال برعاية (مصباح الحرية)، www.misbahalhurriyya.org