«تشريعية النواب» تبدأ مناقشة تعديلات قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    جامعة المنيا تختتم مهرجان حصاد كلية التربية النوعية    النطق بالحكم في واقعة تعدي «إمام عاشور» بالسب على مشجع زملكاوي.. 19 يونيو    الصحة تنظم ورشة عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات أثناء عيد الأضحى    للطلاب.. 7 طرق مثبتة علميًا لتنشيط الذاكرة وزيادة التركيز    دبابات الاحتلال تعاود محاصرة مستشفى العودة في غزة.. والطواقم عاجزة عن التعامل مع الحرائق    إمام عاشور يغادر المستشفى.. تفاصيل الحالة الصحية للاعب    بدء اجتماع تشريعية النواب لمناقشة تعديل قانوني مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    مدير تعليم القليوبية يتفقد مركز توزيع أسئلة الدبلومات الفنية    محافظ قنا يُسلم جوازات السفر ل155 حاجًا من الجمعيات الأهلية باحتفالية كبرى    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp 23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    مشاركة مصرية في المعرض الدولي للمدارس سكول إكسبو 2025 بالرياض    «القابضة للصناعات الغذائية» تفتتح 21 شادرًا لبيع الأضاحي الحية بالمحافظات    إعلام الوزراء يستعرض بالفيديو تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع    جارناتشو يهاجم أموريم بعد خسارة الدوري الأوروبي    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    البيئة: مصر تلعب دورًا رياديًا لزيادة نسبة المحميات إلى 30% بحلول 2030    وزير الإسكان: مد سريان الحوافز والتيسيرات للمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة لمدة عام واحد    إنفوجراف| ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس في بداية التعاملات    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الجمعة 23 مايو    بسبب الخلافات الأسرية.. زوج يقتل زوجته بعصا خشبية في أوسيم    تحرير 534 مخالفة لقائدي الدراجات النارية غير الملتزمين بالخوذة    تعزيز الإجراءات الأمنية في السفارات الإسرائيلية حول العالم بعد هجوم واشنطن    للأسبوع الثاني.. هزات أرضية بدول عربية بعد زلزال في البحر المتوسط    نجوم الساحل يتذيل قائمة الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر    أول تعليق من «هبة مجدي» بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي    بعد حذف «بوست» الانفصال.. هل يعود أحمد السقا ومها الصغير؟    مصر ترحب بالتطور في موقف الأطراف الدولية إزاء الوضع في غزة    خلاف بين ترامب ورامازوفا حول قانون الأراضي بجنوب أفريقيا.. ما سر هذا القانون المثير للجدل؟    وزير الصحة يناقش آخر مستجدات ملفات التعاون المشترك مع ممثلي البنك الدولي    الزراعة: تحصين 4.5 مليون طائر في التربية المنزلية والحضانات منذ بداية 2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 22 - 5- 2025 أمام الجنيه    نصف نهائي بطولة أفريقيا لليد.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والترجي    امتحانات الثانوية العامة السنوات السابقة pdf.. امتحان الأحياء للصف الثالث الثانوي (أسئلة وأجوبة)    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ كروز مجهولة الهوية    مواعيد مباريات اليوم الخميس 22 مايو والقنوات الناقلة    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    رئيس الحكومة يعتذر ل أصحاب المعاشات| وتوجيه هام لهيئة التأمينات    نصائح لحماية المواطنين وقت حدوث الزلازل.. تعرف عليها    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    تحديد موعد مشاركة محمود جهاد في مباريات الزمالك    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمن الغطرسة.. ما الذي تتكبده إسرائيل من جراء الاحتلال ؟
نشر في التغيير يوم 10 - 05 - 2005


\r\n
