لقد تغير الوضع منذ بداية الولاية الثانية للرئيس بوش، اذ يبدو ان واشنطن قد اكتشفت او اعادت اكتشاف هاجس مرضي آخر بجانب هاجس الشرق الاوسط: تنامي قوة الصين. \r\n \r\n وعلى مستوى وزارة الخارجية الاميركية يسود توجه باعادة الاهتمام بآسيا لاحتواء النفوذ الصيني الاقليمي المتزايد الناتج عن النمو الاقتصادي لهذه الدولة لذلك كانت زيارة وزيرة الخارجية الاميركية لدول آسيا الكبرى والتي شملت كلا من الهند والصين واليابان. ولقد علق احد سفراء الدول الآسيوية لدى الأممالمتحدة على ذلك بقوله «اميركا تعيد تصحيح مسارها» وذلك بتحويل بعض اهتمامها من «الارهاب» الى امور استراتيجية اهم مثل العلاقات مع الصين والانتباه الى حقائق نمو الصين كقوة عظمى. \r\n \r\n ويبدو ان اعادة الاهتمام بآسيا قد اسعدت الكثير من خبراء آسيا في واشنطن وبنفس القدر اصدقاء اميركا المنسيين في جنوب شرق آسيا. وحتى في ذروة الغزو الاميركي للعراق فان خبراء وزارة الخارجية والبنتاغون لاحظوا كيف استفادت الصين وكوريا الجنوبية من محدودية تفكير الرئيس بوش وتركيزه المنفرد على صدام حسين. \r\n \r\n ان الامر يحتاج الى خطة وترتيب دقيق للأولويات بدلا من اهدار المال والدماء لمحاربة التهديد النووي العراقي الذي اتضح فيما بعد انه لم يكن موجودا اصلا. وفي نفس الوقت السماح لكوريا الجنوبية بمواصلة تطوير الاسلحة النووية الحقيقية واهمال امر قادة الصين واعطائهم مطلق الحرية لا لسبب الا لانهم قدموا انفسهم كحلفاء في الحرب ضد الارهاب. \r\n \r\n الآن تحتاج الصين الى النفط والمصادر الاخرى وذلك لتغذية ثورتها الصناعية ولهذا السبب مددت نفوذها الى آسيا واميركا اللاتينية وافريقيا والشرق الاوسط. قد توصف دبلوماسيتها بأنها خرقاء لكنها عضو دائم في مجلس الامن وقد تستخدم حق النقض «الفيتو» لحماية مصالحها النفطية في ايران والسودان. \r\n \r\n قبل انتخاب الرئيس بوش عام 2000 وقبل ان يختطف الارهاب الاجندة الاميركية حدد الرئيس بوش وكوندوليزا رايس الصين «منافسا استراتيجيا» وقد كانا محقين في ذلك، فان الصين هي القوة العظمى في المستقبل، لكن الخطير في الامر ان تستمر اميركا في التخبط مثلما فعلت في السنوات الماضية. فلقد كان خطأ جسيما ان تهمل اميركا الصين وشرق آسيا خلال السنوات الماضية لكن سيكون من الغباء ان تهول اميركا امر القوة الصينية وأن تنجر وراء اشاعات «التهديد الصيني» التي تدور في اروقة نيويورك هذه الايام. ومما يدل على هذا الهوس المشؤوم تحويل قصة مجموعة صينية وشرائها قسم الكمبيوتر في شركة «IBM» مقابل 75.1 مليار دولار الى لجنة الاستخبارات الاميركية الخاصة بالاستثمارات الخارجية علما بأنها لم تكن صفقة تحتوي على تقنية عالية وانما مجرد اجهزة كمبيوتر، لكن يبدو ان هذه هي عادة المحافظين الاميركيين الذين بدأوا الآن بتشبيه النمو الصيني الحالي بظهور القومية والعسكرية اليابانية في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي. وهو حكم قاس بكافة المقاييس. \r\n \r\n فالصين تستخدم نفوذها الاقتصادي لتقوي قبضتها على آسيا وهو حق مشروع طالما انها تفتح اسواقها للتجارة والاستثمار، ثانيا تركز الصين على تطوير نفسها وتنميتها ولا تبحث عن مغامرات خارج حدودها. \r\n \r\n ان تجاهل الصين خطأ بكل تأكيد لكن تحويلها الى شيطان يثير الخوف والرعب امر خاطئ ومرفوض. \r\n