بعد أول يوم تنسيق مرحلة أولى.. توجيه عاجل من رئيس جامعة عين شمس لقطاع التعليم    رئيس الوزراء يتابع مع رئيس "اقتصادية قناة السويس" ملفات العمل    رئيس الوزراء: مستعدون لوضع حوافز خارج الصندوق لتوطين صناعة السيارات الكهربائية    مسؤولون بريطانيون: ستارمر يقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية    نادي الأهلي يعلن التعاقد مع مدرب جديد لكرة الطائرة    الدفع ب9 سيارات إسعاف وإطفاء.. حريق بأحد العقارات في مصر الجديدة    انتهاء أزمة كسر خط المياه الرئيسي بالدقهلية.. وضخ المياه يعود تدريجيًا (صور)    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    مدحت صالح مفاجأة أشرف عبد الباقي في "سوكسيه" بالساحل الشمالي    إكسترا نيوز ترصد تفاصيل وصول مساعدات مصرية إلى غزة ضمن قافلة "زاد العزة"    الأردن: الكارثة في غزة وصلت لوضع لا يمكن وصفه    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    إم جي تطلق سيارتها IM5 سيدان الكهربائية رسميًا في الأسواق.. صور وتفاصيل    سفيرة الاتحاد الأوروبى: مصر ركيزة الاستقرار الإقليمى وندعم جهودها لوقف حرب غزة    تعليمات حاسمة لرؤساء لجان امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية بالفيوم    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو ادعاء الإصابة لتحصيل مبالغ مالية بالإسكندرية    الكهرباء: تشغيل الكابل الثاني بمحطة جزيرة الدهب وتقدم في التغذية البديلة.. فيديو    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    نادية مصطفى ومنصور هندى في انتخابات التجديد النصفى لنقابة الموسيقيين    «الأعلى للثقافة» يُعلن الفائزين بجوائز الدولة التقديرية لعام 2025 (الأسماء)    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    أحمد التهامي يكشف كواليس العمل مع عادل إمام ويشاركنا رحلته الفنية|خاص    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    أمين الفتوى: الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة.. وهناك نجاسات مغلظة وأخرى مخففة ولكل منها أحكامه    كيف أعرف أن الله يحبني؟.. عالم أزهري يجيب    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة وشركة روش مصر لتطوير رعاية مرضى التصلب المتعدد    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    تحرير (144) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    بعد هجوم الجماهير.. زيزو يوجه رسالة ل المشجع الذي أهدى له «بورتريه بصورته»    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و51 ألفا و300 فرد منذ بداية الحرب    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    بايرن ميونخ يجدد عقد لاعب الفريق لمدة موسم    بالصور.. اندلاع حريق بمخلفات الأشجار على طريق البراجيل    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البوري ب130 جنيها    نتنياهو يقترح خطة عمل جديدة لغزة.. ماذا تتضمن؟    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    خالد الغندور يكشف مفاجأة سارة بشأن بطولة دوري أبطال أفريقيا    فينيسيوس يصدم ريال مدريد بشرطه للتجديد    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمعات الشرق الاوسط مهددة بالهرم
نشر في التغيير يوم 30 - 06 - 2004


\r\n
اضف لذلك ان الشعوب التي ستوغل في العمر اسرع من غيرها ستكون في الشرق الأوسط وغيرها من المناطق المتأخرة في التطور وحتى افريقيا جنوب الصحراء يتوقع لها ان تصبح اكثر هرماً من أوروبا اليوم.
\r\n
\r\n
السبب الأساسي لهذه التحولات هو تراجع معدل الولادة فمعدل مرات الحمل هو اليوم نصف ما كان عليه عام 1972 ولم تبق هناك اية دولة صناعية حالياً تتكاثر بما يكفي لاستدامة تعدادها السكاني مع الوقت، او لمنع شيخوخة سريعة لسكانها. ألمانيا يمكن بكل سهولة ان تخسر ما يعادل حجم سكان ما كان، ألمانيا الشرقية سابقاً خلال نصف قرن من الآن. الروس يتناقصون بالفعل حالياً بمعدل ثلاثة ارباع المليون نسمة سنوياً، اما عدد سكان اليابان فيتوقع ان يبلغ ذروته اوائل عام 2005 قبل ان يبدأ بالتناقص بمعدل ثلث مليون نسمة في السنوات الخمسين المقبلة، وهو تناقص يعادل حسب ما ذكره الخبير السكاني هيديو ايب
\r\n
\r\n
ذلك التراجع في اعداد السكان الذي شهدته اوروبا في الطاعون.