قبل بداية الانتفاضة الأولى بقليل في أواخر عام 1987، سجلت إسرائيل نسبة كبيرة بلغت 1,6% وحدث ذلك بعد عامين من إقرار خطة الطوارئ الاقتصادية التي وضعت حداً للكساد وحالة الركود. لكن الانتفاضة الأولى أدت إلى إبطاء هذا النمو، وبعد عام واحد من عمر الانتفاضة انخفض هذا النمو إلى 6,3% ثم انخفض في العام التالي إلى 4,1%، وهي نسبة أقل من نسبة النمو السكاني، مما عكس انخفاضا في دخل الفرد.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن الهجرة الكثيفة من دول أوروبا الشرقية ساهمت في تخفيف الآثار الاقتصادية للانتفاضة الأولى. وخلال الفترة بين 1990-1995 سجل الاقتصاد الإسرائيلي نسبة نمو عالية نتيجة توقيع اتفاقات أوسلو واتفاق السلام مع الأردن. إلا أن النمو تباطأ من جديد عام 1996 وحتى الوقت الحالي، إما بسبب انخفاض مستويات الهجرة، أو بسبب سلسلة الهجمات التفجيرية الفلسطينية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 2000 وقبل اندلاع الانتفاضة الثانية كان النمو عالياً ووصل إلى 8% بسبب صناعة التكنولوجيا المتطورة التي حققت مكاسب كبيرة ناجمة عن بيع عدد من الشركات الإسرائيلية إلى مؤسسات أجنبية. وجاءت الانتفاضة الثانية مترافقة مع تدهور وضع شركات التكنولوجيا المتطورة، الناجم عن إغراق السوق العالمية بالمنتوجات التكنولوجية، لتضع حداً لهذا النمو، وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي انخفاضاً بنسبة 9,0% عام 2001 وبنسبة 7,0% عام 2002. وعاد النمو إلى الارتفاع في عام 2003 ولكن بنسبة متدنية بلغت 3,1% أي أدنى من نسبة النمو السكاني.
\r\n
\r\n
\r\n
وللإيجاز، يمكننا القول إنه منذ الانتفاضة الأولى، دفعت إسرائيل ثمناً اقتصاديا باهظاً لاستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية. أما هذا الثمن في الانتفاضة الثانية فكان مكلفاً بدرجة أكبر. وجاء في تقرير بنك إسرائيل المركزي لعام 2000 أن هذا الركود هو الأطول في تاريخ إسرائيل وأشار إلى الانتفاضة كسبب رئيسي لهذا الركود، ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل شهدت في الماضي ثلاث مراحل كساد مشابهة فقط من (19521953)، (19661967)، (19881989).
\r\n
\r\n
\r\n
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي في عام 2004 فقد بلغت خسارة الاقتصاد الإسرائيلي من الانتفاضة وتضخم سوق التكنولوجيا حوالي 6% إلى 8% أي ما يعادل 30-40 مليار شيكل. وكانت معظم الخسارة بسبب الانتفاضة، بينما قدرت الخسارة من جراء كساد التكنولوجيا بحوالي 3% فقط، أي حوالي 15 مليار شيكل. أما التقديرات التي أعطاها مركز معلومات التجارة الإسرائيلي فكانت أعلى من هذه الأرقام، إذ قال المركز إن الاقتصاد الإسرائيلي خسر حوالي 12 مليار دولار أي حوالي 54 مليار شيكل بسبب سنوات الانتفاضة الأربع.
\r\n
\r\n
\r\n
الثلاث العجاف
\r\n
\r\n
\r\n
ارتفعت نسبة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1987 إلى 6,4%، وفي العامين التاليين لسنوات الانتفاضة الأولى، كان تراجع هذه النسبة واضحاً وموازياً لنسبة الناتج القومي الإجمالي. وفي عام 1990، عندما زاد التعداد السكاني نتيجة لموجات الهجرة، ارتفع الناتج المحلي إلى 6,6% بينما ارتفع نصيب الفرد بنسبة 3,4% فقط، لأن الناتج وزع على عدد أكبر من السكان.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 1991، استمرت الزيادة في الناتج المحلي ولكنها قسمت على عدد أكبر من السكان مما أبقى هذا الناتج دون تغيير. بمعنى أن إسرائيل حينما حققت زيادة في الناتج القومي الإجمالي خلال التسعينات لم يتأثر مستوى دخل الفرد كثيراً، لأن الناتج القومي كان يقسم على عدد سكان كبير ناجم عن تدفق المهاجرين الجدد. وبحلول عام 1992، تجاوزت نسبة النمو الاقتصادي الزيادة السكانية. واستمر هذا الوضع حتى 1994/1995 وبعدها اتخذ النمو اتجاها معاكساً وانحدرت نسبة نصيب الفرد من الناتج المحلي.
