ولكن سؤالا بدأ يطرح بإلحاح متزايد: هل يتعين على القوات الأميركية الرحيل؟ \r\n هناك حجج عدة لصالح الخروج أو على الأقل تحديد جدول زمني لذلك. فالوضع الراهن غير مقبول. ويشير التاريخ، من الجزائر الى فيتنام، الى أنه ما من حل عسكري ممكن لتمرد ينتشر. فالهجوم الرئيسي المضاد يستدعي عددا اضافيا للقوات في العراق البالغ عددها حاليا 138 ألفا، وهو أفق لا يجتذب أيا من السياسيين. \r\n ان قرارا بالانسحاب سيركز أذهان العراقيين، وربما جيرانهم، على الحاجة الى التشبث بجدية بمسألة تحقيق الأمن والنظام السياسي الشامل. وسيؤدي ذلك الى ابعاد هدف رئيسي للمتمردين، وهو «الأميركيون الكفار»، وبالتالي الزعم بتقويض قضيتهم. \r\n وقال ليزلي غيلب الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ان «خطة انسحاب تقول للعراقيين: أنتم تريدون هذا البلد ان يكون بلدكم. ولهذا فانه يتعين ان تجروا الصفقة الملائمة التي تبقيه موحدا». ويضيف ليزلي «اذا كنا هناك للقتال فانهم لن يفعلوا ذلك. ولهذا فانه لا بد من تحديد جدول زمني». \r\n ولكن الحجج المضادة قوية أيضا. فالانسحاب في ظل غياب الاستقرار يمكن أن يرقى الى الاعتراف المدمر بالفشل ويوجه ضربة لزعامة أميركا للعالم التي تهتز مصداقيتها في ظروف تجاوز عدد القتلى الأميركيين في العراق الألف. \r\n وقد ينحدر العراق نحو حرب اهلية وينقسم الى ثلاثة أقسام; كردي وشيعي وثالث غالبيته سنية. ويمكن أن تتدخل الدول المجاورة خصوصا ايران وتركيا. وستجتذب الدولة الفاشلة الارهابيين كما يجتذب اناء العسل النحل. \r\n وهناك سابقة لمثل هذه التراجع. فعندما انسحب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان بمواجهة تمرد عنيد سرعان ما اصبحت كابل مركزا للارهاب. واستولت حركة طالبان على السلطة ووفرت ملاذا ل«القاعدة» ومعسكرات لتدريب الارهابيين. وكان أن أدت مغامرة السوفيات في افغانستان الى ضعف ظلوا يعانون منه حتى الآن. \r\n فهل هذه هي الصدمة التي تريدها الولاياتالمتحدة من غزوها للعراق؟ \r\n قال فيليب غوردن من معهد بروكينغز ان «العراق يمكن أن يكون أسوأ من أفغانستان ما بعد العهد السوفياتي. ويؤكد ذلك نفطه وموقعه الاستراتيجي المهم. لقد سحبت الحرب الأهلية اللبنانية سورية، وعلى النحو ذاته فان الحرب الأهلية الناجمة عن انسحاب اميركي يمكن أن تسحب ايران وتركيا. وسيشهد المرء نزاعا اثنيا يمكن أن يجعل كوسوفو مجرد نزهة. انه لمن العسير تخيل السوء الذي يحصل لو اننا رحلنا». \r\n وفي ظل حكم الرئيس الأميركي جورج بوش يبدو أفق مثل هذا الانسحاب بعيدا في الوقت الحالي. فلم يظهر الرئيس أي دليل على تردد في موقفه السابق الذي يؤكد البقاء وهو ما ابلغ به علاوي الأسبوع الحالي. \r\n أما جون كيري، المرشح الديمقراطي، فقد حاول اتخاذ موقف متميز، مسيرا الى انه يسعى الى اعادة القوات الأميركية الى البلاد في غضون اربع سنوات ابتداء من العام المقبل. ولكن بينما شن هجوما على ما وصفه بعجز الادارة الكارثي كان حذرا بشأن قضية الانسحاب. \r\n ودعا ريتشارد هولبروك، مستشار كيري لشؤون السياسة الخارجية الى اتخاذ اجراءات سياسية وليس حل الأمور عسكريا. وهو ما لا يقبله القادة العسكريون في العراق الذين يركزون على التطوير السريع للجيش العراقي. وقد أبلغ قائد القيادة الوسطى المسؤولة عن العراق جون أبي زيد الكونغرس الأسبوع الماضي بأن هناك حاجة الى مزيد من القوات لضمان اجراء عملية الانتخابات في العراق التي من المنتظر ان تجري في يناير المقبل. وعبر عن أمله في ان تتمكن قوات عراقية ودولية من اداء المهمة. \r\n وهناك عامل آخر وراء فكرة التعزيزات المحتملة للقوات. فمناطق وسط العراق، الواقعة في ما يسمى المثلث السني، لم تعد تحت سيطرة الحكومة. ويتعين استعادتها في وقت قد لا يتجاوز نهاية العام الحالي. وربما لا يكون هذا ممكنا مع المستويات الحالية للقوات. \r\n ويأمل القادة العسكريون الأميركيون ان يتمكن الجيش العراقي الوليد، الذي يضم 50 ألفا حاليا ويتوقع ان يصل الى 145 ألفا بحلول يناير المقبل حسب علاوي، من اداء المهمة وبالتالي حراسة مدن مثل الفلوجة هي الآن معاقل للتمرد. وينظر الى استعادة مناطق مثل الفلوجة باعتبارها مسألة ملحة لأنها توفر ملاذا لنشاط المقاومة وعملياتها. \r\n وقال خافيير سولانا، الأمين العام السابق لحلف الناتو والذي يعمل حاليا مسؤولا عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي «اما أن تغادروا أو تسيطروا على البلاد». واضاف في مقابلة موجزة مخاطبا عددا من كبار المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم الأسبوع الماضي اثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك «لا يمكنكم أن تكونوا في وضع كهذا». \r\n غير أن عوامل عدة تؤدي الى تعقيد موقف مدرسة الداعين الى البقاء. فالاستياء من أميركا وصل الى حد بحيث ان أي عراقيين، وبينهم علاوي، ممن يتحالفون مع الولاياتالمتحدة يمكن أن يواجهوا آفاقا سياسية كئيبة على المدى البعيد، ناهيكم من قضية البقاء على قيد الحياة. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز»