\r\n في ذلك اليوم قتل أكثر من 40 مدنيا عراقيا عدا الاعداد الكبيرة من الجرحى. \r\n \r\n قتل 11 جنديا بريطانيا في الشهر الماضي وهو أعلى رقم يسجل منذ سقوط بغداد قبل ثلاث سنوات، الآن عدد الجنود البريطانيين القتلى يزيد على 100 جندي في الوقت الذي يقترب الرقم الأميركي بسرعة من 2500 قتيل، أما عدد العراقيين القتلى فيتراوح على الاقل ما بين 30 - 40 ألف قتيل. \r\n \r\n إذا قورنت هذه الأرقام بأرقام الخسائر في الحروب التي شهدها القرن الماضي، فانها تعتبر قليلة للغاية ولكن المهم هو تبرير هذه الأرقام على قلتها، في السابق خضنا حروبا وكنا نعرف اسبابها ومبرراتها كما كما حصل في الحرب العالمية الثانية المشكلة في هذا النزاع هو ان لدينا شكوكا قوية عن الاهداف الحقيقية لهذه الحرب الكارثية في العراق. \r\n \r\n بلير لا يتحمل المسؤولية وحده عن الوجود البريطاني في العراق، فلقد كنت انا شخصيا ضمن غالبية أعضاء البرلمان الذين صوتوا لصالح الحرب. ويشعر المرء بكثير من الأسى الآن انه كان على خطأ في مواقفه، وعلى المرء في نفس الوقت ان يمتلك ما يكفي من الشجاعة ليقر بخطئة. \r\n \r\n ان الوضع الحالي لا يعفي بلير من خطأ قوله ان الاطاحة بصدام تبرر شن الحرب لقد صوت البرلمان لصالح الغزو من اجل تدمير اسلحة الدمار الشامل في العراق. وذكر الكثيرون من اعضاء البرلمان انهم لو علموا حقيقة ان العراق لا يمتلك تلك النوعية من الاسلحة لما صوتوا لصالح الحرب الذي جزمنا به هو ان ذلك الادعاء بشأن أسلحة الدمار الشامل كان زائفا من أساسه. \r\n \r\n حتى لو نظرنا من الزاوية الاوسع لمصالحنا ولمصالح الشعب العراقي نجد ان هذه الحرب فاشلة. المواقف الاميركية تجاه العراق اتسمت بالتردد حتى بعد الهجمات التي شنت على مركز التجارة الدولية في 1993. \r\n \r\n فقرارالرئيس بوش الأب عدم السير الى بغداد انهى حرب الخليج في 1991 وقدم الفرصة لصدام ليقف متحديا اميركا والافلات في نفس الوقت من العقاب. \r\n \r\n شعر الكثيرون مثلي انه قد حان الوقت المناسب لإعادة تأكيد مواقف الغرب والتصرف بفعالية كجهة واحدة. كان الإشارات الاولى مشجعة. الرئيس القذافي في ليبيا اعلن استنكاره للارهاب ووقف مصافحا بلير بالرغم من تورط عملائه في العديد من العمليات الارهابية في اوروبا ومنها إسقاط طائرة بان اميركان فوق لوكربي في اسكتلندا، بعد ثلاث سنوات على غزو العراق ظهر ان موقف الغرب كان سلبيا ولم يثمر سوى نتائج سيئة. \r\n \r\n لقد ظهرت الولاياتالمتحدة في موقف العاجز عن السيطرة على العراق او على افغانستان. الرأي العام الغربي بدأ يكفر بهذه الحرب وأبلغ دليل على ذلك الانخفاض الحاد في شعبية الرئيس بوش ووصولها الى مستويات متدنية لم يسبقها إليه اي رئيس اميركي سابق. \r\n \r\n الورطة الاميركية في العراق لها الكثير من التداعيات على السياسة الاميركية على سبيل المثال لم تعد ايران خائفة من وجود ما يزيد على مائة ألف جندي اميركي على حدودها فجيش صدام حسين كان يسبب لها قلقا اكبر، الآن طهران لا تخشى واشنطن وهي ماضية في تخصيب اليورانيوم مع إبداء قدر أكبر من التحدي. أميركا تستنكر المواقف الايرانية وتصف ايران بأنها بلد راع للإرهاب ومع ذلك يعلن بوش عن رغبته في إجراء محادثات مباشرة مع ايران. \r\n \r\n ان ما يحدث لهو مثال واضح على الضعف الاميركي وان كان ما فعله بوش هو الصواب لقد تخلت اميركا عمليا عن سياسة شن الضربات الاستباقية ضد الانظمة التي يشكل وجودها تهديدا لمصالحها والقبول بدل ذلك باستراتيجية ادارة حرب باردة والتلويح بالعقوبات الاقتصادية والأخذ بسياسة الاحتواء.حتى لو كنت لا تعتقد ان غزو العراق ساعد في تجنيد الارهابيين فإن الشيء المؤكد ان هذه الحرب استعدت الكثيرين على الغرب وجعلت من المصالح الغربية اهدافا لهم. \r\n \r\n الآن خسرت أميركا في العراق وفي افغانستان نفس العدد الذي سبق وان خسرته في هجمات سبتمبر في 2001. \r\n \r\n ليس من السهل على احد ان يجادل ويقول ان العراقيين استفادوا من تحرير الغرب لهم، فنظام صدام الذي كان يقمع الشعب مضى ولكن حياة الشعب العراقي لم تتحسن بل اصبحت اسوأ مما كانت عليه من قبل. في السابق كان العراقيون يقتلون على يد نظام صدام اما الآن فهناك الكثير من الجهات التي امتهنت قتل الشعب العراقي ومنها قوات الغزو التي تحولت الى قوات احتلال. \r\n \r\n محاولات الجنود البريطانيين تلطيف الاجواء في مدينة البصرة باءت بالفشل، فليس بوسع احد الثقة برجال الشرطة أو السياسيين المحليين الذين بدأ يتخذون مواقف عدائية تجاه الوجود البريطاني. ليس بوسع جنودنا فرض النظام على العراقيين ولا يشعر العراقيون في المقابل بالامتنان لما يفعله البريطانيون من اجلهم ما وصل ان الجنود البريطانيين تحولوا الى اهداف ايضا. \r\n \r\n المعنويات في صفوف القوات البريطانية والأميركية متدنية وما يقوله بوش وبلير حول تحسن الاوضاع في العراق لم يعد يصدقه احد. \r\n \r\n كان جميلا ان نرى العراقيين وهم يتوجهون الى صناديق الاقتراع ولكن ليس بوسع الحكومة العراقية استرداد الأمن والنظام. الاتهامات التي توجه الآن للقوات الأميركية بارتكاب المجازر في العراق في مدينتي الحديثة والاسحاقي ستلحق المزيد من الاضرار بمعنويات الجنود وبمواقف الغرب على العموم. والحقيقة ان مجزرة الحديثة قد تتسبب في قلب الرأي العام ضد الحرب كما وصل عقب ذبح المدنيين الفيتناميين في قرية ماي لاي في 1968، حيث وقف الأميركيون بعدها ضد الحرب واستمرارها. \r\n \r\n الأميركيون سيطلبون معرفة الحقيقة وحتى الآن لا يوجد هناك تحقيقات مستقلة فيما يتعلق بالاساءات التي حدثت في سجن ابوغريب أو في المجزرة التي حدثت في الحديثة كون البنتاغون لا يسمح بذلك. \r\n \r\n اذا ما اعترف بلير بأن الحرب كانت خطأ فإن هذا الأمر سيرحب به ولكن سيكون في نفس الوقت ليس سوى اصدار شهادة وفاة سياسية له ولرئاسة الحكومة.انا لا اطالب بالانسحاب الفوري فهذا شيء لا يظهر سوى ضعف الغرب وتردده. ان أميركا لن تخسر 55 الف جندي في العراق كما حصل لها من قبل في فيتنام ولكن النزاع في العراق يفيدنا ويشل حركتنا على التحرك لكثير من السنوات. \r\n \r\n لقد انتهت الحرب في فيتنام بقيام الطائرات المروحية الأميركية بالتقاط المارينز من على سقف السفارة الأميركية في سايغون التي اجتاحها رجال الفيتغونغ وقد نرى تكرارا لهذا المنظر في المنطقة الخضراء في بغداد. \r\n