لم تكن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عن إسرائيل الكبرى زلة لسان، لأنه كان يقصد ما يقوله تماما، ويعى أنه يخاطب الشعب الإسرائيلي بما يحب أن يسمع، فهو يغازل الناخب الإسرائيلي للحصول على صوته في الانتخابات القادمة، وفى نفس الوقت - وفى قرارة نفسه - يعرف أنه يقول كلاما للاستهلاك المحلي، وأنه لا يستطيع الاقتراب من مصر، خوفَا من جيشها القوى القادر على نسف الحلم الإسرائيلي وتحويله إلى كابوس مرعب، يعيد للكيان المحتل مرارة وذل الهزيمة التى تجرعها فى حرب السادس من أكتوبر 1973، والتى نسفت مقولة «الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر».. كما رأى العالم صور الجنود الإسرائيليين الأسرى الذين أعادتهم مصر لتل أبيب وهم يرتدون البيجامات الكستور من إنتاج شركة غزل المحلة لإذلالهم. لو كانت إسرائيل تستطيع النيل من أرض مصر وشعبها لما ترددت، خاصة بعد أن عربدت بقوتها الغاشمة فى المنطقة، حيث استغلت الخطأ الكبير الذى ارتكبته حماس فى السابع من أكتوبر 2023 بالهجوم على بعض المستوطنات الإسرائيلية وقتل عدد من الإسرائيلين وأسر آخرين لشن هجوم بربرى على قطاع غزة، وتدميره بالكامل، وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ثم هاجمت جنوبلبنان وتخلصت من قيادات حزب الله، وهاجمت إيران بقوة، وضربت مواقع الحوثيين فى اليمن، واحتلت جزءا كبيرا من سوريا، لكنها لم تستطع الاقتراب من مصر، لأنها تعلم أن النتائج ستكون مؤلمة لها، وتعلم أنه منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر وهو يحرص على تحديث وتقوية الجيش المصري، وزيادة قدرته من أجل الدفاع والحفاظ على أرض الوطن وحماية مقدراته، وردع من يحاول المساس بتراب مصر. نتنياهو قال إنه يشعر بأنه فى «مهمة تاريخية وروحية» وأنه متمسك «جداً» برؤية إسرائيل الكبرى، التي تشمل الأراضى الفلسطينية، «وربما أيضاً مناطق من الأردن ومصر».. وقد ظهر مصطلح «إسرائيل الكبرى» بعد حرب 5 يونيو 1967 للإشارة إلى إسرائيل والمناطق التى احتلتها، والتى تضم القدسالشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان، كما يشير مصطلح «إسرائيل الكبرى» إلى الحدود التوراتية من زمن الملك سليمان، التى يُفترض أنها تشمل حاليا الضفة الغربيةالمحتلة، إضافة إلى أجزاء من الدول المجاورة لإسرائيل مثل الأردنولبنانوسوريا. نتنياهو يحاول من خلال هذه التصريحات المستفزة التغطية على فشله فى استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وفشل محاولات تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال؛ حيث فشل ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلى الذى يضم 60 عضوًا، «أقل من الأغلبية فى الكنيست المكون من 120 مقعدًا» فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد خدمة جنود الاحتياط، بالإضافة إلى الانتقادات الشديدة من المعارضة بقيادة يائير لابيد، بخلاف الانتقادات والإدانات الدولية الشديدة وبشكل غير مسبوق لجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. مصر قابلت هذه التصريحات بغضب شديد، مطالبة عبر بيان وزارة الخارجية بإيضاحات لذلك فى ظل ما يعكسه هذا الأمر من إثارة لعدم الاستقرار، وتوجه إسرائيلى رافض لتبنى خيار السلام بالمنطقة، والإصرار على التصعيد، ويتعارض مع تطلعات الأطراف الإقليمية والدولية المحبة للسلام والراغبة فى تحقيق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة. وأعلنت مصر أنها تؤكد حرصها على إرساء السلام فى الشرق الأوسط، وتدين ما أثير ببعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول ما يسمى «إسرائيل الكبرى». وأكدت مصر أنه لا سبيل لتحقيق السلام إلا من خلال العودة إلى المفاوضات وإنهاء الحرب على غزة وصولا لإقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية على أساس حل الدولتين والقرارات الدولية ذات الصلة.