\r\n
\r\n
\r\n
في حين كان عام 2000 عاماً استثنائياً، إذ حملت الانتفاضة الثانية معها ثلاث سنوات غير مسبوقة في تدني نصيب الفرد. ويقول الخبراء الاقتصاديون أنه لو لم تحدث الانتفاضة، لكان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أعلى من 1015%.
\r\n
\r\n
\r\n
أما مركز معلومات التجارة الإسرائيلي فأعطى نسبة أقل، وقال إن دخل الفرد السنوي الذي بلغ 700,16 دولار عند إجراء دراسته، كان يمكن أن يكون 500,18 دولار لو لم تحدث الانتفاضة، وبكلمات أخرى فإن الانتفاضة أدت إلى خسارة في دخل الفرد مقدراها 1800 دولار مما يعني انخفاضا كبيراً في مستوى المعيشة.
\r\n
\r\n
\r\n
تشير الإحصائيات المتوفرة عن فترتي الانتفاضتين إلى مراحل ثانوية زاد فيها الاستثمار المحلي الإجمالي بنسبة 9,10%. فبعد إتمام الانتفاضة سنتها الأولى في عام 1988، شهد الاستثمار تراجعاً حاداً، وبلغت نسبة هذا التراجع 2,2% في عام 1989. وفي العامين اللاحقين، 1990 و1991، شهد الاستثمار زيادة كبيرة بسبب زيادة الطلب على المساكن لآلاف المهاجرين الجدد. واستمرت هذه النسبة في الزيادة بمستوى أقل حتى عام 1996.
\r\n
\r\n
\r\n
ومنذ بداية عام 1997 بدأ تراجع هذا القطاع. وكان عام 1999 عاماً استثنائيا في زيادة الاستثمار. أما فترة الانتفاضة الثانية فأدت إلى تراجع حاد في الاستثمار وفي الاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام. وسجلت الأعوام الثلاثة التالية للانتفاضة، من عام 2001-2003، نسباً سلبية هي 1,5%، 7,13% و7,10% على التوالي.
\r\n
\r\n
\r\n
طوال تاريخها، وخاصة قبل توقيع إتفاقات أوسلو وإتفاق السلام مع الأردن، لم تكن إسرائيل تجتذب كثيراً من الإستثمار الخارجي المباشر وغير المباشر من خلال الإستثمار في الأسهم.
\r\n
\r\n
\r\n
وعليه، لم يكن للانتفاضة الأولى تأثير كبير على الاستثمار الخارجي في إسرائيل. إلا أن اتفاقات السلام غيرت الصورة، وأخذت إسرائيل تجني ثمار تدفق الاستثمار الخارجي. وقد بلغ هذا الاستثمار مستويات عالية في عام 1999 وعام 2000 بشكل خاص، ووصل إلى عشرة مليارات دولار.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن ترافق الانتفاضة الثانية مع التراجع الإقتصادي العالمي، أدى بمجمله، إلى إنخفاض كبير في الإستثمار الخارجي الذي وصل في عام 2002 إلى 5,2 مليار دولار.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد بدا الارتباط بين الانتفاضة الفلسطينية والنشاط الإقتصادي في إسرائيل أوضح ما يكون في قطاع السياحة وهو أدق مقياس لأي تغيرات في الوضع الأمني. فالانتفاضة الأولى أدت إلى تراجع عدد السياح خلال أربع سنوات متتالية من 5,1 مليون سائح في عام 1987 إلى 1,1 مليون سائح في عام 1991.
