\r\n \r\n صحيح ان الرئيس بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد قد وجدا نفسيهما مضطرين لتقديم الاعتذارات المتتالية ازاء اساءة معاملة المعتقلين العراقيين داخل زنزانات معتقل ابو غريب, لكن مثل هذه الاعتذارات ليست ولن تكون كافية ما لم تعقبها قرارات شجاعة باقالة من تسببوا بها بدءا من القمة وانتهاء بالقاعدة. فرامسفيلد الذي تتصاعد المطالب والدعوات باستقالته وتحمله المسؤولية المباشرة عن هذه الفضيحة, رفض هذه المطالب والدعوات, تماما كما رفضها الرئيس بوش, مكتفيان فقط بالقول ان هناك خططا جارية لتعويض الضحايا من السجناء. \r\n \r\n \r\n ولكن ليس من المحتمل ان يقلل اعتذارهما من الاضرار الفادحة التي لحقت بالموقف الامريكي, الامر الذي سيعقد الجهود الامريكية المبذولة لفرض الاستقرار في العراق والترويج للديمقراطية في الشرق الاوسط ضمن اهداف اخرى تسعى وراءها تلك الادارة. \r\n \r\n وطبقا لما يراه رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور جون وارنر, فإن التقارير الخاصة بالانتهاكات وبالممارسات التي كشف النقاب عنها مؤخرا في سجن ابو غريب يمكن ان تؤثر بصورة خطيرة في علاقات الولاياتالمتحدة مع دول العالم الاخرى. وفي مسار الحرب التي تشنها امريكا ضد الارهاب, كما وتعرض منتسبي القوات المسلحة رجالا ونساء الذين يخدمون في معظم انحاء العالم للخطر. \r\n \r\n اما السناتور كارل ليفين, عضو اللجنة المذكورة فقد رأى من جانبه بأن هذه الانتهاكات والممارسات تجعل احتمالات النجاح في العراق اشد صعوبة حتى مما هو قائم الآن. \r\n \r\n وسبق للرئيس الامريكي بوش ان هاجم العراق عقب هجمات الحادي عشر من ايلول عام ,2001 تماما كما هاجم افغانستان وشبكة القاعدة من قبل تحت ستار الحرب على الارهاب وتدمير اسلحة الدمار الشامل والاطاحة بنظام صدام حسين. \r\n \r\n لكنه وبعد الفشل في العثور على هذه الاسلحة, عاد وعدل من مبرراته حيث اخذ يركز على ما ادعاه بسجل التعذيب والحاجة الى نشر الديمقراطية في العالمين العربي والاسلامي من خلال النموذج العراقي. \r\n \r\n وسيحاول الرئيس بوش فيما تبقى له من آمال للبقاء في البيت الابيض انقاذ ما يمكن انقاذه قبل انتخابات الرئاسة الامريكية, كشف النقاب عن مبادرة الشرق الاوسط الكبير وذلك خلال ثلاثة مؤتمرات قمة ستعقد في شهر حزيران القادم, اضافة الى الترويج للديمقراطية التي يريد فرضها على العالم على الطريقة الامريكية. \r\n \r\n وهو ينطلق في هذا الاعتقاد من ان الولاياتالمتحدة تعتبر القوة العظمى الاولى في العالم ولا يزال لديها قدرات سياسية واقتصادية هائلة تستطيع توظيفها على المسرح الدولي. ومع ذلك يعتقد بعض المسؤولين في واشنطن بأن القدرات الامريكية للسعي وراء اهداف معينة ربما قد تتأثر بسبب فضيحة سوء معاملة المعتقلين في السجون الامريكية في العراق. \r\n \r\n ويصر المسؤولون الامريكيون على ان نسبة ضئيلة من القوات الامريكية التي ترابط في العراق التي يبلغ عدد افرادها حوالي 140 الف جندي يمكن ان تكون قد تورطت في هذه الانتهاكات وان سجل العراق في القمع كان اسوأ من ذلك بكثير في عهد النظام السابق. \r\n \r\n الا انه ليست هناك صور معروفة لما كان يرتكب في السجون العراقية خلال عهد صدام حسين, ومن ثم يخشى المسؤولون الامريكيون من ان صور التعذيب على الصفحات الاولى للصحف والمجلات في شتى انحاء العالم ستبقى شعارا متواصلا ومزعجا للغزو وللاحتلال الامريكي للعراق, رغم ان الرئيس بوش ومنافسه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة جون كيري وآخرين يصرون على ان الولاياتالمتحدة ستواصل احتلالها للعراق مهما كانت النتائج والتحديات والتضحيات. \r\n \r\n وسبق للبنتاغون ان الغى تحت وطأة الخسائر البشرية المتصاعدة في صفوف القوات الامريكية والمتحالفة معها, خطة لخفض قواتها, رغم انها ستحافظ على 138 الف جندي في العراق حتى نهاية عام ,2005 على الاقل حتى بعد نقل السيادة للعراقيين في نهاية شهر حزيران القادم. الا انه حتى قبل تفجر الفضيحة, لا يزال يدور جدل بشأن ما اذا كان يتعين على الولاياتالمتحدة اعادة النظر في اهدافها في العراق. \r\n \r\n ويرى المحللون السياسيون الامريكيون في هذا الصدد بإن ابقاء الاحتلال الامريكي في العراق الى اجل غير محدد في مثل هده الظروف. يمكن ان يؤدي الى اعباء اكثر وحرج اشد للولايات المتحدة وان وضع امريكا كقوة عظمى يمكن ان لا يتحمل انسحابا مبكرا من العراق. \r\n \r\n ويقولون ان الموقف في العراق يتفاقم, كما ان الامريكيين لا يستطيعون مواجهة القضايا الحقيقية لفترة طويلة من الزمن وان على امريكا ان تنتظر ما يمكن ان تصل اليه تطورات المواجهات الجارية حاليا على الساحة العراقية وخاصة في المدن المقدسة مثل النجف وكربلاء والفلوجة, حيث تواجه القوات الامريكية تحديات هناك . \r\n \r\n ويقول الباحث والخبير الامريكي في معهد الابحاث الخاص بدراسات الكونغرس كنيث كاتزمان انه يعتقد بأن الولاياتالمتحدة ربما تكون قد فقدت بدرجة كبيرة تأييد مختلف شرائح الشعب العراقي. \r\n \r\n وفي موقف تحاول فيه الولاياتالمتحدة اقامة الديمقراطية على طريقتها الخاصة وبناء هيكل سياسي جديد, فإن المطلوب يكمن في تأييد فعال من جانب الشعب العراقي, ودون ذلك فإن كل الجهود التي ستبذلها لتحقيق هذه الاهداف ستكون صعبة وبعيدة التحقيق.0 \r\n \r\n عن: »دير شبيغل« الالمانية. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n