عندما تستفسر رئيس الوزراء علي محمد جيدي حول ما حققته حكومته الصومالية الفتية منذ فبراير _تاريخ تسلم مهامها في هذا البلد المضطرب الذي أمضي 15 عاماً من دون حكومة يقرأ علي مسامعك قائمة من اللجان التي تم تشكيلها والقوانين التي تمت صياغتها والبرامج التي تم التخطيط لها. وأشار جيدي إلي أن أعضاء البرلمان التابعين له يعقدون اجتماعاً في أحد المخازن، غير بعيد عن منزل رئيس الوزراء المحصن في بيداوا، حيث يناقشون مخططات لجنة المصالحة التي من المرتقب أن تقوم بجولة عبر أرجاء البلاد في محاولة لتضميد جراح أزيد من عشر سنوات من الاقتتال. غير أن جيدي أقر، بعدما فرغ من قراءة قائمته، بأن مهمة صعبة في انتظارهم. ذلك أن تجدد أعمال العنف بالعاصمة مقديشو أودي بحياة أزيد من 300 شخص هذا العام، وتسبب في نزوح الآلاف وسط ادعاءات تفيد بأن عملاء أمريكيين يعملون سراً علي تمويل ائتلاف زعماء الحرب الذين يتحاربون مع الجماعات الإسلامية وينافسونها علي النفوذ في البلاد، وإن كانت الجماعات المعروفة ب اتحاد المحاكم الشرعية" أعلنت أول من أمس الاثنين بسط سيطرتها الكاملة علي العاصمة. وقد دفعت هذه الادعاءات نحو 5000 شخص إلي الخروج يوم الجمعة الماضي إلي الشوارع في مظاهرة احتجاجية، رافعين شعارات مناهضة للولايات المتحدة. ويعد جهد البرلمان الأخير من بين نحو 14 محاولة لإعادة السلام إلي الصومال، هذا البلد الذي لم يشهد حكومة فعالة منذ الإطاحة بالرئيس السابق زياد بري في 1991. ومنذ ذلك الحين، عمل زعماء الحرب علي تقسيم البلاد إلي مناطق خاضعة لنفوذهم، جاعلين من الصومال منطقة محظورة علي قوات الأممالمتحدة منذ 1995. ومما يذكر أن انسحاب قوات الأممالمتحدة جاء بعد حادث "إسقاط بلاك هوك" قبل عامين من ذلك التاريخ، حينما باءت مهمة أمريكية كانت تروم خطف واحد من الرجال الأقوياء في الصومال من ذوي النفوذ بالفشل، حيث تم إسقاط طائرتي هيلوكبتر من طراز "بلاك هوك"، فيما قتل 18 جندياً أمريكياً علي أيدي مقاتلي مقديشو. ومن جانبه، يري محمد أفرح، وهو واحد من أربعة وزراء منشقين انضموا إلي الائتلاف، أن الحكومة فشلت في مواجهة الخطر، قائلاً في تصريح عبر الهاتف من العاصمة مقديشو: "من الضروري مواجهة الإرهاب الذي يواصل نموه في هذه البلاد علي حساب التنمية وأمن الشعب الصومالي"، مضيفاً: "والحقيقة أن الجهود الفردية لا تكفي لمواجهة هذا الخطر، ولذلك قررنا إنشاء هذا التحالف". غير أن إنشاء التحالف أثار أخباراً تفيد بأنه يتلقي دعماً مالياً سرياً من الولاياتالمتحدة، التي كانت تخشي دائماً أن تتحول مقديشو إلي مكان آمن للإرهابيين. وحسب عدد من المسئولين الصوماليين، فإن الرأي العام يشعر بغضب عارم علي خلفية الأخبار التي تفيد بأنشطة أمريكية علي التراب الصومالي. وفي هذا السياق، يقول محمد عبدي، وزير الإعلام: "ليست لدينا أدلة تؤكد ذلك أو تنفيه، غير أن الجميع يعتقد أن ذلك صحيح. وهو ما يعقِّد مهمة الحكومة أكثر".