\r\n
وعلى الرغم من ان هناك عوامل عديدة تتدخل في هذا التحول، فإن التغير في اقتصاديات الحياة العائلية هو العامل الرئيسي في تقليص اعداد مرات الإنجاب، ففي كل الدول، غنية وفقيرة، وفي ظل كل اشكال الحكم، مع تزايد اعداد السكان التي تنتقل الى المدن التي لا يمثل الابناء فيها اي عائد اقتصادي للعائلة، او عائداً صغيراً فحسب، ومع امتلاك النساء للفرص الاقتصادية والسيطرة على الانجاب، في مقابل ذلك أصبحت تكاليف تربية الأطفال تتزايد.
\r\n
\r\n
احصائيات وزارة الزراعة الأميركية تقول ان تكلفة تربية طفل يولد اليوم من الطبقة المتوسطة وحتى يبلغ سن 18 عاماً تبلغ 200 ألف دولار كتكلفة مباشرة وبدون احتساب المدرسة الثانوية كما ان التكلفة غير المباشرة على شكل اجور مبددة قد تفوق مليون دولار بكل بساطة، حتى بالنسبة للعائلات ذات القوة الربحية المتوسطة وبالتوازي مع ذلك، رغم ان برامج الضمان الاجتماعي والتقاعد تعتمد بشكل جوهري على رأس المال البشري الذي توفره العائلات المنجبة، فإنها تقدم للآباء والأمهات الفوائد ذاتها، وأحياناً اقل، التي توفرها لأولئك الذين اختاروا تجنب عبء الانجاب وبناء أسرة.
\r\n
\r\n
العالم النامي اليوم، وهو يتحول اكثر نحو الحياة في المدن والتصنيع، يشهد هذا التحول السكاني نفسه، ولكن بإيقاع اسرع اليوم حين يفكر الاميركيون بالمكسيك على سبيل المثال، تخطر في اذهانهم صور الشباب اليائسين العاطلين عن العمل وهم يعبرون نهر ريوغراند سباحة وينسلون عبر السياج على الحدود ومع ذلك، بسبب التراجع الشديد لمعدلات الخصوبة في المكسيك.
\r\n
فإن البلد يهرم الآن بسرعة تبلغ 5 أضعاف سرعة هرم التعداد السكاني في الولايات المتحدة لقد استغرق الامر 50 عاماً حتى ارتفع معدل منتصف العمر في الولايات المتحدة 5 سنوات فقط من 30 الى 35 لكن بين عامي 2000 و2050 سيرتفع معدل منتصف العمر في المكسيك تبعاً لأرقام الأمم المتحدة 20 عاماً مما سيجعل اكثر من نصف السكان فوق 42 عاماً من العمر اما
\r\n
\r\n
في الولايات المتحدة فإن نصف السكان سيكونون عام 2050 في عمر 39ر7 سنة.
\r\n
تلك الصور التلفزيونية التي نشاهدها للشبان اليائسين في الشرق الاوسط هي صور مضللة ايضاً فمعدل الخصوبة في الشرق الاوسط ينخفض بسرعة اكبر من اي منطقة اخرى في العالم ونتيجة لهذا فإن سكان المنطقة يهرمون بسرعة غير مسبوقة من قبل على سبيل المثال، سيرتفع معدل منتصف العمر في الجزائر اواسط القرن الحالي من 21ر7 سنة الآن الى 40 سنة وفقاً لتوقعات الامم المتحدة كما انخفضت معدلات الخصوبة في ايران بعد الثورة بحوالي الثلثين وبالتالي يتوقع ان يكون فيها مواطنون ممن هم فوق الستين اكثر مما فيها من اطفال بحلول عام 2030 .
\r\n
\r\n
وفيما يحصل اليابانيون والفرنسيون على الفرصة ليصبحوا اثرياء قبل ان يهرموا فإن سكان معظم الدول النامية يهرمون قبل ان يثروا، نسبة الخصوبة المنخفضة في الصين تعني ان قوة العمل الصينية ستبدأ بالتقلص بحلول عام 2020 ويتوقع ان يصبح 30 في المئة من الصينيين فوق 60 في العمر اواسط القرن الحالي وما هو اكثر اثارة للقلق، حقيقة ان نظام الضمان الاجتماعي الصيني الذي لا يغطي الآن سوى جزء يسير من السكان.
\r\n
قد اصبح مدنياً يفوق 145 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي وما يزيد الواقع الديمغرافي سوءاً، هو انتشار التقنيات المستخدمة في تحديد جنس المواليد في الهند وغيرها مما يخل بالتوازن بين الاناث والذكور نتيجة زيادة نسب الاجهاض للإناث مقارنة بالذكور في الصين اصبحت نسبة الذكور للإناث 117 مقابل 100 وهو يعني ان واحداً من كل ذكر اليوم لن تتاح له فرصة الانجاب.
\r\n
\r\n
وفوق كل هذا، فإن 59 بلداً تمثل مجتمعة 44 في المئة من تعداد البشرية لا تنجب من المواليد ما يكفي لتجنب الانخفاض في تعدادها السكاني، وهذه الظاهرة تواصل الانتشار وتبعاً لأرقام الأمم المتحدة فإن معدل الخصوبة العالمي في عام 2045 سيكون قد انخفض وانتهى عن المعدل المطلوب لاستدامة اعداد السكان.
\r\n
ما الذي سيكون لهذه التحولات من اثر على الاقتصاد وتوازن القوى العالمية؟ لنفكر اولاً في الاحتمالات الايجابية ان انخفاض النمو السكاني له فوائد عديدة تحقق بعضها بالفعل فالعديد من الاقتصاديين يعتقدون ان انخفاض الولادات في اليابان، على سبيل المثال، هو الذي افسح المجال امام تحقق الازدهار الاقتصادي الذي شهدته وتبعتها فيه عدة دول آسيوية في الستينيات فمع التراجع النسبي في اعداد الاطفال تراجع كذلك عبء تربيتهم وبالتالي تحرر المزيد من الموارد التي توجهت نحو الاستهلاك والاستثمار.
\r\n
\r\n
وفي شرق آسيا في عدد السكان ممن هم في سن العمل بسرعة قاربت اربعة اضعاف سرعة نمو السكان المعولين بين 1965 و1990، مما ضخ بحجم كبير من عمالة المرأة وغيرها من الموارد الاجتماعية التي كانت مخصصة في السابق لتربية الاولاد كما ان التحول السريع نحو التصنيع في الصين اليوم يساعده تراجع كبير في اعداد الاطفال المعولين.
\r\n
الشرق الاوسط يمكن ان يستفيد ايضاً على مدى العقد المقبل من «الفوائد الديمغرافية» فقد هبطت اعداد الولادات في كل دولة من دول الشرق الاوسط بلا استثناء في التسعينيات، وغالباً كان الهبوط شديداً وارتفاع منتصف العمر الناتج عن ذلك سيقلص نسبة الاعالة على مدى 10 الى 20 سنة مقبلة وسيمرر بالتالي المزيد من الموارد للبنى التحتية والتنمية الصناعية كما ان جاذبية الراديكالية قد تنخفض ايضاً مع تقلص نسبة الفئة الاصغر عمراً من البالغين في مجتمعات الشرق الاوسط التي ستصبح اكثر ميلاً نحو السكان ممن هم في اواسط العمر المهتمون بقضايا عملية مثل الرعاية الصحية ومدخراتهم التقاعدية.
\r\n
لكن مع ان تراجع الخصوبة يأتي معه في البداية بفوائد ديمغرافية، فإنه لابد من تسديد فاتورة هذه الفوائد لاحقاً اذا ما تواصل هذا التحول، اذ رغم حقيقة ان وجود عدد اقل من الاطفال لتغذيتهم واكسائهم وتعليمهم سيترك المزيد من الموارد للبالغين ليستمتعوا بها سريعاً، فإن نسبة الخصوبة اذا ما انخفضت عن الحد المطلوب لاستدامة التعداد السكاني (الاستبدال) فإن عدد العاملين المنتجين سينخفض ايضاً بالنتيجة ويزداد عدد المعولين من كبار السن.
\r\n
\r\n
وهؤلاء المواطنون في سن الشيخوخة يستهلكون اكثر مما يفعل الاطفال فحتى مع تضمين تكاليف الدراسة فإن الطفل في الولايات المتحدة على سبيل المثال يستهلك اقل بنسبة 28 في المئة من البالغ العامل، فيما يستهلك العجوز 27 في المئة واكثر، وخصوصاً فيما يتعلق بالنفقات الصحية.
