وأشار جيدي إلى أن أعضاء البرلمان التابعين له يعقدون اجتماعاً في أحد المخازن، غير بعيد عن منزل رئيس الوزراء المحصن في بيداوا، حيث يناقشون مخططات لجنة المصالحة التي من المرتقب أن تقوم بجولة عبر أرجاء البلاد في محاولة لتضميد جراح أزيد من عشر سنوات من الاقتتال. غير أن جيدي أقر، بعدما فرغ من قراءة قائمته، بأن مهمة صعبة في انتظارهم. \r\n \r\n ذلك أن تجدد أعمال العنف بالعاصمة مقديشو أودى بحياة أزيد من 300 شخص هذا العام، وتسبب في نزوح الآلاف وسط ادعاءات تفيد بأن عملاء أميركيين يعملون سراً على تمويل ائتلاف زعماء الحرب الذين يتحاربون مع الجماعات الإسلامية وينافسونها على النفوذ في البلاد، وإن كانت الجماعات المعروفة ب\"اتحاد المحاكم الشرعية\" أعلنت أول من أمس الاثنين بسط سيطرتها الكاملة على العاصمة. وقد دفعت هذه الادعاءات نحو 5000 شخص إلى الخروج يوم الجمعة الماضي إلى الشوارع في مظاهرة احتجاجية، رافعين شعارات مناهضة للولايات المتحدة. \r\n \r\n ويعد جهد البرلمان الأخير من بين نحو 14 محاولة لإعادة السلام إلى الصومال، هذا البلد الذي لم يشهد حكومة فعالة منذ الإطاحة بالرئيس السابق زياد بري في 1991. ومنذ ذلك الحين، عمل زعماء الحرب على تقسيم البلاد إلى مناطق خاضعة لنفوذهم، جاعلين من الصومال منطقة محظورة على قوات الأممالمتحدة منذ 1995. \r\n \r\n ومما يذكر أن انسحاب قوات الأممالمتحدة جاء بعد حادث \"إسقاط بلاك هوك\" قبل عامين من ذلك التاريخ، حينما باءت مهمة أميركية كانت تروم خطف واحد من الرجال الأقوياء في الصومال من ذوي النفوذ بالفشل، حيث تم إسقاط طائرتي هيلوكبتر من طراز \"بلاك هوك\"، فيما قتل 18 جندياً أميركياً على أيدي مقاتلي مقديشو. \r\n \r\n واليوم ها هي مقديشو مشتعلة من جديد، ما يطرح تحدياً كبيراً أمام الرجل المكلف بإدارة البلاد. ويقول جيدي: عندما أنشأنا \"مؤسسات الصومال الفيدرالية الانتقالية\"، لم نكن نتوقع أن يتجدد الاقتتال في جميع أرجاء البلاد، وخصوصاً في العاصمة مقديشو، مضيفاً: \"نحن قلقون إزاء ما يعنيه هذا بالنسبة لعملنا هنا، ومن المحزن جداً أن زعماء الحرب مازالوا بعد 16 عاماً موجودين، يدمرون الممتلكات، ويقتلون الناس الأبرياء والأطفال والنساء والعجزة ومنظمات المجتمع المدني\". \r\n \r\n ومما يذكر أيضاً أنه في الوقت الذي بدأ فيه البرلمان عقد أولى جلساته في الحادي عشر من فبراير، شكل 11 زعيم حرب ائتلافاً لمحاربة الجماعات الإسلامية الأصولية، التي تسيطر اليوم على 80 في المئة من العاصمة. ويقول أعضاء \"التحالف من أجل إعادة السلام ومحاربة الإرهاب\" إنهم يحاولون استئصال أعضاء \"القاعدة\" من المدينة، قائلين إن لديهم أدلة على أن مقاتلين أجانب يقاتلون إلى جانب المليشيات الإسلامية. \r\n \r\n ومن جانبه، يرى محمد أفرح، وهو واحد من أربعة وزراء منشقين انضموا إلى الائتلاف، أن الحكومة فشلت في مواجهة الخطر، قائلاً في تصريح عبر الهاتف من العاصمة مقديشو: \"من الضروري مواجهة الإرهاب الذي يواصل نموه في هذه البلاد على حساب التنمية وأمن الشعب الصومالي\"، مضيفاً: \"والحقيقة أن الجهود الفردية لا تكفي لمواجهة هذا الخطر، ولذلك قررنا إنشاء هذا التحالف\". \r\n \r\n غير أن إنشاء التحالف أثار أخباراً تفيد بأنه يتلقى دعماً مالياً سرياً من الولاياتالمتحدة، التي كانت تخشى دائماً أن تتحول مقديشو إلى مكان آمن للإرهابيين. وحسب عدد من المسؤولين الصوماليين، فإن الرأي العام يشعر بغضب عارم على خلفية الأخبار التي تفيد بأنشطة أميركية على التراب الصومالي. وفي هذا السياق، يقول محمد عبدي، وزير الإعلام: \"ليست لدينا أدلة تؤكد ذلك أو تنفيه، غير أن الجميع يعتقد أن ذلك صحيح. وهو ما يُعقِّد مهمة الحكومة أكثر\". \r\n \r\n وحتى الآن، لم يوافق المسؤولون الأميركيون على التعليق مباشرة على هذه الادعاءات، حيث رفض ويليان بيلامي، سفير الولاياتالمتحدة في الجارة كينيا، إجراء حوار حول الموضوع، غير أنه رأى أنه ربما من الأنسب الرد عبر وسائل أخرى. \r\n \r\n ففي رسالة إلى صحيفة \"ديلي نيشن\" الكينية، كتب السفير يقول إن الولاياتالمتحدة لا تتحمل مسؤولية تصاعد أعمال العنف، مضيفاً: \"صحيح أن الولاياتالمتحدة شجعت عدداً من المجموعات في الصومال، في جميع أنحاء البلاد ومن جميع الفصائل، لمعارضة وجود لتنظيم \"القاعدة\" في الصومال، ورفض النشطاء الصوماليين الذين يوفرون الحماية والمأوى لأولئك الإرهابيين\". \r\n \r\n وعودة إلى مدينة بيداوا، حيث يتردد صدى صوت إطلاق النار في الشوارع التي تملؤها العربات التي تجرها الحمير، حيث يقول محمد نوريني بكار، وزير الطاقة: \"إن تقديم الدعم لأطراف أخرى لا يحل المشكلة. وفي حال أعلنوا أنهم يساعدون أطرافاً أخرى، فالأكيد أن ذلك سيضعف حكومتنا هنا\". \r\n \r\n \r\n روب كريلي \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في بيداوا بالصومال \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n