\r\n
\r\n
\r\n
واخذ عدد السياح يزداد مرة أخرى في عام 1992 في عهد حكومة رابين وواصل الزيادة في فترة إتفاقات أوسلو ووصل الذروة في عام 1995 ليصل إلى 5,2 مليون سائح. وعادت هذه الزيادة إلى التراجع في السنوات اللاحقة لاغتيال إسحق رابين وتجدد العمليات التفجيرية الفلسطينية. وارتفع هذا العدد مرة اخرى بعد انتخاب أيهود باراك في عام 1999.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي بداية الألفية الثالثة، وصل عدد السياح إلى 7,2مليون سائح. إلا أن الانتفاضة انفجرت في نهاية عام 2000، فانخفض عدد السياح من جديد إلى النصف ليصل إلى 2,1 مليون، ثم انخفض أكثر إلى 862 ألفاً في عام 2002. وأدى الانحسار في وتيرة الهجمات الفلسطينية في عام 2003 إلى اجتذاب مزيد من السياح، لكن عددهم لم يصل إلى أكثر من 40% من الرقم المسجل قبل بداية الانتفاضة الثانية.
\r\n
\r\n
\r\n
الركود الاقتصادي
\r\n
\r\n
\r\n
لقد انعكست سنوات المد والجزر في الاقتصاد الإسرائيلي خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين أيضاً على نسبة البطالة. فالانتفاضة الأولى، والخسارة المرافقة لها في الناتج المحلي، تركت بصماتها على البطالة التي زادت من 1,6% في عام 1987 إلى 4,6% في عام 1988، و9,8% في عام 1989.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي النصف الأول من عام 1989، بدأت الطلائع الأولى من المهاجرين من دول الإتحاد السوفييتي السابق في الوصول إلى إسرائيل، وتضاعف عددهم في السنة اللاحقة، مما أدى إلى الارتفاع في نسبة البطالة بسبب دخول مئات الآلاف منهم لسوق العمل.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن مستويات البطالة أخذت تتراجع من جديد في عام 1994 بسبب التوسع الاقتصادي، وبلغت البطالة أدنى نسبة لها في عام 1996 منذ بداية الانتفاضة الأولى. لكن ما لبثت أن عادت هذه النسبة إلى الارتفاع بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي ووصلت إلى 9% في عام 2000. وارتفعت هذه النسبة مع بداية الانتفاضة الثانية لتبلغ 7,10% في عام 2003.
\r\n
\r\n
\r\n
كما أدى الركود الاقتصادي الناجم عن تضخم سوق التكنولوجيا المتطورة العالمي والانتفاضة الثانية، إلى تراجع ناتج الضرائب. ففي عام 2000، شكلت عائدات الضرائب 2,31% من الناتج القومي المحلي. لكن هذه النسبة انخفضت إلى 9,28% في السنوات الأربع اللاحقة، وهي أدني نسبة في عشر سنوات.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الوقت الذي كانت فيه العائدات من الضرائب تتراجع، كان الإنفاق الحكومي، وبخاصة على الدفاع، في حالة ارتفاع. ونتيجة لذلك اضطرت الحكومة إلى زيادة عجز الموازنة.
\r\n
\r\n
\r\n
كما أدى العجز في الموازنة إلى زيادة في المديونية الوطنية، وفي هذه الحالة أيضاً، كانت الحكومة تقوم بجهود حثيثة طوال عقد كامل لتخفيض هذه المديونية والعمل بناءً على طريقة الإتحاد الأوروبي في إطار معاهدة ماسترخت أي مديونية لا تتعدى 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 2000، الذي انتهى باندلاع الانتفاضة الثانية، بلغ هذا الدين 88% من الناتج المحلي، فمنذ عام 1990 إلى 2000 وصل مقدار هذا الدين العام إلى 132% من الناتج المحلي. أما اعتباراً من 2003 والسنوات التالية، فإن هذا الدين قد زاد على 100%.
\r\n
\r\n
\r\n
إن الأرقام الواردة في ما تقدم تشير إلى أن إسرائيل قد دفعت ثمناً باهظاً منذ بداية الانتفاضة في عام 1987، جراء استمرار احتلالها للمناطق الفلسطينية وتمثل هذا الثمن في انخفاض دخل الفرد في الاستثمار المحلي والأجنبي وتراجع دخل السياحة وزيادة مستويات البطالة.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الوقت ذاته، شملت فترة الانتفاضة انفراجاً قصيراً وقعت إسرائيل خلاله اتفاقات سلام مع الفلسطينيين والأردن. وخلال ذلك الانفراج جنت إسرائيل مكاسب سياسية واقتصادية كثيرة. وهذه الفترة القصيرة تبين بشكل أكثر وضوحاً الثمن الذي تدفعه إسرائيل لهذا الاحتلال: فهي لا تفقد فقط القدرة على نمو اقتصادي ثابت، وإنما تفقد أيضاً قدرتها على استغلال الفرص الجديدة مثل تلك التي ظهرت في فترة الانفراج القصيرة عندما كانت رياح الدبلوماسية تهب على المنطقة.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد جاءت الانتفاضة الثانية في أعقاب ركود النشاط الاقتصادي في إسرائيل والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة. وخلال فترة قصيرة، انعكس هذا الركود في تراجع ضريبة الدخل إلى حد كبير. وبما أن ذلك قد ترافق مع الحاجة إلى زيادة المصروفات الدفاعية، فقد ارتفع كل من عجز الموازنة والدين الوطني في وقت واحد. وفي ظل هذا الوضع، تحركت الحكومة لتقليص الإنفاق. مما ترك آثاراً «سلبية» حادة على مظلة الضمان الاجتماعي والخدمات التعليمية والصحية، ونظام التقاعد. وبالنتيجة النهائية، فإن الانتفاضة الثانية أدت إلى تراجع حاد في سياسات إسرائيل الاجتماعية.
\r\n
\r\n
\r\n
المساعدة الأميركية
\r\n
\r\n
\r\n
اتخذت الحكومة الإسرائيلية مساري عمل، أولهما: البدء في سلسلة جديدة من تخفيضات الموازنة، حيث أجرت حتى ديسمبر 2004 ثمانية تخفيضات في ثلاث سنوات، وثانيهما: طلبت إسرائيل من الحكومة الأميركية المساعدة في جمع الأموال لتخفيض عجزها من خلال إعطاء ضمانات أميركية لإصدار سندات إسرائيلية في الخارج.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي غضون ثلاث سنوات، بين سبتمبر 2001 وسبتمبر 2004، أجرت الحكومة ثمانية تخفيضات في الموازنة بمقدار 60 مليار شيكل. وقد أصبحت هذه التخفيضات الوسيلة الأساسية التي تستخدمها حكومة شارون في معالجة الأزمة الإقتصادية الناجمة عن الانتفاضة. وقد تركت هذه التخفيضات أثراً عميقاً على المجتمع الإسرائيلي سيظل واضحاً لسنوات كثيرة مقبلة.
\r\n
\r\n
\r\n
إن الإجراء الآخر الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية لمعالجة أزمة الموازنة هو الطلب من حكومة الولايات المتحدة ضمانات لإصدار سندات في الخارج، لاستخدامها في سداد عجز الموازنة. واستجابت الحكومة الأميركية، لهذا الطلب وقدمت ضمانات بتسعة مليارات دولار. وبذلك كانت إسرائيل قادرة على تمويل العجز دون إثقال كاهل مواطنيها بالضرائب ودون رفع نسبة الفائدة على سندات السوق المحلي، وكان من شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة في نسبة الفائدة على القروض مما يؤثر سلباً على التجارة الداخلية.
\r\n
\r\n
\r\n
وكتب غاي رولتيك في صحيفة «هآرتس» في 22 يوليو 2003 يقول: «لقد وصلت إسرائيل هذا العام إلى النقطة التي احتاجت فيها بشدة لضمانات أميركية، فالحكومة بحاجة إلى شيكلات وليس إلى عملة أجنبية لتمويل عجز الموازنة لهذا العام والبالغ 30 مليار شيكل. والشيك الذي تلقاه المحاسب العام بقيمة ثلاثة مليارات دولار من الأميركيين سوف يودع فوراً في بنك إسرائيل المركزي مما يمكنه من سحب 5,13 مليار شيكل لتمويل العجز حتى نهاية 2003».