\r\n
نتيجة لهذا الاختلال في التوازن حالما يبدأ الهرم السكاني بانتاج مزيد من العجائز اكثر من العاملين فإنه يبدأ بالتسبب بضغوط شديدة على الموازنات الحكومية في المانيا على سبيل المثال، يتوقع للانفاق الحكومي على المعاشات التقاعدية، حتى بعد احتساب التقليصات المستقبلية التي ينص عليها قانون حالي، يتوقع له ان يتضخم من مستوى هائل اصلاً يبلغ 10ر3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الى 15ر4 في المئة بحلول عام 2040 في مقابل تناقص نسبة العمالة المتوفرة لدعم المتقاعدين من 2ر6 الى 1ر4 عامل لكل متقاعد خلال هذه الفترة وفي غضون ذلك يتوقع ان ترتفع تكلفة الرعاية الصحية للمتقاعدين من 3ر8 في المئة حالياً الى 8ر4 في المئة من الناتج الاجمالي المحلي عام 2040.
\r\n
\r\n
هرم التعداد السكاني ايضاً يسبب الركود في نمو عائدات الحكومات فالنمو السكاني مصدر رئيسي للنمو الاقتصادي: مزيد من الناس يوجدون طلباً اكبر على الانتاج المراد تسويقه وعرضاً اكبر للعمالة المراد شراؤها طبعاً قد يستطيع الاقتصاديون ايجاد نموذج نظري للنمو الاقتصادي وسط تراجع سكاني لكن هذا لم يسبق ان حدث في العالم الواقعي. ان الناتج الاجمالي المحلي لأي دولة هو حرفياً عدد قوة العمالة فيها مضروباً بمعدل انتاج العامل وبالتالي فإن انخفاضاً في اعداد العمالة يعني ضمنياً انخفاضاً في امكانيات النمو الاقتصادي.
\r\n
\r\n
وحين انخفاض قوة العمالة فإن الطريقة الوحيدة لمواصلة النمو الاقتصادي هي زيادة معدل انتاجية العامل لتعويض الفاقد كما ان هذه الزيادة يجب ان تكون ذات شأن لتحييد اثر الهرم. ايطاليا، على سبيل المثال، تتوقع ان تنخفض القوة العاملة فيها 41 في المئة بحلول 2050 مما يعني ان انتاجية العامل يجب ان تزداد بالمعدل نفسه على اقل تقدير لمنع معدل نمو الاقتصاد الايطالي من الهبوط الى ما تحت الصفر في المئة.
\r\n
ومع تقلص عرض العمالة فإن مستقبل النمو الاقتصادي في اوروبا سيعتمد بالتالي بشكل مطلق على الحصول على المزيد مما يتبقى لديها من عمالة (والعديد منهم غير ذوي خبرة ومهاجرون وصلوا حديثاً إليها) في الوقت الذي تفرض عليهم المزيد والمزيد من الضرائب لسداد معاشات المتقاعدين العجائز والرعاية الصحية لهم.
\r\n
بعض علماء الاحياء يتفكرون في كون البشر المعاصرين قد اوجدوا بيئة اصبح فيها «الاكثر لياقة» او الاكثر نجاحاً من الافراد هم اولئك الذين ينجبون اقل، هذا ان انجبوا على الاطلاق فمع تزايد الناس الذين يجدون انفسهم يعيشون في المدن في ظروف لم يعد فيها الابناء يوفرون فوائد اقتصادية لآبائهم، بل يمثلون عقبات مكلفة امام نجاحهم المادي، فإن الناس الاقدر على التكيف مع هذه البيئة الجديدة سيكونون ميالين لعدم التكاثر كما ان الكثيرين من الاقل نجاحاً منهم سيقلدونهم.
\r\n
اذن من اين سيأتي الاطفال في المستقبل؟ ربما يكون الجواب انهم سيأتون من الناس غير المنسجمين مع هذه البيئة المعاصرة اما اولئك الذين لم يفهموا القواعد الجديدة للعبة التي تعتبر العائلات الكبيرة عبئاً اقتصادياً واجتماعياً او اولئك يرفضون هذه اللعبة جملة وتفصيلاً لدوافع دينية او شوفينية.
