\r\n وطبعاً تستحق هذه الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن العالمي ترحيباً دولياً ودعماً حقيقياً لإنجاحها. فرغم خلافاتهما المتعددة التي تطال مجموعة من القضايا تعلب كل من روسياوالولاياتالمتحدة دوراً محورياً في تفادي الإرهاب النووي، حيث جدد القائدان في قمة \"براتيسلافا\" تأكيدهما على \"المسؤولية التي يتحملها بلداهما من أجل ضمان سلامة السلاح النووي والمواد الانشطارية\". وتظهر المشاريع القائمة حالياً بشأن خفض الخطر النووي، فضلاً عن تعاونها الأخير في مجال الطاقة النووية والإرهاب النووي التطور المحرز في اتجاه الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم. \r\n \r\n وعلى مدى سنوات عديدة سعت روسيا إلى تعزيز مشاركتها في شبكة عالمية جديدة توفر خدمات الوقود النووي للدول التي ترغب في الاستفادة منها. وفي هذا السياق اقترح الرئيس بوتين خلال قمة مجموعة دول أوراسيا الاقتصادية بأن تتولى روسيا إلى جانب الدول الأخرى التي تمتلك التكنولوجيا النووية بيع وقود اليورانيوم بأسعار منخفضة إلى دول تفتقر إلى منشآت للتخصيب خاصة بها، شريطة أن تعيد تلك الدول الوقود المستعمل إلى الدول الأصل. وستقوم البلدان المزودة للوقود النووي بتخزينه وإعادة تدويره تحت الإشراف والمراقبة الدوليين. لكن رغم إبداء دول مثل تايوان وكوريا الجنوبية رغبتها في تخزين الوقود المستعمل لدى روسيا، فإنها تواجه عراقيل تفرضها اتفاقياتها مع الولاياتالمتحدة تمنع إرسال الوقود النووي المستعمل الذي كان مصدره أميركا إلى دولة أخرى دون ترخيص من واشنطن. ويقضي القانون الأميركي بضرورة التوصل إلى اتفاق منفصل بين الولاياتالمتحدةوروسيا حتى تمكن بموجبه الدول إرسال الوقود الأميركي المستعمل إلى روسيا. \r\n \r\n وقد تعذر التوصل إلى ذلك الاتفاق بين البلدين بسبب تعاون روسيا الأخير مع إيران في المجال النووي، وعزم روسيا تحويل الوقود المستعمل إلى بلوتونيوم. غير أن الحاجة لتكثيف التعاون الدولي للتصدي إلى أخطار الانتشار النووي، وخفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فضلاً عن الحاجة لإيجاد موارد بديلة للطاقة دفعت الولاياتالمتحدة مؤخراً إلى إعادة تقييم مواقفها السابقة. ولاشك أن استعادة الدول للوقود المستعمل سوف تحول دون استخدامه من قبل الدول المستفيدة وتقليص فرص إعادة تصنيعه واستخراج البلوتونيوم الذي يمكن استعماله لإنتاج السلاح النووي. بالإضافة إلى أن مساعدة الدول النامية على شراء الوقود النووي بأسعار منخفضة وإعادته إلى الدول المزودة لتخزينه سيجعلها في غنى عن تطوير قدرات محلية لتخصيب اليورانيوم. ومن دون توفر التكنولوجيا النووية الحساسة سيصعب على دول مثل إيران التذرع ببرنامج مدني لتخصيب اليورانيوم لإنتاج السلاح النووي. وفي هذه الحالة سوف تثير أية دولة ترفض الانخراط في برنامج استخدام الوقود النووي، ثم إعادته إلى دول المصدر قلق المجتمع الدولي، وستحوم الشكوك حول دوافعها الحقيقية. \r\n \r\n غير أن إيران رفضت -حتى الآن- تبني برنامج شراء الوقود النووي، حيث أشار قادتها إلى ظروف حرب لبنان، وبأن الوقت غير مناسب لمعالجة الوضع. ويصر المسؤولون الإيرانيون على حقهم في تطوير قدراتهم الذاتية لتخصيب اليورانيوم، وإنتاج وقودهم النووي، مما سيمكنهم لاحقاً من صناعة أسلحة الدمار الشامل. وقد أعرب المسؤولون الروس أنفسهم عن شكوكهم حيال إيران، وبأنها تستخدمهم في كسب الوقت والمضي في اتجاه التخصيب. لكن حتى من دون مشاركة إيران في البرنامج الجديد، فإن اقتراح روسيا بتزويد الدول النامية بالوقود النووي، بالإضافة إلى خدمة التخلص منه من شأنه الإسهام في منع الانتشار النووي والتقليل من أخطاره المحدقة. فعلى سبيل المثال سيؤدي الاقتراح الروسي إلى إزالة المواد الانشطارية من الدول التي لا تتمتع بالتجربة الروسية التي صقلتها سنوات طويلة من المساعدات في مجال حماية المنشآت النووية وضمان سلامتها. وتشير التقديرات إلى أن روسيا ستجني من 10 إلى 20 مليار دولار نتيجة بيعها للوقود النووي، حيث يتعين على الكونجرس الأميركي دعم التوقيع على اتفاق بين روسياوالولاياتالمتحدة يسمح لها بتخزين الوقود المستعمل على أن تخصص موسكو جزءاً من مداخيلها للمشروعات الرامية إلى منع الانتشار النووي. \r\n ريتشارد ويتز \r\n \r\n زميل ومدير مشارك في مركز الاستراتيجيات المستقبلية للأمن بمعهد هودسن الأميركي \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n