\r\n \r\n من نافلة القول ان توسيع الاتحاد الاوروبي كان هو السياسة الخارجية الاكثر نجاحا لاوروبا مع التسليم بتأثيره السياسي والاقتصادي الجدير بالاعتبار على الدول المرشحة في منطقته. غير انه في حالة تركيا فإن هذه الآثار تعد واحدا من الفشل الكبير والضار في السياسة الخارجية للاتحاد. \r\n تقريبا بمجرد ان وافق الاتحاد الاوروبي على فتح مفاوضات عضوية مع تركيا قبل ثلاث سنوات تحولت الاوضاع الى الاسوأ على الجانبين. فالاتحاد الاوروبي الذي تعرقله ازمته الدستورية قد اعياه التوسع مع مجموعة من رجال السياسة الذين يندفعون الى الاعلان ان تركيا لا يمكن لها بأي حال من الاحوال ان تنضم الى الاتحاد الاوروبي بغض النظر عما يتفق عليه زعماء الاتحاد الاوروبي. \r\n فتركيا التي فتحت فيها الاصلاحات الديمقراطية السريعة والاقتصادية وفي حقوق الانسان تحت حكم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الباب امام المحادثات في بداية 2005 لم تساعد على ابقاء المزاج السياسي باردا، حيث قبل وقت قريب كان الاتحاد الاوروبي وتركيا في حالة تصادم على جزيرة قبرص المقسمة والتي انضمت الى الاتحاد الاوروبي في 2004 على الرغم من عدم وجود اتفاق سلام. \r\n في نفس الوقت تباطأت الاصلاحات السياسية التركية وعاد العنف الى جنوب شرق تركيا الكردي وتم مقاضاة عشرات من الكتاب والصحفيين بموجب المادة 301 سيئة السمعة من قانون العقوبات التركي التي تمنع اهانة او التهجم على الطابع التركي ووصل ذلك اوجه في بداية هذا العام في عملية قتل الصحفي الارمني من اصل تركي هرنات دينك. \r\n في الوقت الذي اصدر فيه جنرالات تركيا تحذيرهم في نهاية ابريل الماضي والذي يعارض ضمنيا ترشح غول لرئاسة الدولة تفاءل القوميون المتعصبون في الاتحاد الاوروبي وتركيا بتبديد تركيا لفرصها في التوقيع على الدخول في نادي الاتحاد الاوروبي. \r\n غير ان تركيا لم تضيع فرصها. ففي يوليو الماضي اشتركت الاحزاب السياسية التركية في حملة انتخابية ديمقراطية قوية. وكان الاقبال عاليا. واظهر الناخبون الاتراك ما يعتقدون انه تدخل اخرق للجيش في السياسة واعادوا حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان الى السلطة بأغلبية متزايدة وصلت الى 46% من الاصوات. \r\n وحتى قبل ان يشكل مجلس وزرائه اعلن اردوغان انه ومستشاريه يعملون على صياغة دستور مدني جديد ليحل محل دستور 1981 ذي النزعة العسكرية. ويظهر هذا التحرك الجريء ان الحكومة الجديدة الواثقة والقوية سوف تتحرك الآن بسرعة في الاصلاحات السياسية. ومن المتوقع تغيير المادة 301. وكذلك يمكن ان يكون الموقف الاقل تشددا على الجنوب الشرقي أو اي تدخل عسكري او تصعيد في شمال العراق الامر محل التفضيل الكبير من قبل جنرالات تركيا. وفي غضون ذلك يزدهر الاقتصاد. \r\n اين اذاً الاتحاد الاوروبي؟ لسوء الحظ ثمة اشارة ضئيلة لاعداده سياسة خارجية تدعم التحديث الديمقراطي لهذا الجار الجيوستراتيجي الاساسي والعضو في حلف شمال الاطلنطي. واوضح الرئيس الجديد في الاتحاد نيكولا ساركوزي قبل وبعد انتخابه معارضته القوية للسماح لتركيا بالانضمام لاوروبا. وفي نهاية يونيو الماضي اوقفت فرنسا فتح مفاوضات عضوية مع تركيا على اليورو على المستوى القومي على اسس فنية غير ان السبب الحقيقي هو ان ساركوزي لا يريد ان تحصل تركيا على ما هو اكثر من \"عضوية مميزة\" مع اوروبا وليس عضوية كاملة في النادي. ودول اعضاء اخرى تجر قدميها او تراوغ وتتحدث بشكل عصبي في ردها لكنها لم تفعل شيء. \r\n في هذا الخريف من المتوقع ان تصدر