\r\n
\r\n
اليوم نجد علاقة كبيرة بين القناعة الدينية والخصوبة العالية ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يقول 47 في المئة من المترددين على الكنيسة بانتظام يقولون ان الحجم المثالي للعائلة هو ثلاثة او اربعة اطفال، مقارنة مع 27 في المئة فقط من اولئك الذين نادراً ما يذهبون للكنيسة وفي ولاية يوتاه التي ينضوي 69 في المئة من سكانها في الكنيسة اليسوعية لقديسي اليوم الآخر، تعتبر نسبة الخصوبة فيها الأعلى في الولايات المتحدة في يوتاه تبلغ نسبة الخصوبة 90 مولوداً لكل ألف امرأة في سن الحمل اما ولاية فيرمونت وهي الولاية الوحيدة التي انتخبت اشتراكياً لعضوية الكونغرس والاولى التي اعترفت بحقوق المثليين الجنسيين فتبلغ النسبة 49 .
\r\n
\r\n
فهل هذا يعني ان المستقبل هو لأولئك الذين يؤمنون بتكليف ديني لهم بالتكاثر؟ بالنظر للتحولات الحالية، فإن الجواب على ما يبدو هو نعم. في السابق كان الاختصاصيون بعلوم السكان يعتقدون ان هناك قانوناً ما من طبائع البشر سيمنع نسبة الخصوبة من ان تهبط الى ما تحت المعدل اللازم لاستدامة الاستبدال لكن من الواضح اليوم انه ليس هناك مثل هذا القانون الذي يضمن للمجتمعات التي تعيش في بيئات حرة ومتطورة ان تنتج ما يكفي من الموالي لاستدامة تعدادها معدل الولادات في اليابان انخفضت عن معدل الاستبدال منذ اواسط الخمسينيات وآخر مرة كان الاوروبيون يتوالدون بمعدل يكفي لاستدامة الاستبدال كان اواسط السبعينيات.
\r\n
وبطريقة أو بأخرى فإن التحولات الديمغرافية الراهنة تعمل بعكس مصلحة الحداثة واولئك الذين يرفضون هذه الحداثة على ما يبدو هم من سيتمتعون بالميزة التطورية سواء كانوا من المورمون التطهريين او من المسلمين او اي فئة اخرى محدثة قد تجد ان ارتفاع معدلات الولادة هو نقيض للمادية.
\r\n
\r\n
كيف يمكن للمجتمعات العلمانية ان تتغلب على مشكلة تراجع اعداد السكان؟ المشكلة هي ليست في الرغبة بالانجاب لأن معظم الاميركيين الذين لم ينجبوا يقولون انهم يودون لو انهم قد فعلوا والشيء نفسه ينطبق على الاوروبيين. المشكلة اذاً هي ان المجتمعات المعاصرة رغم زيادة الطلب فيها على الاستثمار في رأس المال البشري، فإن هذا الطلب يهدد العرض نفسه الذي يفترض ان يلبيه.
\r\n
في هذه الاقتصاديات يبقى الاطفال معالين من قبل عائلاتهم لأوقات اطول بشكل متزايد لأن فرص العمل تتطلب المزيد والمزيد من الخبرات التقنية والمؤهلات العلمية والنضج الشخصي وللسبب نفسه، الكثير من الازواج يكتشفون في الوقت الذي يصبحون فيه قادرين على الوفاء بمتطلبات تربية الاولاد انهم غير قادرين على انجاز اكثر من طفل او اثنين.
\r\n
وبالتوازي مع ذلك، حتى حينما تصبح المجتمعات الهرمة اكثر اعتماداً على رأس المال البشري الذي يوفره الاباء والامهات، يتعين على الآباء والامهات ان يكتفوا بحصص متناقصة باستمرار من اجل الاستثمار في ابنائهم. ان ارباب العمل يستفيدون من الخبرات التي يوفرها الآباء للأبناء وفي المقابل لا يوفرون للاباء تعويضاً عن ذلك.
\r\n
\r\n
الحكومات ايضاً يجب ان تريح الاباء من دفع تكاليف انظمة الضمان الصحي لأن هؤلاء بتربيتهم للابناء يكونون بالفعل قد ساهموا بشكل كبير في هذه الانظمة (على شكل رأس مال بشري) فالتكاليف التي يتحملونها من اجل ذلك على شكل تكاليف التربية واجور فاقدة تقدر بالملايين ومطالبة الآباء فوق ذلك بدفع الضرائب ليس جائراً فحسب بل غير حصيف بالنسبة لمجتمعات تستهلك من رأس المال البشري اكثر مما تنتج.
\r\n
\r\n
فورين افيرز
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.