\r\n لكن تشديد القبضة على المتمردين من قبل الامريكيين وحلفائهم لم يؤد الا الى دخولهم في المعضلة الكلاسيكية التي تواجهها جميع الحكومات التي تتصدى لمواجهة حروب العصابات وهي انك ان خفضت الوطأة تنامى التمرد, وان حملت عليه فقدت تأييد السكان, وفي حالة الامريكيين, تضاف الى طرفي المعضلة الاساسيين الحاجة الى كسر الحلقة قبل حلول شهر كانون الثاني وهو الموعد المحدد لاجراء الانتخابات العامة في العراق. \r\n \r\n يوم الاحد الماضي, تميزت الضربات التي تلقاها الامريكيون على يد المتمردين بتعدد اساليبها واشكالها, فقد كانت هناك الهجمات الانتحارية, والصواريخ, وقذائف الهاون, وكانت معظم تلك الهجمات دقيقة في اصابة اهدافها, وقد بدا كما لو ان بعض الهجمات لم تكن موجهة لانزال الضرر بالامريكيين بل لاستفزازهم وحملهم على اظهار المبالغ في ردود الفعل بهدف توسيع الهوة بينهم وبين المواطنين العراقيين العاديين. \r\n \r\n السؤال عن المدة التي سيستغرقها تمسك الامريكيين باستراتيجيتهم العدائىة الجديدة لا يملك جواباً جاهزاً. ففي شهر نيسان الماضي اضطر الامريكيون الذين كانوا يهاجمون الفلوجة الى ايقاف الهجوم والسماح لجماعات المتمردين بالسيطرة على الموقف تحت ضغط الخسائر المرتفعة. \r\n \r\n واليوم, والموقف المتشدد ما يزال في بدايته, بدأت هذه الاستراتيجية بتوليد ردود الفعل المعاكسة. فعندما اندلعت المواجهة يوم الاحد وقام الامريكيون بتوجيه قصف جوي نفذته مروحيتان على منطقة المواجهة وسقوط العديد من العراقيين بين قتيل وجريح, وجد الامريكيون على الارض انهم قد خلقوا لانفسهم من الاعداء ما يزيد على عدد الاصدقاء. \r\n \r\n احد الذين شهدوا المعركة من العراقيين اخبر مراسلنا ان الامريكيين حين يرودن على مثل هذه الهجمات بانهم لن يصيبوا الاشخاص الذين هاجموهم, انما يقع غضبهم على المدنيين المتواجدين في المنطقة. ثم اضاف يقول: »ولهذا السبب نجد العراقيين يكرهون الامريكيين الى هذا الحد, ويحبون المجاهدين«. \r\n \r\n من جانب آخر, يمكن للقبضة الامريكية الحديدية في العراق ان تثير غضب حلفاء امريكا في المنطقة. ففي يوم الاثنين اعلن عبدالله غول, وزير الخارجية التركي, ان حكومتة سوف تلغي اي تعاون مع الولاياتالمتحدة في العراق اذا لم يوقف الجيش الامريكي قصفه لمدينة تلعفر المدينة الشمالية التي قتل فيها اكثر من 50 عراقياً تركمانياً في خلال الاسبوعين الاخيريين. \r\n \r\n كما ان الاستراتيجية الامريكية المتشددة باتت تضغط على الحكومة العراقية المؤقتة فقد اعلن مكتب رئيس الحكومة المؤقتة اياد علاوي يوم الاثنين عن اعفاء مستشار الامن القومي موفق الربيعي من منصبه واحلال قاسم داوود,, وهو احد المقربين من علاوي, محله. ورغم ان الاسباب المحددة لاقصاء الربيعي لم تعلن على الملأ, فان من المعروف ان خلافات حادة نشبت بين علاوي والربيعي حول كيفية القضاء على التمرد وخصوصاً حول كيفية التعامل مع مقتدى الصدر, حيث يفضل الربيعي احتواء الصدر ضمن العملية السياسية, في حين يطالب علاوي باستسلام الصدر اولاً. \r\n \r\n ومن بين المشاكل الملحة التي تواجه كلاً من علاوي والقوات الامريكية في العراق, موضع شرعية الانتخابات القادمة في كانون الثاني المقبل. \r\n \r\n فقد ظل الامريكيون طويلاً يتوقعون ان يؤدي اجراء انتخابات ديمقراطية الى امتصاص الغضب الموجه ضدهم من صدور العراقيين. لكن الدبلوماسيين الامريكيين انتهوا الى الاعتراف بان اجراء الانتخابات في مدن خاضعة لسيطرة المتمردين امر لا يبدو واقعياً واقل ما فيه ان عدداً كبيراً من الناخبين لن يشاركوا في الانتخابات اذا ما اجريت في ظرف مماثل للظروف السائدة حالياً. \r\n \r\n من جانبه, يقول حارث الضاري, رئيس هيئة علماء المسلمين ذات النفوذ الواسع, ان العراقيين لا يعتمدون كثيراً على تلك الانتخابات فالمهم, في نظره, هو تحديد موعد لانسحاب الامريكيين من العراق, لان ذلك, حسب ما يقول السيد الضاري »هو الحل الوحيد«. \r\n \r\n في هذه الاثناء, يحذر عدد من الزعماء السياسيين في العراق القوات الامريكية من المقاومة العنيفة التي سوف تواجهها اثناء سعيها لاستعادة السيطرة على المدن التي اصبحت محرمة عليها وهم يشيرون الى ما جرى في مدينة الصدر كمثال على ما يقولون ففي شهر نيسان الماضي كما في الشهر الحالي, اظهرت الميليشيات التابعة للسيد مقتدى الصدر والمعروفة باسم »جيش المهدي« انها قادرة على الاستيلاء على مدن كبرى في جنوب العراق مثل البصرة, والعمارة, والديوانية. \r\n \r\n ويقول الضباط البريطانيون الذين اشتبكوا في قتال مع جيش المهدي في تلك المدن انه ما لم يتم اقناع السيد مقتدى الصدر بحل ذلك الجيش, فانه سيظل قادراً على افساد انتخابات كانون الثاني القادم بغض النظر عن عدد الخسائر التي يمكن ان تتكبدها قواته. \r\n \r\n ولهذا السبب تسعى القوات الامريكية اليوم, من خلال هجماتها البرية والجوية المتلاحقة على مدينة الصدر في بغداد, الى تحقيق حلم حكومة علاوي ورغبة القادة الامريكيين باكراه الصدر على نزع سلاحه في الوقت الذي ما يزال فيه اتباعه ومساعدوه المستنزفون والمجهدون يرفضون ذلك. \r\n \r\n ويرى السيد حارث الضاري ان الجهود المبذولة لاخضاع العراقيين عن طريق استخدام البندقية سوف تنتهي الى الفشل. تماماً كما انتهت جهود مماثلة مارسها البريطانيون ضد الشعب العراقي في اعقاب الحرب العالمية الاولى.ويقول الضاري :»عندما تضغط على العراقيين وتؤذيهم, فانك بذلك تدفعهم الى ان يحاربوك بعزيمة اشد, وليست فكرة اللجوء الى القوة وحدها كأداة لتهدئة العراقيين الا وهماً كاذباً«.0 \r\n \r\n عن: نيوريوك تايمز«