المفوضية الاوروبية تقرير التقدم السنوي المهم بشكل كبير بشأن تركيا والذي سيرتكز على تجميد الاصلاحات في تركيا في العام الماضي. غير انه على الزعماء الاوروبيين وليس بيروقراطياتهم ان ينهضوا ويستجيبون للوضع السياسي الايجابي الجديد في تركيا. ويجب ان يكون موقف اوروبا واضحا: فإذا كان الاسلام والديمقراطية يمكنهما ان يضعا ايديهما في ايدي بعض فإن الامر يمكن ايضا ان ينطبق على الاسلام مع اوروبا من خلال محاولة تركيا الانضمام للنادي. \r\n غير ان الاتحاد الاوروبي في مأزق وليس ثمة احتمال بأن يصدر بيانا قويا مجددا بالتزام اوروبا بعضوية تركيا، حيث تعارض فرنسا الآن علانية. والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل وعلى الرغم من التزامها بسياسة ائتلافها بدعم تركيا إلا انها معروفة بأنها تفضل عضوية مميزة. \r\n \r\n في هذه الاثناء يبحث القبارصة اليونانيون الذين يعرقلون اي اتفاق لاعادة توحيد جزيرتهم عن وسائل لنقل نزاعهم المحدد مع تركيا الى المفاوضات الاوسع مع الاتحاد الاوروبي. \r\n وسوف يقر كثيرون في الاتحاد سواء كانوا مع او ضد التوسع بأن انضمام قبرص المقسمة الى الاتحاد الاوروبي كان خطأ. لكن خطأ صواب فإن 8 مجالات تفاوض مع تركيا تم تعليقها حاليا وذلك بسبب رفض تركيا السماح لسفن القبارصة اليونانيين بدخول موانيها. وقد جعلت عضوية الاتحاد الاوروبي فرص تسوية سلمية لقبرص قليلة الاحتمال بشكل كبير وهذا يمثل فشلا ذريعا للسياسة الخارجية سواء في حد ذاتها او بالنسبة لمستقبل العلاقات المستقبلية لاوروبا مع تركيا. \r\n لتركيا بعض الانصار الاوروبيين من بينهم المملكة المتحدة. غير ان بريطانيا ينظر إليها بشكل متزايد على انها عضو شبه منفصل عن الاتحاد وحظيت بقدر كبير من عدم المشاركة في سياسات الاتحاد الاوروبي في قمة يونيو الماضي. وفي الوقت الذي يتحدث فيه رئيس وزرائها الجديد غوردون براون عن مسحة دولية للاتحاد الاوروبي فإن ذلك يعني ان التغير المناخي والعولمة ستكون مقدمة على دبلوماسية ماهرة بشأن تركيا. \r\n لاسبانيا موقف ايجابي. وتنظر ايطاليا الى مزايا السياسة الخارجية في ضم تركيا غير ان رئيس وزرائها الاتحادي رومانو برودي قلق بشأن اي شيء يمكن ان يضعف الحملة صوب اوروبا منسجمة سياسيا بشكل اكبر. وهناك دول اعضاء اخرى من بلجيكا الى سلوفاكيا اقل تحمسا. \r\n اليونان حتى الآن مناصر مهم لمحاولة تركيا للانضمام وان كانت بعض الاصوات اليونانية التي يمكن سماعها تتساءل بشأن ما يمكن ان يحصلوا عليه من هذه السياسة وعما اذا كانت فكرة ساركوزي بعضوية مميزة قد لا تكون كافية تماما. \r\n ان هذا تشويش او مأزق للاتحاد الاوروبي غير ان له عواقب عالمية. وعلى الاتحاد الاوروبي ان يختار، حيث يستطيع ان يعلن مجددا التزامه بسياسة خارجية على مستوى عال بشأن محادثات عضوية مع تركيا مدعومة من قبل كل قادته. او ان يواصل جدله الداخلي بصوت عال بشأن ما اذا كان قراره بشأن فتح محادثات مع تركيا يجب ان يتم اتخاذه في الوقت الذي تستمر فيه فرنسا وقبرص وغيرهما في تقويض المحادثات وتكدير المناخ العام في تركيا. ويبدو الاختيار الاول غير محتم. غير انه لو كان الاختيار الآخر فإنه لن ينظر الى اوروبا على انها فشلت فقط في اكبر تحدٍّ لها في سياستها الخارجية في المنطقة بل انه يمكن ان يحمل ايضا نفوذا او قناعة اقل في اي مكان آخر يتدخل فيه الاتحاد. \r\n \r\n كيرستي هيغ* \r\n \r\n *باحث بارز سابق في مركز دراسات السياسة الاوروبية في بروكسل. خدمة (انترناشيونال هيرالد تريبيون نيويورك تايمز) خاص ب(الوطن)