\r\n
\r\n
\r\n
وعليه، يمكن القول إن الإدارة الأميركية سمحت لإسرائيل القيام بعملياتها العسكرية ضد السلطة الفلسطينية. ولم تكن الحكومة الإسرائيلية مضطرة للتضييق على سوق المال المحلي أو رفع الضرائب مما كان سيضع الحكومة في أزمة مع الطبقة الثرية. وهذه هي الطبقة الوحيدة التي عندما تواجه خطر تحمل عبئاً مالياً أكبر، قد تكون قادرة على الضغط على الحكومة لإعادة النظر في سياستها تجاه المناطق الفلسطينية المحتلة.
\r\n
\r\n
\r\n
لم يكن طلب ضمانات القروض في عام 2003 هو المرة الأولى التي تطلب فيها الحكومة الأميركية هذا النوع من المساعدة من الولايات المتحدة. فقبل عشر سنوات، في عام 1992، وبالتحديد في عهد حكومة اسحق رابين، طلبت إسرائيل ضمانات أميركية لتمويل استيعاب آلاف المهاجرين الجدد من دول الاتحاد السوفييتي سابقاً.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي ذلك الحين، قالت الحكومة الأميركية إنها سوف تستجيب لهذا الطلب فقط إذا ما استجابت إسرائيل لتجميد النشاطات الاستيطانية في المناطق الفلسطينية. وعلى النقيض من ذلك، فإن الضمانات التي طلبتها الحكومة الإسرائيلية عام 2003 لم تستخدم لتطوير المجتمع أو الاقتصاد الإسرائيلي، وإنما استخدمت لتمويل استمرار الاحتلال، كما ساعدت الحكومة الإسرائيلية في إعفاء الأغنياء من تحمل أية أعباء مالية.
\r\n
\r\n
\r\n
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المساعدة الأميركية لم تكن مجانية. فمقابل هذه الضمانات، قدمت الحكومة الإسرائيلية عدداً من الالتزامات التي قد تلحق ضرراً كبيراً بجزء كبير من السكان الإسرائيليين. ومن هذه الضمانات: إبقاء عجز الموازنة أقل 5,2 بالمائة، وتخفيض أجور القطاع العام، وإجراء تغييرات في نظام التقاعد، وتخفيض علاوة الأطفال، وتوحيد السلطات المحلية والانتهاء من تخصيص كل من شركة العال، بيزيك، بنك ليوؤمي ومصافي النفط مع نهاية عام 2004.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الحقيقة أن معظم هذه الإلتزامات كانت إسرائيل مستعدة لفرضها على نفسها، لكن مجرد تضمين هذه الشروط الاتفاقية المكتوبة بين الحكومتين واشتراط تنفيذ إسرائيل لها لضمان حصولها على بقية الضمانات في السنوات المقبلة يعني أن إسرائيل التزمت مقدماً بتقييد حريتها في العمل. وقد يصبح هذا الأمر إشكالياً إذا ما أدى إلى تغيير سياسي وتشكيل حكومة ائتلافية ببرنامج اجتماعي واقتصادي مختلف عن برنامج أرييل شارون.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
في ذروة الانتفاضة الثانية عام 2002 وأثناء التخفيضات الكبيرة الأولى في الموازنة، رأت الحكومة أن من المناسب تخفيض الضرائب وكان هدف هذه التخفيضات هو محاباة ذوي الرواتب العالية. وبهذا تم فرض ضريبة على أرباح رأس المال، حيث تُعتبر إسرائيل من الدول الصناعية القليلة التي لا تفرض هذه الضريبة، كما تم تخفيض الهامش الإجمالي لنسبة الضريبة (ضريبة الدخل، اقتطاعات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي) من 60% إلى 47%. وعلاوة عن تخفيض ضريبة الدخل، قامت الحكومة بتخفيض ضريبة الشركات من 36% إلى 30%.
\r\n
\r\n
\r\n
وهكذا، ففي الوقت الذي كانت فيه حكومة شارون تخفض موازنتها لحل الانكماش في النشاط الاقتصادي نتيجة للانتفاضة، قامت بتخفيض الضرائب عن الشركات وأصحاب الرواتب المرتفعة. وفي هذا الوضع، فإن أهمية هذا الإجراء تكمن في إعفاء قطاع الأثرياء من تحمل أية أعباء مالية لمواجهة انعكاسات الانتفاضة، وبذلك تكون قد سهلت عليه الخروج من هذه العاصفة بسلام.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.