\r\n كما تأثر \"آبي\" على وجه الخصوص بمسار تحالف اليابان مع الولاياتالمتحدة. ففي عام 1960 جلس الطفل \"شينزو آبي\"، الذي كان يبلغ عمره حينها ست سنوات، في حضن جده رئيس الوزراء \"نوبوسوكي كيشي\"، بينما كان آلاف اليابانيين يتظاهرون في الخارج تعبيراً عن معارضتهم لأول اتفاقية أمنية تجمع بين اليابانوالولاياتالمتحدة. وكان \"نوبوسوكي كيشي\"، هو من قاد اليابان إلى الاتفاقية التي أثارت معارضة قوية وشرسة. ويتذكر \"آبي\" كيف أن جده فسر له وقتها أن التحالف مع الولاياتالمتحدة يمثل الخيار الأفضل بالنسبة للشعب الياباني. وبعد 46 عاماً على ذلك التاريخ، فإن يابانيين قليلين فقط من قد ينفون اليوم وجاهة هذا الاختيار والمزايا التي عاد بها التحالف على اليابان. \r\n \r\n وعبر تحديه للأوضاع الراهنة، تحول \"آبي\"، السياسي الشاب، من نكرة نسبياً إلى شخصية سياسية تحظى بتأييد اليابانيين ودعمهم. ففي مطلع التسعينيات، تحدى الحكومة حين قام بالتحقيق حول اختطاف مواطنين يابانيين من قبل كوريا الشمالية، ودعم جهود عائلاتهم من أجل إعادتهم إلى أرض الوطن. وبعد ذلك، كان \"آبي\" من بين الزعماء السياسيين اليابانيين الأوائل الذين انتقدوا الصين حول موضوعي الديمقراطية وحقوق الإنسان. \r\n \r\n في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، قاد \"آبي\" الجهود البرلمانية الرامية إلى التعاون مع حرب الولاياتالمتحدة على الإرهاب. وحول جميع هذه المواضيع، واجه رئيس وزراء اليابان الجديد في البداية معارضة قوية داخل اليابان، غير أنه سرعان ما فاز بتأييد قوي من قبل أغلبية اليابانيين. \r\n \r\n يعد جزءٌ مهم من العبء الذي تحملته اليابان خلال السنوات الحادية والستين الماضية مرتبطاً بنشاطها في الصين زمن الحرب. فبالرغم من أن اليابان قبلت بكل أحكام محكمة طوكيو لجرائم الحرب ومحاكم حرب إقليمية، ووقعت اتفاقية سان فرانسيسكو للسلام، فإن الصين بصفة خاصة دفعت بالآراء التي تضخم وتتناقض مع تلك الأحكام. \r\n \r\n ولئن كان \"آبي\"، قد اعترف صراحة بالأخطاء والفظاعات التي ارتكبتها اليابان إبان الحرب وعبر عن أسفه وندمه، فإنه كان من بين أوائل السياسيين الذين تساءلوا بخصوص صمت الحكومة حول هذه المزاعم المثيرة للعواطف والمفتقرة إلى أدلة، والذين ذكّروا بأن رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على السلطة في اليابان اعتذروا للصين رسمياً أكثر من 20 مرة عما ارتكبته اليابان من انتهاكات زمن الحرب. كما أعلن \"آبي\" أن واحداً من أولويات الحكومة هو تحسين العلاقات مع الصين، غير أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن \"المصالحة تحتاج إلى طرفين\". ونتيجة لذلك، يتطلع \"آبي\" اليوم كثيراً نحو الصين، التي قد تقبل يابان اليوم \"الديمقراطي\". \r\n \r\n في معظم فترات مرحلة ما بعد الحرب، تم كبت الحس الياباني بالهوية القومية وإدانته داخل اليابان. حيث تم إبعاد العلم والنشيد الوطنيين عن المدارس، واعتُبر التعبير عن الفخر في اليابان \"خطيراً\". والواقع أن لا أحد ينفي أن يكون هذا الأمر نتيجة للحرب المأساوية والمتهورة التي أغرقت فيها حكومة اليابان البلاد. غير أنها بالغت في ذلك كثيراً. ونتيجة لذلك، تسعى الحكومة اليوم، دون نسيان دروس التاريخ، وبدعم شعبي كبير، لأن تكون معتدلة وتنتهج سياسة معتدلة. \r\n \r\n \"القومي المتشدد\" توصيف تبنته بعض وسائل الإعلام الغربية التي بدت غير مرتاحة لترك القرن العشرين وراءها، وتعترف بديمقراطية اليابان الصلبة. والمرجح أنه يعزى إلى رغبة \"آبي\"، في تناول \"تابوه\" آخر من تابوهات مرحلة ما بعد الحرب، ألا وهو الإصلاح الدستوري. \r\n \r\n ويرمي مخطط حكومة \"آبي\" القاضي بمراجعة الدستور إلى ملء ثغرات الأمن القومي الياباني. ذلك أن دستور مرحلة ما بعد الحرب، الذي تمت صياغته من قبل سلطة الاحتلال الأميركي، يفرض قيوداً كان القصد منها منع اليابان من إعادة تشكيل قوة عسكرية، غير أن هذه القيود باتت تشكل اليوم عائقاً أمام أنشطة الدفاع القومي الشرعي وحفظ السلام اليوم؛ حيث لم تستطع قوات الدفاع الذاتي اليابانية مثلاً، والتي أرسلت إلى العراق بوصفها قوات دولية لحفظ السلام، المشاركة في المعركة بحكم الدستور؛ وكان من نتائج ذلك أن تولت القوات الهولندية والأسترالية حمايتها. وعلاوة على ذلك، فلن يكون بمقدور اليابان المساعدة في حال تعرضت الولاياتالمتحدة لهجوم في أي مكان في العالم باستثناء التراب الياباني. كما كرس إطلاق كوريا الشمالية لصواريخ فوق اليابان، وتوسع الصين في نشاطها العسكري بما في ذلك انتهاكاتها لمجال اليابان الجوي ومياهه الإقليمية، الشعور بالهشاشة والضعف. ونتيجة لذلك، باتت مطالب مراجعة الدستور تحظى بدعم متزايد للرأي العام الياباني. \r\n \r\n عملا بنصيحة جده، سيعمل \"آبي\" على المحافظة على دفاع اليابان المستقبلي داخل إطار تحالفه مع الولاياتالمتحدة. وسيجد الأميركيون، \"الجمهوريون\" منهم و\"الديمقراطيون\"، في رئيس الوزراء الجديد والشعبي صديقاً حديثاً وصريحاً وجديراً بالثقة. \r\n \r\n \r\n \r\n يوشيهيسا كوموري \r\n \r\n مراسل صحيفة \"سانكي شيمبون\" اليابانية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n